بريطانيا في دوامة تبعات الاستفتاء

يعقد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اجتماعًا لحكومته، اليوم الإثنين، بينما يستأنف النواب البريطانيون نشاطهم، بعد أربعة أيّام على تصويت السكان لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، في استفتاء أثار عاصفة في أوروبا والعالم.

بريطانيا في دوامة تبعات الاستفتاء

تبدو لندن وكأنه تعيش في دوامات لا تنتهي (أ.ف.ب)

يعقد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اجتماعًا لحكومته، اليوم الإثنين، بينما يستأنف النواب البريطانيون نشاطهم، بعد أربعة أيّام على تصويت السكان لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، في استفتاء أثار عاصفة في أوروبا والعالم.

وستكون التصريحات الأولى التي سيدلي بها كاميرون منذ أن أعلن، الجمعة استقالته، التي لن تدخل حيّز التنفيذ قبل الخريف، موضع ترقبٍ، خصوصًا أن حزبه المحافظ يعاني من انقسامات كبيرة.

ويمر حزب العمال المعارض، أيضًا، بمرحلة صعبة. ورغم الانتقادات الشديدة من الداخل التي يتعرض لها زعيمه جيريمي كوربن، إلا أنه أعلن أنه لن يستقيل من منصبه.

في هذا الوقت، بدأ صبر الاتحاد الأوروبي ينفد. وهو يطالب بريطانيا بإطلاق آلية الانفصال بسرعة، إلا أن لندن تفضّل التريث.

وفي برلين، تستقبل المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الإثنين، رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، ثم الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، ورئيس الحكومة الإيطالية، ماتيو رينزي، للتباحث في تبعات خروج بريطانيا.

'ماذا الآن؟'

وتحت عنوان 'ماذا الآن؟'، اختصرت صحيفة 'صنداي تايمز' أجواء التوتر الذي تعيشه بريطانيا منذ الاستفتاء الذي زاد الانقسامات السياسية وتلك المتعلقة بالهوية، وعزّز الطموحات الانفصالية للقوميين الأسكتلنديين.

وصرحت رئيسة وزراء أسكتلندا، نيكولا ستورغن، لشبكة 'بي بي سي' أنَّ 'المملكة المتحدة، التي صوتت أسكتلندا من أجل البقاء فيها في العام 2014، لم تعد موجودة'. وتأمل ستورغن بتنظيم استفتاء جديد حول استقلال بلادها.

وكانت أسكتلندا شهدت استفتاءً على الاستقلال أو البقاء ضمن المملكة المتحدة في 2014، تفوق فيه فريق مؤيدي البقاء.

وقالت ستورغن 'بسبب الاستفتاء، تغيرت الظروف بالكامل'، مضيفة أن مجمل الناخبين البريطانيين أيّدوا الخروج بنسبة 51,9%، لكن الأسكتلنديين فضلوا البقاء بنسبة 62%.

اتهامات لكوربن بأنه لم يبذل جهودًا (رويترز)

وزاد الاستفتاء حدة الخلافات الداخلية في الحزبين السياسيين الرئيسيين في بريطانيا.

ويتهم كوربن بأنه لم يبذل ما يكفي من الجهود من أجل الدفاع عن الاتحاد الأوروبي في حملة الاستفتاء.

وكان كوربن أقال، الأحد، منافسته على رئاسة الحزب، هيلاري بن. فقدم على الأثر 11 مسؤولًا في الحزب استقالاتهم للاحتجاج على القرار.

وصرح كوربن، الذي انتخب على رأس الحزب في أيلول/سبتمبر 2015، بتأييد شعبي كبير، أنه لن يستقيل رغم الانتقادات.

ويعقد اجتماع للحزب، الإثنين، يتوقع أن يكون عاصفًا ويمكن أن يتم خلاله البحث بمذكرة لحجب الثقة عنه.

