صحافي تركي يخشى سعي الحكومة توريطه في محاولة الانقلاب

قال الصّحافيّ التّركيّ البارز جان دوندار، الذي حكم عليه بالسّجن ستّة أعوام بتهمة نشر أسرار الدّولة، بما في ذلك عمليّات أنقرة في سورية، إنّه يعتزم البقاء في الخارج خشية توجيه اتّهامات جديدة له تربطه بمحاولة الانقلاب الفاشلة.

صحافي تركي يخشى سعي الحكومة توريطه في محاولة الانقلاب

الصّحافيّ التّركيّ البارز جان دوندار

قال الصّحافيّ التّركيّ البارز جان دوندار، الذي حكم عليه بالسّجن ستّة أعوام بتهمة نشر أسرار الدّولة، بما في ذلك عمليّات أنقرة في سورية، إنّه يعتزم البقاء في الخارج خشية توجيه اتّهامات جديدة له تربطه بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في البلاد.

وأضاف دوندار الذي استقال من منصب رئيس تحرير صحيفة 'جمهوريت' العلمانيّة، خلال مقابلة عبر الهاتف إنّه يجري الإعداد لقضيّة ضدّه تتضمّن اتّهامه 'بمساعدة وتحريض' حركة دينيّة يقودها رجل الدّين المقيم في الولايات المتّحدة، فتح الله غولن، الذي تتّهمه تركيا بأنّه مدبّر محاولة الانقلاب في 15 تمّوز/يوليو. وقتل نحو 340 شخصًا في المحاولة التي فشلت بعد أقلّ من 24 ساعة.

ولم يتسنّ على الفور الوصول لمدّعين للتعقيب. وغادر دوندار البلاد قبل الانقلاب لقضاء عطلة ورفض تحديد مكانه في الوقت الرّاهن.

وأمضى دوندار ومدير مكتب 'جمهوريت'، إرديم جول، ثلاثة أشهر في السّجن، خلال محاكمتهما بتهمة التّجسّس لنشرهما لقطات تظهر فيما يبدو المخابرات التّركيّة وهي تنقل أسلحة إلى سورية، في 2014. وأدين الرّجلان في تهمة أدنى وهي إفشاء الأسرار في أيّار/مايو وأفرج عنهما في انتظار البتّ في أمر طعنهما على الحكم.

وأثارت أحكام الإدانة انتقادات من جماعات حقوقيّة وحكومات غربيّة تشعر بالقلق بسبب تدهور وضع حقوق الإنسان في عهد الرّئيس، رجب طيّب إردوغان .

وقال دوندار 'هناك احتمال كبير أن أحتجز، واحتمال ضئيل أن أخرج لأنّه لا توجد محكمة أعلى تحمي حقوقنا. اختياري إمّا السّجن أو السّفر للخارج. في ظلّ هذه الظّروف لم أعد قادرًا على إدارة الصّحيفة.'

وفي ظلّ حالة الطّوارئ التي فرضت بعد محاولة الانقلاب، فصلت السّلطات أو أوقفت عن العمل نحو 80 ألف شخص في الجيش والشّرطة والقضاء والقطاع العامّ، للاشتباه في صلاتهم بغولن.

وينفي غولن، الذي ساعد أنصاره إردوغان في السّنوات الأولى لتولّيه السّلطة بتولّي مناصب متخصّصة في وزارات مهمّة وأجهزة أمنيّة، أيّ دور في محاولة الانقلاب التي استولى فيها جنود مارقون على طائرات ودبّابات لمهاجمة أهداف حكوميّة في موجة من العنف أثارت صدمة في البلاد.

ويقول دوندار إنّه في حملة التّطهير التي أعقبت الانقلاب، تسيطر الحكومة تقريبًا على القضاء، ممّا بدّد إيمانه في إمكانيّة الحصول على محاكمة نزيهة.

