اليونان: تصويت في ظل خشية من المجهول

منذ ساعات الصباح الأولى، وقف اليونانيون من شبان ومسنين، أمام مراكز الاقتراع متلهفين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء من شأنه أن يحدد مستقبل بلادهم وتوجهاتها الاقتصادية.

اليونان: تصويت في ظل خشية من المجهول

تسيبراس يدلي بصوته صباح اليوم (أ ف ب)

منذ ساعات الصباح الأولى، وقف اليونانيون من شبان ومسنين، أمام مراكز الاقتراع متلهفين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء من شأنه أن يحدد مستقبل بلادهم وتوجهاتها الاقتصادية.

والتصويت بـ'لا' في الاستفتاء يعني رفض المزيد من إجراءات التقشف التي تنص عليها خطة المساعدة المقترحة من الجهات الدائنة، وقد يؤدي ذلك إلى خروج اليونان من منطقة اليورو لتدخل في المجهول.

ويقف ميخاليس (80 عاما) في أول الصف الطويل من المقترعين بانتظار التصويت في مدرسة ابتدائية في وسط أثينا، ويقول: 'سأصوت بلا لأني اعتقد أن ذلك أفضل للبلاد (...) إذا صوتنا بلا، فإنهم يأخذوننا أكثر على محمل الجد'، مضيفا: 'أنا لا أصوت من أجل نفسي، بل من أجل أحفادي' ومستقبلهم.

ودعت الحكومة اليونانية من اليسار الراديكالي وعلى رأسها اليكسيس تسيبراس إلى التصويت بـ'لا' على خطة مساعدة 'مهينة' اقترحتها الجهات الدائنة المتمثلة بالاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

لكن يخشى الكثير من اليونانيين من أن يؤدي التصويت بـ'لا' إلى عودة الدراخما، عملة البلاد قبل اعتماد اليورو في العام 2011. وفعليا ظهرت خلال الأيام الماضية زيادة الدعم للخطة الأوروبية.

ثيودورا على سبيل المثال، الصحافية المتقاعدة في الـ61 من العمر، قالت إنها ستصوت 'نعم' لأنه ذلك يعني 'نعم للاتحاد الأوروبي'. وتابعت: 'أصلي لكي تفوز النعم، فإن فوز المعسكر الثاني يعني بداية النهاية'.

ولفتت ثيودورا إلى أن السياسة، التي اتبعتها الحكومة الأسبوع الحالي في فرض رقابة على حركة الرساميل ومنع المواطنين من سحب أكثر من 60 يورو يوميا من آليات الصرف، أغضبت اليونانيين.

وتابعت: 'أنا أكثر من غاضبة جراء ما يحدث، أن أقف في صف طويل للحصول على 60 يورو، حيث أن الغد مجهول بالنسبة لي، ما هي هذه الحياة'؟

وفي مركز الاقتراع الواقع في شارع سكوفا في أثينا، يدلي المواطنون بأصواتهم للإجابة 'نعم' أو 'لا' على سؤال معقد من 74 كلمة حول موقفهم من خطة المساعدة. ووقف عناصر الشرطة للتحقق من بطاقات الهوية في وقت علت فيه الصلوات من الكنيسة الواقعة أمام المدرسة.

وبدا البعض غير متحمس أصلا من أجل التصويت. فبعد خمس سنوات من التقشف يعتقد هؤلاء أن الاستفتاء لن يحل مشاكلهم.

وقال باسيل (56 عاما) إنه سيصوت بـ'نعم'، إلا أنه وجه اللوم لتسيبراس لمجرد دعوته لإجراء استفتاء، فهو يعتقد أنه 'كان من الممكن تفادي ذلك'، وهذا ما كان يجب أن يحصل، لأن النتيجة هي إضعاف موقف اليونان خلال مفاوضاتها مع الدائنين.

وبالنسبة لباسيل فإن 'هذا خطير جدا على اليونان' خاصة أنه ساهم في 'تعزيز الانقسامات بين الشعب'.

ومن المعسكر الثاني، قال يانيس (50 عاما) إنه سيصوت بـ'لا' لأن البلاد التي تعاني من الديون والبطالة بحاجة إلى فرصة جديدة تمنحها الحرية لتنفيذ إجراءات تهدف إلى زيادة النمو. وتابع: 'أعتقد أن هناك فرصة كبيرة أمام دولتنا الصغيرة'.

الأمر الذي لا تتفق معه ثيودورا فبالنسبة لها 'حين تنضم إلى نادي معين، فعليك أن تقبل بقواعد هذا النادي”، في إشارة إلى منطقة اليورو. وتابعت: 'لم يكن يجدر منذ البداية اعتماد اليورو في اليونان. وقتها الجميع كان يبحث عن أحدث هاتف وأحدث سيارة أو منزل”، أما اليوم فاليونانيون خائفون ويجمعون الأموال لشراء المواد الأساسية.

ويتوقع أن تظهر نتائج الاستفتاء بعد ساعات قليلة على إغلاق مراكز الاقتراع عند السابعة مساء بالتوقيت امحلي، ويؤكد الكثيرون عدم معرفتهم بما سيحدث للبلاد بغض النظر عن المعسكر الذي يقفون إلى جانبه.

ويختصر كوستانتين (75 عاما) وعلامات القلق بادية على وجهه، الأمر بالقول إن 'الأجواء سيئة جدا بسبب الخشية من المجهول”.

وقال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إنه 'متفائل' بشأن النتيجة.وأضاف لدى إدلائه بصوته في منطقة كيبسيلي بوسط أثينا: 'ربما يتجاهل الكثيرون رغبة الحكومة ولكن ليس رغبة الشعب في الحياة، الحياة بعزيمة، والتحكم في حياتهم'.

ودعا الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس للوحدة مهما كانت النتيجة ، قائلا:  “سوف نتحرك معا' وذلك لدى إدلائه بصوته في العاصمة .

وأظهرت نتائج سلسلة من استطلاعات الرأي وجود منافسة محتدمة، مع تقدم ضئيل لصالح معسكر 'نعم' وتقع فوارق النتائج في هامش الخطأ. وكشفت الاستطلاعات، التي نشرت يوم الجمعة، أيضا أن الغالبية العظمى من الشعب اليوناني - نحو 75 في المئة - ترغب في استمرار اليونان بمنطقة اليورو.

التعليقات