الفرار عبر البحر: المأساة المتواصلة للاجئين

شهد البحر المتوسّط أسبوعا جديدًا من تدفّق اللاجئين لم يمرّ من دون حادث غرق أودى بعدد إضافيّ ممّن يجازفون بحياتهم فرارًا من جحيم الحروبات، وصولًا حتّى إلى ولادة في عرض البحر.

الفرار عبر البحر: المأساة المتواصلة للاجئين

شهد البحر المتوسّط أسبوعا جديدًا من تدفّق اللاجئين لم يمرّ من دون حادث غرق أودى بعدد إضافيّ ممّن يجازفون بحياتهم فرارًا من جحيم الحروبات، وصولًا حتّى إلى ولادة في عرض البحر.

منذ صباح الإثنين، توالت رسائل التّحذير على موجات السّفن العسكريّة والإنسانيّة والتّجاريّة التي تنتشر قبالة ليبيا. وتمّ إنقاذ أكثر من 10 آلاف مهاجر في أربعة أيّام في عدد غير مسبوق بالنّسبة إلى المسعفين، علمًا بأنّه تمّ رصد 15 زورقًا على الأقلّ، الجمعة.

وعلّق المتحدّث باسم منظّمة الهجرة الدّوليّة في إيطاليا، فلافيو دي جاكومو 'هذا استثنائيّ. يكاد العدد يوازي ما شهدته الجزر اليونانيّة العام الفائت'.

ورغم أنّ هذه الظّاهرة ناتجة على الأرجح من استقرار حال الطّقس، فوجئت منظّمة الهجرة الدّوليّة بوصول مراكب صيد تقلّ مئات الأشخاص من ليبيا، في حين أنّ المهرّبين الليبيّين لم يرسلوا منذ الخريف سوى زوارق مطاطيّة تقلّ بين 100 و 140 شخصًا.

والأربعاء، بثّت البحريّة الإيطاليّة صورًا لغرق أحد هذه المراكب، سرعان ما انتشر في أنحاء العالم. وتمكّنت البحريّة من إنقاذ أكثر من 550 شخصًا بينهم 48 امرأة و35 طفلًا، لكنّها انتشلت أيضًا خمس جثث وثمّة خشية من فقدان المئات، استنادًا إلى روايات النّاجين.

بؤس النّاجين

ولاحظ فريق من علماء النّفس والوسطاء في منظّمة 'أطبّاء بلا حدود'، الحال البائسة لهؤلاء النّاجين لدى وصولهم الخميس إلى بورتو أمبيدوكلي جنوبيّ صقلية.

وأوضح المسؤول عن مشروع المنظّمة في صقليّة، أندريا أنسيلمي أنّ 'الهدف كان اقتراح دعم ومحاولة التّعرّف على الأشخاص الأكثر ضعفًا، أولئك الذين فقدوا واحدًا من أقاربهم في حادث الغرق. ولكن تبيّن أنّ معظمهم فقد قريبًا أو أكثر'.

وفي هذا السّياق، قالت مجموعة من تسعة شبّان سودانيّين أنّهم كانوا 19 شخصًا في البداية. ورغم أنّه تمّ أوّلًا إنقاذ النّساء والأطفال بحيث كانوا في مأمن لحظة الغرق، فإنّ كثيرين باتوا أرامل أو أيتامًا.

وأضاف أنسيلمي 'ثمّة بعد لا يصدّق لهذا الحادث. نشعر بذلك بقوّة'، لافتًا إلى أنّ الفريق 'عمل على مساعدة هؤلاء على استيعاب كونهم شاهدوا أحدًا يموت أمامهم'.

وزارت وزيرة الدّفاع الإيطاليّة، روبرتا بينوتي، الخميس بورتو أمبيدوكلي، لتقديم الشّكر إلى البحريّة، وقالت 'كانت عمليّة بطوليّة، فإنقاذ هذا العدد الكبير من الأرواح في البحر يتطلّب تنظيمًا فائقًا'.

في الوقت نفسه، عرضت عشرات العائلات أن تتبنّى فافور، ابنة الأشهر التّسعة، التي وصلت يتيمة إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطاليّة، إثر حادث غرق آخر، في وقت تعاطف كثيرون مع الرّضيع ألكس، الذي ولد الأربعاء، على متن السّفينة الإنسانيّة اكواريوس التي نقلت إليها والدته.

لكن إيطاليا لا تخلو من مواقف الاعتراض على هذه المشاعر الإنسانيّة. وطلب زعيم رابطة الشّمال اليمينيّة المتحالفة مع الجبهة الوطنيّة الفرنسيّة، ماتيو سالفيني، لقاءً عاجلًا الأسبوع المقبل مع رئيس الوزراء، ماتيو رينزي.

وكتب سالفيني على مواقع التّواصل الاجتماعيّ 'أوقفوا الاجتياح. كفى. إنّ رينزي و(وزير الداخلية انجيلينو) الفانو هما شريكان في مأساة'، داعيًا إلى تظاهرة الأحد، في ميلانو.

غير أنّ أحداث هذا الأسبوع تختصر المآسي الرّهيبة وبعض لحظات الفرح التي تتوالى منذ صيف 2013 قبالة ليبيا. فخلال هذه الفترة، غرق تسعة آلاف شخص على الأقلّ في المتوسّط فيما سجّلت سفن البحريّة وخفر السّواحل الإيطاليّون ست ولادات.

وموجة الوافدين هذا الأسبوع ترفع العدد إلى نحو 44 ألفًا منذ بداية السّنة بحسب تعداد لمنظّمة الهجرة الدّوليّة، علمًا بأنّه يبقى دون العدد الذي سجّل في 31 أيّار/مايو العام الفائت والبالغ 47 ألفًا و400 مهاجر.

أمّا المخاوف من توجّه السّوريّين والأفغان والعراقيّين العالقين جرّاء إغلاق طريق البلقان إلى إيطاليا فلم تترجم واقعًا حتّى الآن. فغالبيّة الوافدين هذا العام قدموا من إفريقيا جنوب الصّحراء.

التعليقات