شكوك حول مصداقية زهير الصديق في قضية اغتيال الحريري

التحقيق مع الصديق جرى في قصر رفعت الاسد!!* ميليس يستغرب لماذا رفضت الاستخبارات الأميركية تسليمه بعض الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية

شكوك حول مصداقية زهير الصديق في قضية اغتيال الحريري
ترك تقرير المحقق الدولي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس، ردود فعل وأصداء إعلامية واسعة في ألمانيا تركّز معظمها على استرجاع تاريخ ديتليف ميليس المهني وعلى الإشادة بكفاءته، إلا أن الأبرز في هذه الأصداء ما تنشره مجلة <<درشبيغل>> الألمانية في عددها الجديد (يصدر غدا الإثنين) حيث تشير إلى أن المحقق الدولي ديتليف ميليس وقع ضحية شاهد رئيسي هو صاحب سوابق ومحكوم بالاحتيال عدة مرات، ويشتبه بكونه مدفوعا من جهاز استخبارات.

وتشير <<درشبيغل>> إلى أن الشاهد الرئيسي زهير الصديق (42 عاما) محكوم بتهمة عدم الائتمان على المال وبتهمة الغشّ، وتضيف المجلة الألمانية أيضا بأن عددا من المحققين الدوليين التابعين لفريق عمل ديتليف ميليس يشككون في مصداقية الشاهد السوري.

وتنقل المجلة الألمانية عن مصادر في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تأكيدها أن الشاهد زهير الصديق كاذب، وتكشف المصادر جانبا من أقوال الشاهد الصديق والتي ادعى فيها أنه غادر بيروت قبل شهر من وقوع حادثة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، لكنه عاد ليؤكد في نهاية شهر أيلول أنه كان مشاركا في مسار عملية الاغتيال.

والجديد اللافت في خبر <<درشبيغل>> هو توقّعها أن يكون <<الشاهد الرئيسي>> زهير الصديق قد تلقى أموالا من <<طرف ثالث>> لقاء شهادته الكاذبة.

وبالإضافة إلى مصادر لجنة التحقيق الدولية تسند مجلة <<درشبيغل>> خبرها وتعزّزه بما أفاد به شقيق زهير الصديق، بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من أخيه زهير من باريس في نهاية فصل الصيف ليزفّ إليه الخبر الآتي:<<الآن أصبحت مليونيرا>>!.

والأبرز في خبر مجلة <<درشبيغل>> الألمانية ذكرها أن <<شكوكا تحوم حول دور قام به المعارض رفعت الأسد (عم الرئيس السوري بشار الأسد) في تأمين الربط بين المحقق الدولي ديتليف ميليس والشاهد زهير الصديق>> في قصره في ماربيللا. وتشير <<درشبيغل>> إلى بعض ما ادعى به الشاهد زهير الصديق أمام لجنة التحقيق الدولية بأنه عرض منزله في منطقة خلدة (ضواحي بيروت) لعقد سلسلة اجتماعات شارك فيها ضباط استخبارات سوريون لتحضير عملية الاغتيال. وأفاد الصديق أيضا أمام لجنة التحقيق، بأنه عمل على جمع معلومات عن أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان لصالح الاستخبارات السورية..

وفي هذا السياق أيضا، تذكر <<درشبيغل>> أن الحكومة السورية كانت قد جمعت قبل أسابيع ملفا كاملا حول شخصية زهير الصديق وعرضته على العديد من الحكومات الغربية لتبيان الثغرات والمطبات التي وقع فيها ديتليف ميليس!.

وتحت عنوان <<باي باي.. حريري>> تنشر مجلة <<درشبيغل>> في عددها الصادر غدا الإثنين، عرضا مطولا لأبرز النقاط في تقرير لجنة التحقيق الدولية، لتشير إلى أن أبرز المتهمين الضالعين في عملية الاغتيال هو العميد السوري رستم غزالة الذي كان مسؤولا عن الارتباط بين الأجهزة الأمنية. وتشير تفاصيل العرض في المجلة الألمانية إلى ما حواه تقرير لجنة التحقيق الدولية من معلومات حول الخلاف بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري وعن آخر وساطة فاشلة قام بها نائب وزير الخارجية السورية السفير وليد المعلم إلى الرئيس الراحل وما تضمنته هذه الوساطة من تهديد مبطن..

ويعتبر عرض مجلة <<درشبيغل>> أن شبكة الاتصال الهاتفي هي أهم الأدلة التي يملكها ديتليف ميليس وهي تقود إلى <<نواة>> المؤامرة التي تتشكل من خلية خمسة مسؤولين أمنيين (أربعة منهم حاليا في السجن، باستثناء رستم غزالة)، لم تنحصر مهمتهم بالتخطيط فقط، بل أيضا بدفع المال وشراء أجهزة الهاتف والسيارات والأسلحة وسواها..

