ائتلاف ألمانيا: ميركل تفتش عن حلفائها وانقسام في البديل

رغم النصر الذي حققته المستشارة الألمانية، آنجيلا ميركل، وحزبها "الاتحاد المسيحي الديمقراطي، إلا أن نتائج الانتخابات قد تشكل مشكلة لها، إذ عليها البحث عن حلفاء من أجل تشكيل الائتلاف، بعد أن حصل حزبها على ثلث أصوات الناخبين، على خلاف الانتخابات

ائتلاف ألمانيا: ميركل تفتش عن حلفائها وانقسام في البديل

آنجيلا ميركل (أ.ف.ب)

رغم النصر الذي حققته المستشارة الألمانية، آنجيلا ميركل، وحزبها "الاتحاد المسيحي الديمقراطي، إلا أن نتائج الانتخابات قد تشكل مشكلة لها، إذ عليها البحث عن حلفاء من أجل تشكيل الائتلاف، بعد أن حصل حزبها على ثلث أصوات الناخبين، على خلاف الانتخابات الماضية التي حصلت فيها على 42% من الأصوات.

ومع نتائج صناديق الاقتراع، باتت مهمة تشكيل الائتلاف عسيرة على ميركل، لكنها ممكنة، يبقى السؤال أي الأثمان التي يمكن أن تتكبدها المستشارة الألمانية التي تخطت أزمات اللجوء وبريكست والعمليات الإرهابية.

وتجتمع قيادة محافظي الاتحاد المسيحي الديمقراطي اعتبارا من الساعة 9:00 صباحا لاستخلاص أولي للعبر من انتخابات لم يحصل معسكر ميركل فيها سوى على 33% من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة له منذ 1949، بحسب النتائج النهائية الصادرة صباح الإثنين.

ولخصت صحيفة بيلد نتائج الانتخابات بأن وصفتها بـ"انتصار كابوسي".

وهذا الفوز الرابع على التوالي للمستشارة له طعم مرير لها، وأظهر أولى بوادر الاحتجاجات في صفوف حلفائها المحافظين البافاريين من "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" الذين يدعون منذ سنتين إلى سلوك ميركل منعطفا إلى اليمين في سياستها.

وما يعزز حججهم انتقال قسم من الناخبين المحافظين (مليون ناخب بحسب استطلاعات الرأي) إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي المتطرف الذي ركز حملته على رفض قرار المستشارة عام 2015 بفتح أبواب البلاد أمام أعداد كبيرة من اللاجئين.

وقال رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي، هورست سيهوفر "لقد أهملنا خاصرتنا اليمينية ويتحتم علينا الآن ردم الهوة بمواقف حازمة".

وكتبت صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" من يسار الوسط، اليوم الإثنين، أن "الذهول يخيم بين صفوف المحافظين والمسؤولة الرئيسية معروفة".

انقسامات داخل "البديل من أجل ألمانيا"

وحصد "البديل من أجل ألمانيا" 12.6% من الأصوات بعد خوضه حملة شديدة النبرة استلهمها من حملتي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولأنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومارين لوبان الفرنسية.

وتحقق هذا الاختراق نتيجة تشديد الحركة خطابها مع تبنيها مواقف تدعو إلى إنكار محرقة اليهود وشن هجمات شديدة على آنجيلا ميركل والمسلمين والأجانب، غير أن هذا المنحى الراديكالي أجج الانقسامات داخل حزب غير متجانس.

وأثارت زعيمة في الحزب، كانت حتى مطلع السنة أبرز وجوهه، فرويكي بيتري، مفاجأة كبرى بإعلانها الإثنين رفضها احتلال مقعد في مجلس النواب ضمن كتلة "البديل من أجل ألمانيا".

وهاجمت ألكسندر غاولاند، أحد زعماء الحزب، الذي أعلن بعيد الانتخابات أن الحزب سيباشر حملة "مطاردة" لميركل، كما أنه أثار مؤخرا سجالا كبيرا بدعوته إلى الاعتزاز بأداء الجنود الألمان في الحرب العالمية الثانية.

ويشكل وصول مثل هذا الحزب إلى مجلس النواب صدمة حقيقية للعديد من الألمان، في بلد بنى هويته ما بعد الحرب العالمية الثانية على مكافحة التطرف والبحث عن تسوية والتوبة عن جرائم النازية.

ورأت صحيفة "فرانكفورتر ألغيمايني تسايتونغ" المحافظة أن "التقدم المدهش لشعبويي اليمين يشكل منعطفا تاريخيا في الحياة السياسية الألمانية" القائمة على ثقافة الإجماع والنقاش المضبوط اللهجة، وهو يدخلها في حقبة أكثر سجالا وقسوة.

ورأى المجلس المركزي ليهود ألمانيا في النتيجة التي حققها الحزب القومي المتطرف الداعي إلى العودة عن توبة المانيا على جرائم الرايخ الثالث، "أكبر تحد ديمقراطي منذ 1949" وولادة جمهورية ألمانيا الفدرالية.

لكن المشكلات بوجه ميركل لا تتوقف عند هذا الحد، إذ يتوقع أن تكون عملية تشكيل الحكومة في غاية التعقيد، ولا سيما بعدما قرر الاشتراكيون الديمقراطيون إثر تحقيق أسوأ نتيجة انتخابية في تاريخهم (20.5%) الخروج من الائتلاف مع المستشارة والالتحاق بالمعارضة.

"جامايكا"

ولا يبقى أمام المحافظين سوى سبيل واحد لتحقيق الغالبية في مجلس النواب الجديد، يمر عبر إقامة تحالف غير مسبوق على المستوى الوطني يجمع المحافظين وليبراليي "الحزب الديمقراطي الحر" الذين يعودون إلى مجلس النواب بـ10.7% من الأصوات، والخضر الذين حصلوا على 8.9% من الأصوات.

وهذا التحالف الذي يشار إليه بتسمية تحالف "جامايكا" بسبب ألوان الأحزاب الثلاث الأسود والاصفر والأخضر، غير موجود حاليا في ألمانيا سوى على الصعيد المحلي في ولاية شليسفيغ-هولستاين الشمالية، ومنذ الربيع الماضي فحسب.

لكن المشكلة هي أن الليبراليين والخضر يختلفان حول الكثير من الملفات الاساسية مثل الهجرة ومستقبل الديزل والتخلي عن الفحم، كما أن لكل منهما خلافات أساسية مع المحافظين.

وقالت كاترين غورينغ إيكهارت، التي شاركت في رأس قائمة البيئيين في الانتخابات التشريعية، إنه "سوف نرى بهدوء، بعد التحليل والمفاوضات المحتملة، إن كان بإمكاننا التوصل إلى تعاون".

أما زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر، فقد حدد شرطا للمشاركة في الحكومة، هو رفض خطط إصلاح منطقة اليورو التي يطرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأكد أن الميزانية المشتركة التي يقترحها هي "خط أحمر"، رافضا أن تضطر برلين إلى تسديد ثمن التجاوزات المالية التي ترتكبها بلدان أخرى.

وبالتالي، فإن المفاوضات قد تستغرق عدة أشهر، علما أن الحزب الفائز في الانتخابات منذ 1949 تمكن على الدوام من تشكيل غالبية، وقد استبعدت المستشارة قيام حكومة أقلية تستند إلى غالبيات متبدلة.

ولن يتم تعيين ميركل رسميا مستشارة لولاية رابعة إلا بعد الإعلان رسميا عن تشكيل ائتلاف حاكم جديد، وإلا فمن المحتمل الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة.

 

التعليقات