دول آسيان تتعثر بحل الخلاف على بحر الصين الجنوبي

وجدت دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) نفسها أمام طريق مسدود بشأن كيفيّة التّعامل مع النّزاعات بين الدّول حول أحقيتّها في مياه بحر الصّين الجنوبيّ، إذ أدّت الضّغوط التي تمارسها بكين إلى إشاعة الخلافات بين تلك الدّول في اجتماع في لاوس.

دول آسيان تتعثر بحل الخلاف على بحر الصين الجنوبي

وجدت دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) نفسها أمام طريق مسدود بشأن كيفيّة التّعامل مع النّزاعات بين الدّول حول أحقيتّها في مياه بحر الصّين الجنوبيّ، إذ أدّت الضّغوط التي تمارسها بكين إلى إشاعة الخلافات بين تلك الدّول في اجتماع في لاوس.

واجتماع وزراء خارجيّة دول جنوب شرق آسيا في فينتيان، هو أوّل اجتماع بهذا المستوى للأطراف الإقليميّين، وبينها الولايات المتّحدة والصّين، منذ أن أطاحت محكمة التّحكيم الدّائمة في لاهاي في 12 تمّوز/يوليو، مطالب بكين بالسّيادة شبه الكاملة على هذا البحر الإستراتيجيّ.

وهناك خلافات جغرافيّة بين الصّين وأربع دول من أصل بلدان آسيان العشرة، وتشهد الرّابطة انقسامًا شديدًا حول المسألة.

وتتّهم بلدان منافسة الصّين بتشكيل تحالفات مع بلدان صغيرة مثل لاوس وكمبوديا من خلال منحها مساعدات وقروضًا، سعيًا لإثارة انقسامات داخل كتلة كانت في ما مضى تعمل بالتّوافق.

واتّهمت مصادر دبلوماسيّة، الشّهر الماضي، الصّين بممارسة ضغوط لحضّ دول أعضاء في آسيان، على الطّعن في بيان مشترك أصدرته ماليزيا.

وأعرب البيان عن قلق البلدان حيال الأنشطة الصّينيّة في بحر الصّين الجنوبيّ، موجّهًا أصابع الاتّهام إلى لاوس وكمبوديا، البلدين المؤيّدين للصين واللذين يعتمدان على مساعدات اقتصاديّة صينيّة.

وقال دبلوماسيّ لوكالة فرانس برس "علينا ترتيب بيتنا، لكنّنا لم نتّفق حتى الآن على أيّ شيء".

لا بيان مشتركًا

ولم تتمكّن رابطة آسيان من إصدار بيان مشترك في ظلّ الخلافات القائمة في هذا البحر الذي يحوي ثروات من المحروقات ويعتبر ممرًّا حيويًّا للتجارة العالميّة.

وبرزت هذه الخلافات مرّة أخرى في اجتماع لاوس، الأحد، أثناء اجتماع وزراء خارجيّة الرّابطة لإجراء محادثات.

ووصفت لاوس الاجتماع الأوّليّ لوزراء الخارجيّة بأنّه "صريح وبنّاء"، إلّا أنّه بحلول منتصف بعد الظّهر لم تظهر مؤشّرات إلى حدوث اختراق.

وكانت نقطة الخلاف الرّئيسيّة، الإشارة إلى حكم المحكمة العليا وكيفيّة القيام بذلك، بحسب ما صرّح دبلوماسيّ من جنوب شرق آسيا لوكالة فرانس برس.

وترغب بعض الدّول في تضمين إشارة تدعو جميع الدّول إلى "الاحترام الكامل للعمليّة الدّبلوماسيّة والقانونيّة" بما يتماشى مع تصريحات الاتّحاد الأوروبيّ والولايات المتّحدة واليابان، في أعقاب القرار المدعوم من الأمم المتّحدة.

لكن دولًا أخرى ترفض أيّ ذكر للحكم.

واستبعد دبلوماسيّ آخر صدور أيّ بيان الأحد، قائلًا إنّه في حال حصل ذلك خلال الأيّام المقبلة فمن المرجّح أن يكون "مخفّفًا جدًا".

تدخّل خارجيّ

يثير المأزق في فينتيان مخاوف من تكرار ما حدث في قمة 2012 في كمبوديا، حين فشلت الرّابطة في إصدار بيان مشترك لأوّل مرّة في تاريخها بسبب الخلافات حول بحر الصّين الجنوبيّ.

وفشل آسيان في إبداء ردّ فعل على حكم المحكمة، من شأنه إثارة انتقادات مفادها أنّ الرّابطة قد تصبح منبرًا للحديث ليس له أيّ نفوذ سياسيّ.

وأثار قرار التّحكيم غضب بكين التي أكّدت أنّها لن تقبل به.

وشكّل الحكم انتصارًا للفيليبين التي رفعت المسألة إلى محكمة التّحكيم الدّائمة، إنّما كذلك لفيتنام وماليزيا وبروناي التي على خلاف أيضًا مع الصّين حول مناطق من هذا البحر.

وتأتي هذه التّطوّرات فيما تصعّد الصّين خطابها ومناوراتها العسكريّة في بحر الصّين الجنوبيّ وانتقاداتها للولايات المتّحدة.

وتقول واشنطن إنّ ليس لها موقف بشأن الخلافات حول المياه، إلّا أنّها تؤكّد ضرورة ضمان حريّة المرور الجويّ والبحريّ عبر المياه التي تصفها بالدّوليّة.

ويصل وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، الإثنين إلى لاوس، إلّا أنّه لم يتّضح ما إذا كان سيلتقي نظيره الصّينيّ، وانغ يي، الذي يشارك كذلك في القمة.

وقال مسؤول في الخارجيّة الأميركيّة، السّبت، إنّ واشنطن ستحضّ دول آسيان على تهدئة الوضع في بحر الصّين والتّوصّل إلى موقف مشترك.

إلّا أنّ نائب وزير الخارجيّة الصّينيّ، ليو زهينمين، حذّر آسيان من تأثير قوى خارجيّة عليها، في إشارة واضحة إلى واشنطن.

ونقلت عنه وكالة أنباء الصّين الجديدة قوله، إنّ "على آسيان تجنّب تدخّل القوى الكبرى من خارج المنطقة في تعاون المنطقة".

وتضم آسيان عددًا متنوّعًا من الدّول بينها الشّيوعيّة ذات الحزب الواحد مثل لاوس، وسلطنة بروناي الإسلاميّة، وتايلاند التي يحكمها الجيش، وديموقراطيّات مثل إندونيسيا والفيليبين.

وتعتبر قدرتها على التّعامل مع بكين اختبارًا لمدى قدرتها مجتمعة على مواجهة تحدّيات أخرى ملحّة تواجهها المنطقة إلى جانب التّجارة.

التعليقات