وتعتبر مجلة <<درشبيغل>> أن أبرز الإدانات في تقرير لجنة التحقيق الدولية تستند إلى أقوال شاهدين: الأول، رجل أمن سوري سابق أبلغ المحقق الدولي عن حصول عدة اجتماعات حصلت في دمشق بهدف التخطيط لعملية الاغتيال، بعضها في القصر الجمهوري السوري بحضور شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، الذي يقود قوات الحرس الجمهوري وبحضور صهر الرئيس السوري مسؤول الاستخبارات العسكرية آصف شوكت... وهنا تشير مجلة <<درشبيغل>> إلى شكوك تساور المحقق الدولي ديتليف ميليس حول صحة هذه المعلومات، وهو يتحفظ حولها لإطلاعها لاحقا على مجلس الأمن الدولي.

وتفيد مجلة <<درشبيغل>> في عددها الجديد أن المحقق الدولي ديتليف ميليس تلقى في مطلع شهر تموز الماضي اتصالا هاتفيا من المملكة العربية السعودية يفيد عبره المتحدث، واسمه زهير الصديق، بأن لديه معلومات هامة حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري.. على أثر هذا الاتصال التقى المحققون الدوليون الشاهد زهير الصديق في مكان ما في المنتجع الإسباني <<ماربيللا>>... تقول <<درشبيغل>>.. <<كان هذا الشاهد بالنسبة لديتليف ميليس بمثابة ورقة يانصيب رابحة>>...

تنقل <<درشبيغل>> أن الشاهد الصديق كان يملك منزلا في منطقة خلدة المجاورة لبيروت وكان هذا المنزل بحسب أقوال الصديق بمثابة غرفة عمليات لتخطيط عملية الاغتيال.. المجتمعون بحسب أقوال الصديق كانوا: أربعة لبنانيين بعضهم في الاعتقال وسبعة رجال استخبارات سوريين...

ويأتي في عرض مجلة <<درشبيغل>> أن الشاهد زهير الصديق يأتي من منطقة <<التضامن>> الفقيرة في دمشق، ومنزل عائلته في بناية من ثلاثة طوابق شبه مهملة.. أخواه، عمر وعماد، عماد يعرض أمام محرري مجلة <<درشبيغل>> صورة لأخيه زهير على الشاطئ وعلى رأسه شعر مستعار (بروكة) ويقول عنه: هذا هو المحتال، الذي غادر العائلة وهو في الثامنة عشرة من عمره ونصب المال على العالم وحوكم بسبب التزوير وتصرفاته الاحتيالية>>..

ويعتقد عماد، شقيق زهير بأن لا ارتباط لأخيه زهير بأجهزة الاستخبارات السورية بل ادعى ذلك ليعطي لنفسه أهمية كشاهد (يقول زهير للمحققين الدوليين إنه قام بجمع معلومات عن المخيمات الفلسطينية لصالح الاستخبارات السورية)..
وفي مطلع شهر آب اتصل زهير الصديق بأخيه عماد من باريس وأبلغه أنه أصبح مليونيرا..

وتذهب مجلة <<درشبيغل>> إلى القول بأن زهير الصديق اختفى لاحقا عن أنظار لجنة التحقيق الدولية!.. وتضيف المجلة الألمانية ما يلي: <<كان زهير الصديق بحماية الاستخبارات الفرنسية ويتقاضى أموالا من شخص من محيط عائلة الحريري>>.. وتكمل المجلة بأن الواسطة لتقديم زهير الصديق إلى ديتليف ميليس كان المعارض للنظام السوري رفعت الأسد، عمّ الرئيس السوري بشار! وتعتبر المجلة الألمانية أن رفعت كان طامعا بالسلطة ولديه رغبة بتشويه سمعة النظام في سوريا... واللافت للنظر هنا هو تأكيد مجلة <<درشبيغل>> أن التحقيقات مع الشاهد زهير الصديق تمت عند رفعت.. في ماربيللا!!.

تذكر المجلة الألمانية (غدا الإثنين) أن الشكوك تساور المحققين ومنهم ديتليف ميليس حول شهادة زهير الصديق، وأن ميليس فرمل اندفاعه وراء أقوال الصديق يوم الإثنين الماضي وطلب من السلطات الفرنسية اعتقاله... ومن الشكوك التي تساور لجنة التحقيق، كذب الشاهد الذي ادعى خطيا في بداية التحقيقات أنه كان في دائرة المشاركين في التخطيط لعملية الاغتيال وكان دوره سائق سيارة!. هكذا.. بالنسبة إلى المحقق ميليس تحول الشاهد الصديق إلى متهم كذوب!.

