بريطانيا تجاهلت آلاف الاعتداءات الجنسية على أطفال في مستعمراتها

كان "برنامج الأطفال المهاجرين" الساري من العشرينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، يهدف إلى توفير "حياة أفضل" لهؤلاء الأطفال الموضوعين في عهدة مؤسسات رعاية رسمية أو دينية لأنهم أيتام أو من عائلات فقيرة عاجزة عن تربيتهم.

بريطانيا تجاهلت آلاف الاعتداءات الجنسية على أطفال في مستعمراتها

أطفال بريطانيون يعملون بالزراعة في أستراليا (أ.ب)

بدأ اليوم، الإثنين، تحقيق رسمي فيما إذا كانت الحكومة البريطانية تجاهلت عمليات الاعتداء الجنسي على الآلاف من الأطفال، الذين تم نقلهم قسرا إلى المستعمرات البريطانية السابقة (دول الكومنولث)، في إطار برامج استمرت حتى أواخر ستينيات القرن الميلادي الماضي.

وكان "برنامج الأطفال المهاجرين" الساري من العشرينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، يهدف إلى توفير "حياة أفضل" لهؤلاء الأطفال الموضوعين في عهدة مؤسسات رعاية رسمية أو دينية لأنهم أيتام أو من عائلات فقيرة عاجزة عن تربيتهم.

ونقل حوالي 150 ألفا منهم، تتراوح أعمارهم بين 3 و14 عاما، بحرا إلى أستراليا بشكل خاص، وكذلك كندا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي، وغالبا بغير موافقة أسرهم.

وكان هدف البرنامج تمكينهم من فرص حياة "أفضل" وتخفيف أعباء المؤسسات البريطانية المكتظة والمساهمة في زيادة عدد السكان في هذه الاراضي التابعة لبريطانيا.

لكن الحلم تحول إلى كابوس بالنسبة إلى عدد منهم تعرضوا للتشغيل القسري والضرب والاعتداء الجنسي.

ويسعى التحقيق العام الذي تتخلله شهادات عدد من الضحايا، إلى الكشف عن مدى الانتهاكات، ومدى علم الحكومة البريطانية بما يجري، خصوصا بوجود تقرير صادر في منتصف الخمسينيات بحسب الـ"بي بي سي"، ينتقد العلاجات في عدد من المؤسسات الأسترالية المعنية ويدعو إلى وقف إرسال الأطفال إليها.

كما أفاد تقرير برلماني صادر في 1998، أن الانتهاكات بحق الأطفال الذين أرسلوا إلى أستراليا كانت ممنهجة. بعد 12 عاما قدم رئيس الوزراء البريطاني العمالي غوردون براون اعتذاراته بشأن هذا البرنامج.

وقال براون آنذاك أمام مجلس العموم "لجميع الأطفال المهاجرين وأسرهم، أقول اليوم إننا آسفون حقا. لقد أخفقنا تجاههم"، مقرا بحجم "الكلفة البشرية المتصلة بهذه المرحلة الشائنة من التاريخ"، و"التقصير في الواجب الأول على أي أمة القاضي بحماية أطفالها".

وقالت هنرييتا هيل، وهي محامية تقدم المشورة للتحقيق المستقل، إن التحقيق سوف يفحص ما إذا كانت هناك حماية كافية للأطفال الذين أرسلوا إلى أستراليا، وكندا، والمستعمرات البريطانية السابقة الأخرى في إطار خطط جرت "بعلم وموافقة الحكومة البريطانية".

واعتبرت أن إرسال أكثر من 100 ألف طفل، معظمهم وحيدون إلى المستعمرات السابقة، ابتداء من أواخر القرن الـ19، صفحة "غير عادية وطويلة" في تاريخ بريطانيا.

ويغطي معظم الأدلة عملية إرسال ما يصل إلى 4000 طفل بريطاني إلى أستراليا من عام 1945 حتى عام 1967، عندما تم إنهاء البرامج بشكل عام.

وقالت هيل إن الحكومة اعتذرت لضحايا هذه البرامج عام 2010، ولكنها لم تذكر الاعتداء الجنسي تحديدا.

وقالت أسويني ويراراتني، وهي محاميية لدى منظمة "تشايلد ميجرانتس تراست" إن الاعتذار جاء بعد 23 عاما على إثارة مارجريت همفريز القضية لأول مرة في عام 1987، عقب بحث مستفيض في أستراليا.

ومن المقرر أن تقدم همفريز هذه الأدلة، وهي باحثة اجتماعية سابقة أسست منظمة "تشايلد ميجرانتس تراست".

وقالت ويراراتني إنه لا يزال هناك "الكثير من الأسئلة التي لم يتم الرد عليها" وأن هذا التحقيق جاء متأخرا كثيرا".

التعليقات