النظام السياسي في إيران: لا صوت فوق صوت المرشد

ويعتمد نظام الحكم الإيراني على التعيينات بشكل كبير، فيما يمنح صلاحيات محدودة للمؤسسات المنتخبة، ما أدى إلى كثير من السجالات داخل المجتمع الإيراني.

النظام السياسي في إيران: لا صوت فوق صوت المرشد

منذ بدء الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه عام 1979، تدار البلاد عن طريق نظام حكم خاص بها، فعلى الرغم من أن نظام الحكم للثورة الإيرانية يضم مجلسًا تشريعيًا ينتخبه الشعب، ويقوم على مبدأ فصل السلطات، إلا أن الكلمة الأخيرة في جميع دوائر الدولة تكون للمرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يمتلك صلاحيات واسعة جدًا، منحه إياها الدستور الإيراني، الذي أقرّ في عهد أول مرشدي الجمهوريّة، روح الله الخميني.

ويعتمد نظام الحكم الإيراني على التعيينات بشكل كبير، فيما يمنح صلاحيات محدودة للمؤسسات المنتخبة، ما أدى إلى كثير من السجالات داخل المجتمع الإيراني.

وقبل الانتخابات المزمع إجراؤها في البلاد في 26 فبراير/ شباط المقبل، لاختيار مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني)، ومجلس خبراء القيادة، أدى رفض مجلس صيانة الدستور لأوراق حوالي 99% من المرشحين الإصلاحيين لانتخابات مجلس الشورى، إلى ردود فعل واسعة في البلاد.

ففي حين يقول مراقبون إن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، يتدخل لمصلحة المرشحين الإصلاحيين، جاءت تصريحات المتحدث باسم الائتلاف المحافظ، المقرب من المرشد خامنئي، حداد عادل، تعليقًا على الانتقادات الموجهة لمجلس صيانة الدستور بسبب رفضه أوراق المرشحين الإصلاحيين والتي قال فيها 'كما سبق وصرح آية الله (خامنئي)، لن يدخل إلى مجلس الشورى من لا يقبلون بالنظام (في إيران)'، جاءت لتوضح بشكل جلي العناصر المسيطرة في نظام الحكم الإيراني.

ولم يقتصر السجال على المقربين من روحاني فقط، فقد أبدى هو نفسه استياءه حيال استبعاد آلاف المرشحين للانتخابات التشريعية، ومعظمهم من الإصلاحيين، موجهًا انتقادات قاسية للجنة المكلفة بتحديد أهلية المرشحين للبرلمان.

وشكك حسن روحاني علانية في تصرفات مجلس صيانة الدستور، الذي يهيمن عليه المحافظون والذي يتحقق من أهلية جميع المرشحين

الولي الفقيه

يأتي علي خامنئي، الذي عادة ما تسبق اسمه عبارة 'آية الله'، على رأس النظام في إيران، باعتباره الولي الفقيه، 'الذي ينوب عن الإمام الغائب في قيادة الأمة، لحين ظهور المهدي المنتظر' وفق الموروث الديني. ووضع المرشد الأول للثورة الإيراني، الخميني، الأسس النظرية لمفهوم ولاية الفقيه، في كتابه 'الحكومة الإسلامية'، واحتل مكانه في الدستور الإيراني.

صحيح أن الدستور الإيراني يفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلا أن المرشد الأعلى يمكنه التدخل في عمل تلك السلطات. وعلى الرغم من أن الرئيس الإيراني يأتي على رأس السلطة التنفيذية، فإن تحديد أولويات السياسة الداخلية والخارجية، واتخاذ قرارات الحرب والسلام، هي من صلاحيات المرشد الأعلى، كما أن القوات المسلحة وقوات الأمن تتبع المرشد، ويسيطر الأخير على المؤسسات القضائية.

مجلس صيانة الدستور

يعين المرشد الأعلى 6 من بين 12 عضوًا لمجلس صيانة الدستور، الذي يعد من أهم مؤسسات النظام، ويُختار الأعضاء الـ 6 الآخرون من قبل المؤسسة القضائية، التي تقع تحت تأثير المرشد؛ ولابد من الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور، المرتبط بالمرشد، من أجل الترشح لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي ومجلس خبراء القيادة، وبالتالي، فإن الناخبين يختارون ممثليهم من بين المرشحين الذين يوافق عليهم المرشد الأعلى، وهو ما جعل غالبية أعضاء المجلس، خلال السنوات الأخيرة، من الجناح المحافظ.

ولابد من موافقة مجلس صيانة الدستور، على مشاريع القوانين التي يقرها مجلس الشورى، لكي تدخل حيز التنفيذ. كما أن لمجلس صيانة الدستور، صلاحية قبول أو رفض، المرشحين للانتخابات الرئاسية.

ويحتل المرشد كذلك منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي يقوم بتعيين القادة العسكريين، أما في حال وفاة المرشد الأعلى، فيقوم مجلس خبراء القيادة باختيار خليفته، ويتمتع الأخير، أيضًا، بصلاحية مراقبة المرشد، إلا أنه لا يقوم بذلك في الواقع، كما أن المرشحين لعضوية مجلس الخبراء، لابد أن يحصلوا على موافقة مجلس صيانة الدستور، المرتبط بالمرشد.

ويوجد ممثلون للمرشد في جميع المؤسسات العامة والهيئات المستقلة، كما يقوم بنفسه بتعيين مديري عدد من الهيئات، وبتعين المسؤولين في التلفزيون والإذاعة الحكومي، وبتعيين خطباء الجمعة.

اقرأ أيضًا | طهران تعرف "الجرائم السياسية": هل إيران نحو الإصلاح؟

التعليقات