تحقيقات ميليس في دمشق مع المسؤولين الأمنيين السوريين كانت في فندق <<مونتي روزا>> (منتصف الطريق بين بيروت ودمشق) بحراسة حوالى مئة رجل أمن وفي الجناح رقم 323.

تقول <<درشبيغل>>... لكن عوضا عن استلام ديتليف ميليس الملفات التي يطلبها من السوريين، راح السفير وليد المعلم يتحدث بروح مرحة عن علاقته الجيدة بالرئيس الراحل الحريري.. أوقفه ميليس وطلب منه تحديد تفاصيل ما جرى في اجتماعه الأول في مطلع شهر شباط مع الرئيس الراحل الحريري (ميليس يملك تسجيلا صوتيا للحوار بين الإثنين) فأجاب المعلم أن اللقاء كان <<بناءً ومفيدا>> لا أكثر!.. وملف الحوار مع رفيق الحريري؟ لا يوجد أي ملف بهذا الخصوص!
بعد التحقيق مع السفير وليد المعلم، دخل رستم غزالة (تصفه المجلة الألمانية ب<<الدموي العنيف>>)... غزاله وصف أمام ميليس علاقته بالرئيس الراحل الحريري <<بكلمات رقيقة أجمل من تلك التي استخدمها السفير المعلم>> (وتقول درشبيغل: كانت تلك أكاذيب سمجة).

تذكر مجلة <<درشبيغل>> غدا، أن المحقق الدولي ديتليف ميليس يملك ضد رستم غزاله دليلا هاما: شاحنة <<الميتسوبيشي>> التي حوت شحنة الديناميت: الغطاسون البريطانيون انتشلوا من شاطئ بيروت (قرب فندق السان جورج) قسما من محرك الشاحنة المعنية.. لقد سرقت هذه الشاحنة من اليابان في شهر أوكتوبر العام 2004 ودخلت مشحونة إلى سوريا (شاهد تعرف إلى الشاحنة قبل عملية الاغتيال متوقفة أمام منطقة عسكرية سورية في قرية حمانا حيث يتوقع <<تجهيزها>> هناك بالمتفجرات)... يتوقع ديتليف ميليس وفريق محققيه أن انتحاريا قادها.. والدليل الآخر ضد رستم غزالة أن شاهدا رأى أحمد أبو عدس، الذي ظهر في شريط الفيديو ليعلن مسؤوليته، في عنجر... أي عند رستم غزالة (درشبيغل)!.

تشير مجلة <<درشبيغل>> إلى توفر أدلة كثيرة لكنها ناقصة ومن دون رابط قانوني وثيق.. وتضيف بأن ميليس يعلم ذلك وهو يأسف لعدم تقديم المساعدة المرجوة من قبل أجهزة أمنية ناشطة في المنطقة، وخاصة <<سي آي أيه>> والاستخبارات الفرنسية والموساد الإسرائيلي.. ويستغرب ميليس لماذا رفضت الاستخبارات الأميركية تسليمه بعض الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية!...
وتختم <<درشبيغل>> بالقول <<إن السؤال المركزي هو الآتي: <<هل تطال خيوط المؤامرة القصر الجمهوري في سوريا؟>>.

وأسئلة أخرى حول انتحار غازي كنعان الذي كان موثوقا من نظام بشار الأسد، والذي كان ديتليف ميليس قد استجوبه قبل انتحاره في شهر أيلول الماضي والذي أكد لميليس أثناء التحقيق: أن البحث في الأسباب يتعدى السياسة ليصل إلى الفساد الذي لعب الدور الاكبر!..

.. وبعد استعراض طويل لاحتمالات المواقف الدولية ضد سوريا، تشير <<درشبيغل>> إلى التجربة الدولية مع النظام الليبي، الذي حقق الاستدارة السياسية المطلوبة منه: 180 درجة!!. وتتوقع المجلة الألمانية أن تخرج وزيرة الخارجية الأميركية من جعبتها قرارا سريعا على طاولة مجلس الأمن الدولي في طليعة بنوده... تجميد الأرصدة المالية للسياسيين السوريين!
وتتوقع المجلة الألمانية <<موسم انتحارات>> في سوريا وموسم قبض <<على الخونة>>.. كما أكد السفير السوري المعتمد لدى ألمانيا حسين عمران للمجلة الألمانية في الحديث عن رستم غزاله <<فهو بمتناولنا عند الضرورة>>!.

التعليقات