ويخشى حلفاء غربيّون من أن الحملة قد تخنق المعارضة وتضرّ بالاستقرار في البلد العضو بحلف شمال الأطلسيّ الذي شهد أيضًا هجمات بقنابل نفّذها مسلّحون أكراد ومتشدّدون من تنظيم الدّولة الإسلاميّة. وقتل أكثر من 50 شخصًا في تفجير انتحاريّ فيما يبدو بمدينة غازي عنتاب قرب الحدود السّوريّة، مساء أمس السّبت.

وقالت تركيا إنّ إجراءاتها ضروريّة لكشف أتباع غولن (75 عامًا) الذين تصفهم بأنّهم 'كيان إرهابيّ مواز' تغلغل في مؤسّسات الدّولة على مدى أربعة عقود.

وتضغط السّلطات التّركيّة على الولايات المتّحدة لتسليم غولن الذي يعيش في منفاه بولاية بنسلفانيا ويرأس شبكة عالميّة من المدارس والشّركات.

ثمن باهظ

وقال إردوغان إنّ الشّاحنات التي تحدّثت عنها صحيفة 'جمهوريت' عام 2015، كانت تنقل معونات إنسانيّة إلى القوّات التي تقاتل النّظام السّوريّ وتعرّضت للخيانة لدى اعتراضها من جانب أتباع غولن في قوّات الدّرك في عمليّة دون تصريح.

وقال إردوغان إنّ القصّة التي نشرتها 'جمهوريت'، أضعفت مكانة تركيا في حلف شمال الأطلسيّ وتوعّد دوندار 'بدفع ثمن باهظ'.

ومنحت لجنة حماية الصّحافيّين، الشّهر الماضي، دوندار جائزة حريّة الصّحافة الدّوليّة بسبب نشره قصّة تهريب الأسلحة تلك.

وسيواصل دوندار، وهو أيضًا مخرج سينمائيّ ومؤلّف، كتابة مقال لصحيفة 'جمهوريت'، إحدى أعرق الصّحف التّركيّة. وكان دوندار قد تنحّى عن موقعه كرئيس لهيئة تحرير الصّحيفة، الأسبوع الماضي.

وقال دوندار الذي ينفي صلته بشبكة غولن 'سوف أحاكم بسبب تغطيتنا الصّحافيّة بتهمة مساعدة المنظّمة المتّهمة بتدبير الانقلاب.'

وسخر دوندار من اتّهامه بأنّه يدعم منظّمة دينيّة استنادًا إلى خلفيّته الثّقافيّة السّياسيّة العلمانيّة التي تعارض الحركات الإسلاميّة.

وقال 'كنت رئيسًا لتحرير صحيفة أمضت أعوامًا في التّحذير من منظّمة غولن'.

وأضاف 'كانت الحكومة شريكة لتلك المنظّمة وهي الوحيدة المسؤولة عن اتّساع نفوذها، لكن هناك محاولة لجعلنا نتحمّل ذنب جرائمهم.'

واعتذر إردوغان هذا الشّهر عن تحالفه السّابق مع غولن قائلًا إنه لم ير 'وجهه الحقيقيّ'.

وامتدّت الحملة التي أعقبت المحاولة الانقلابيّة الفاشلة إلى الصّحافة حيث تمّ اعتقال 70 شخصًا يعملون في المجال الإعلاميّ. وقال اتّحاد الصّحافيّين الأوروبيّين إنّ تركيا احتلّت المرتبة الأولى عالميًّا من حيث عدد الصّحافيّين المعتقلين.

وإجمالًا احتجزت الشّرطة 40 ألفًا منذ 15 تمّوز/يوليو.

وقال دوندار 'إنّ حملة الاعتقالات المكثّفة تلك تكاد ترقى إلى كونها حملة مطاردة لتطهير المعارضة. أيّ مطبوعة ترفض الإذعان للحكومة صارت مهدّدة'.

التعليقات