الاتحاد الاوروبي يريد تسريع إجراءات الطلاق

في حزب المحافظين، انطلقت، منذ الجمعة، معركة خلافة كاميرون، حيث أوردت صحيفة 'ذي أوبزيفر' أن رئيس بلدية لندن السابق وزعيم معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي، بوريس جونسون، يستعد لشن حملة على الحزب، إلا أن مؤيدي البقاء عازمون على التصدي له.

وفي دليل على أن قسمًا من البريطانيين، خصوصًا الشباب، يجد صعوبة في تقبل نتيجة الاستفتاء، تخطت العريضة التي تطالب بتنظيم استفتاء ثانٍ 3,2 ملايين توقيع، بعد ظهر الأحد.

وتواجه بريطانيا ضغوطًا حثيثة من مسؤولي الاتحاد الأوروبي لتسريع إجراءات الخروج، التي يريد كاميرون تركها لخليفته، الذي سيعين خلال مؤتمر عام لحزب المحافظين في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

عمدة لندن السابق، 'ترامب بريطانيا'، يتصدّر المشهد منذ الاستفتاء (أ.ف.ب)

وكان رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، حث كاميرون على إطلاق إجراءات الخروج، الثلاثاء، خلال قمة لقادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي تستمر يومين. لكن مصدرًا رسميًا أوروبيًا استبعد أن يحصل ذلك.

وصرح المصدر 'نتوقع أن يعرض كاميرون نتائج الاستفتاء'، لكن 'لا نتوقع في هذه المرحلة أن يطبق المادة 50' من معاهدة لشبونة، التي تنص على إجراءات الخروج.

إلا أن وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، حذّر، الإثنين، من أن بريطانيا لن تطبق المادة 50 من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي 'إلا في الوقت المناسب'.

وأوضح أوزبورن، في كلمة مقتضبة بوزارة الخزانة، 'المملكة المتحدة وحدها قادرة على مباشرة تطبيق المادة 50. وبرأيي لن نقوم بذلك إلا عندما تتوافر لدينا رؤية واضحة للترتيبات الجديدة مع جيراننا الأوروبيين'.

وأضاف أوزبورن أن كاميرون 'بقرار إرجاء تطبيق المادة 50 ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للحكومة في الخريف' إنما 'أمهل البلاد بعض الوقت ليتسنى لها اتخاذ القرار حول العلاقة الجديدة التي ستقيمها' مع الاتحاد.

وقال إن الاقتصاد البريطاني 'مستعد لمواجهة ما يخبئه المستقبل لنا'، في وقت تبدي الأسواق المالية مخاوف من تبعات خروج بريطانيا.

وتراجع الجنيه الإسترليني، الإثنين، إلى مستويات قياسية كان سجلها قبل ثلاثين عامًا، إلا أن الأسواق استعادت بعض الخسائر الكبيرة، التي لحقت بها نتيجة الصدمة التي أفضت إليها نتيجة الاستفتاء، الجمعة.

وتنص المادة 50 من معاهدة لشبونة الموقعة عام 2007 على أنه من أجل الشروع في إجراءات الانسحاب، يفترض بالدولة إبلاغ المجلس الأوروبي، المؤلف من رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء، بنيتها الخروج من الاتحاد، وأن تتفاوض بعد ذلك على مدى سنتين كحد أقصى على 'اتفاق انسحاب'.

وكان وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي حضوا، السبت، على إطلاق عملية الخروج 'بأسرع ما يمكن'.

وقال رئيس المفوضية الأوروبيّة، جان كلود يونكر، 'لا أعرف لماذا تحتاج الحكومة البريطانية للانتظار حتى تشرين الأول/أكتوبر لتقرر ما إذا كانت سترسل طلب الخروج إلى بروكسل. أريد الحصول عليه فورًا'.

اقرأ/ي أيضًا| فرنسا وألمانيا تتخبطان بترسيم خطة إشفاء أوروبية

في هذه الأجواء المشحونة، يتوجه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الإثنين، إلى لندن. وكان صرح، الأحد، أن الولايات المتحدة كانت 'تأمل لو اتخذت بريطانيا قرارًا مختلفًا'.

التعليقات