في بريطانيا وأمريكا: شبح الحرب على العراق يخيم على سوريا

هناك كثير من العناصر المشتركة - عمل المفتشين الدوليين، في الوقت الذي تجمع الجهات الاستخبارية فيه معلومات لمساندة القضية، ونفي السلطات في كلا البلدين لوجود أسلحة دمار شامل، أو ضلوعها في هجوم كيماوي، ثم محادثات هاتفية في وقت متأخر من الليل لتوفير الدعم الدولي للإجراء المراد، ثم تشكك الرأي العام.

في بريطانيا وأمريكا: شبح الحرب على العراق يخيم على سوريا

 

بينما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى كسب التأييد الدبلوماسي بشأن الأزمة السورية، ردد البعض ما حدث في فترة الإعداد للحرب على العراق في عام 2003.

فكيف تحدد ذكرى تلك الحرب مجرى الأحداث اليوم؟

هناك كثير من العناصر المشتركة - عمل المفتشين الدوليين، في الوقت الذي تجمع الجهات الاستخبارية فيه معلومات لمساندة القضية، ونفي السلطات في كلا البلدين لوجود أسلحة دمار شامل، أو ضلوعها في هجوم كيماوي، ثم محادثات هاتفية في وقت متأخر من الليل لتوفير الدعم الدولي للإجراء المراد، ثم تشكك الرأي العام.

وقد يظن البعض أن أحداث 2003 تتكرر مرة أخرى، لكن المشاركين فيها هذه المرة هم أوباما، وكاميرون، والأسد، بدلا من بوش، وبلير، وصدام.

ومع لك، فلا تزال بعض الصور مفقودة. فقد شارك نحو مليون شخص في مظاهرات في شوارع لندن في فبراير/شباط 2003 آنذاك، وكانت تلك أكبر مسيرة تذكر العاصمة مشاهدتها.

ولكن بعد عدة أسابيع مضى احتلال العراق قدما. وأدى هذا إلى حدوث صدمة لدى كثير من البريطانيين حيال الديمقراطية، وشعر كثير منهم - خاصة من شاركوا في تلك المسيرة - بتحررهم من الوهم، بعد تتابع الأحداث.

فقد استقال ثلاثة وزراء بريطانيين بسبب ما عرف آنذاك بـ"الملف المضلل" الذي استخدم لمساندة خوض بريطانيا الحرب.
المشاعر بعد 11 سبتمبر

وقد فشل عدد من التحقيقات القانونية في تخفيف حدة الغضب المتزايد في الوقت الذي كان يفتش فيه عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، تلك الأسلحة التي كانت أساس الاحتلال، ولم يكشف التفتيش عن شيء. ثم أوقفت أمريكا البحث عنها في عام 2005.

وقبل الاحتلال غصت شوارع البلدان الأوربية بمسيرات حاشدة، لكن هذا لم يحدث في أمريكا، كما يقول جيمس تروب الصحفي في مجلة "السياسة الخارجية".

غير أن بعض الأمريكيين - رغم ذلك - كانوا يعتقدون أن الاحتلال فكرة سيئة، ويقول تروب إننا كنا نعتقد أن الخروج إلى الشوارع عمل غير وطني، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار مشاعر الناس بعد 11 سبتمبر/أيلول.

أما هذه المرة، فهناك إحساس عارم بعدم الجدوى. ما حدث في العراق - كما يقول بول شولت، الذي كان من بين مفوضي نزع السلاح الدوليين في العراق قبل الاحتلال - يزيد الجدال بشأن سوريا التهابا.

فقد أوجد حالة من التحفظ الزائد بين أعضاء مجلس العموم البريطاني الذين سيصوتون على اتخاذ عمل عسكري.

"العراق ليس مكانا أفضل"

ولايزال هناك جدل بشأن وضع العراق بعد الاحتلال، وهل هو مكان أفضل الآن، غير أن الجمهور في أمريكا وبريطانيا لا يزال مقتنعا بأن الحرب فشلت، وهذا الاعتقاد فيما يبدو يؤثر في الرأي العام بشأن الأزمة السورية.

ولا يزال الجمهور البريطاني يعتقد - كما يقول توبي دودج الخبير في العراق - أن البلاد خاضت حربا مبنية على ذريعة كاذبة، ولم تجعل العراق مكانا أفضل، فلماذا نكرر هذا مرة أخرى؟

ولاتزال ذكريات حرب العراق ماثلة أيضا في أذهان القادة العسكريين، الذين عبروا عن تحفظ إزاء قضية سوريا، لكن هذا - كما يقول دودج - ليس هو الحال مع السياسيين البريطانيين الداعين إلى التدخل في سوريا.

وبعض كبار السياسيين يجدون صعوبة في محاولاتهم إيجاد فروق الحالتين.

ومن هؤلاء نائب رئيس الوزراء البريطاني نك كليغ، الذي عارض حزبه - حزب الديمقراطيين الأحرار - الحرب على العراق، والذي رصد خمسة فروق بين الحالتين في خطاب وزعه على أعضاء الحزب.

من هذه الفروق "أن استخدام أسلحة كيماوية يعد جريمة حرب، ولا خلاف أن تلك الأسلحة قد استخدمت".

معسكران للرأي العام

أما في أمريكا، فبالنسبة إلى الرأي العام حيال سوريا، يوجد معسكران مناهضان لاتخاذ عمل عسكري، وكلاهما متأثر بالحرب في العراق وأفغانستان، كما يقول باري بافيل، المساعد الخاص السابق للرئيس السابق جورج بوش، والرئيس أوباما في الشؤون الأمن القومي.

يقول بافيل إن احد المعسكرين سئم من محاولة الولايات المتحدة حل مشكلات الآخرين دون أي عائد.

أما الآخر فيشغل تفكيره أسر العسكريين التي تحتاج إلى عقود للتغلب على فقد أبنائها، أو معاناة المصابين منهم في المعارك.
غير أن لما يعرف بمرض "متلازمة العراق" آثارا - كما يقول بافيل - أوسع نطاقا.

التعليقات