اللغة العربية في فرنسا... مصدر قلق للسلطات

يستخدم نحو ثلاثة ملايين شخص في فرنسا، اللغة العربية بتعاملاتهم اليومية، مما يجعلها أكثر لغة أجنبية مُستخدمة في البلاد، بحسب وزارة الثقافة الفرنسية، إلا أن تعليهما يقتصر على المعاهد الإسلامية والمساجد، ولا تمتلك حتى اليوم أي صبغة رسمية.

اللغة العربية في فرنسا... مصدر قلق للسلطات

(أرشيفية- أ ف ب)

يستخدم نحو ثلاثة ملايين شخص في فرنسا، اللغة العربية بتعاملاتهم اليومية، مما يجعلها أكثر لغة أجنبية مُستخدمة في البلاد، بحسب وزارة الثقافة الفرنسية، إلا أن تعليهما يقتصر على المعاهد الإسلامية والمساجد، ولا تمتلك حتى اليوم أي صبغة رسمية رغم عدد متحدثيها. 

وأعدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تقريرا صحافيا مصغرا، تناولت فيه مخاوف السلطات الفرنسية من الإبقاء على إبعاد تدريس اللغة العربية عن المدارس الحكومية، والفكر المُسبق العُنصري الذي صُبغت فيه اللغة. 

وقالت الصحيفة إن آلاف العائلات العربية أو المنحدرة من أصول عربية، التي تعيش في فرنسا، تُرسل أولادها إلى المساجد والمعاهد الدينية الإسلامية، بهدف تعليمهم لغتهم الأم، العربية، بسبب انحسار تدريسها في عدد قليل من المدارس الحكومية.

ودفعت هذه الظاهرة الحكومة للقلق إزاء هذه العائلات، لكن ليس من الدافع لتحسين شروط حياتهم عبر إتاحة اللغة العربية في المدارس العامة القريبة لمنازلهم، بل من باب انعدام الرقابة على "المضامين" التي يتعلمها الطلاب.

ولم تتردد وزارة التعليم في أيلول/ سبتمبر الماضي، عند إصدارها خطة للسيطرة على تدريس اللغة العربية في القول إن ذلك يأتي "من أجل توفير مناهج علمانية بدلا من المنهج الذي تقدمه المؤسسات (الإسلامية)، والذي يمكن أن ينحرف نحو التطرف"، كما قالت متحدثة باسم الوزارة، بحسب الصحيفة. 

ورغم أن وزير التعليم، جان ميتشل بلانكوير، قال إنه يريد منح اللغة العربية "هيبة" لأنها "لغة أدبية عظيمة" إلا أن الوزارة لم تقدم تفاصيل وافية حول الخطة لإدخالها ضمن منهاج التعليم. 

وأشارت الصحيفة إلى أن 0.2 في المائة من الطلاب في المدارس الإعدادية والثانوية فقط، تلقوا دروسا في اللغة العربية بين العامين 2017 و2018، مما يجعلها قليلة الشأن بالنسبة للإنجليزية والإسبانية والألمانية. 

"وصمة" اللغة العربية

والأمر أكثر تعقيدا من مجرد رغبة الوزارة بتطبيق هذه الخطة، فشددت مدرسة اللغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في فرنسا، ريم عبد النبي، على أن مدراء المدارس يرفضون فتح مسارات للعربية، لأنهم "لا يريدون أن يجتذبوا طلابا عرب". 

وفي حين يدعم الكثير من القادة المحليين في الأحياء والجاليات العربية في فرنسا، خطة الوزارة، ويرونها مهمة لتعليم الطلاب اللغة العربية بشكل أفضل عند ارتباطها بالمنهاج الرسمي، تعارض شخصيات يمينية متطرفة هذا التوجه وترى فيه "عملية أسلمة لفرنسا". 

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن النقاش بحد ذاته حول الخطة، يتغاضى عن دوافعه التي قال كثيرون إنها تدمج بين اللغة العربية والإسلام والإسلام السياسي والأصولية الدينية، وبشكل خطير أحيانا.

وقالت الباحثة في المركز الوطني للبحوث العلمية الذي تديره الدولة، سارة معزوز، للصحيفة، إنه "في الوقت الذي يؤكد فيه وزير التعليم أن تدريس اللغة العربية في المدرسة يحتفي بالثقافة والحضارة العربية، فإن هذا القرار اتُخذ أساسا باسم مكافحة التطرف الإسلامي".

واعتبرت معزوز هذا التوجه الحكومي، بمثابة تأكيد للصورة النمطية الراسخة لدى الفرنسيين بأن اللغة العربية "هي لغة المتعصبين والظلاميين".

وأضافت أن "هناك اعتقاد قوي في فرنسا بأن المدرسة العامة هي التي تشكل الهوية الفرنسية، والتي تنتج مواطنين فرنسيين بغض النظر عن أصلهم أو تاريخ آبائهم".

وبينما يتم تشجيع طلاب الجامعات الذين خضعوا لعملية "الفَرنَسة" (أن يصبحوا فرنسيين) على تعلم اللغة العربية، فإن أي محاولة لتدريس اللغة العربية في المدارس العامة قد اعتبرها البعض بمثابة انحراف عن هذا الطريق، وهو أمر من شأنه أن يروج لفكرة خلق هوية مفترضة "الفرنسي العربي".

تجدر الإشارة إلى أن تدريس اللغة العربية يأتي كموضوع اختياري في المرحلة الثانوية، بسبب الطلب المتزايد عليه في سوق العمل، خصوصا في الأمور الدبلوماسية، إلا أن السلطات لا زالت ترفض تدريس اللغة في المرحلة الابتدائية.

 
 

التعليقات