مخيم الهول للاجئين يضم سوريين وألمانيين وبلجيكيين وفرنسيين

يعاني الأطفال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا من حالات إسهال حادة، وتعجز أمهات عن إرضاع صغارهن بسبب عدم تلقيهن الغذاء الكافي، ويتحد قاطنو المخيم وبينهم عائلات جهاديين في التعبير عن غضبهم من الظروف القاسية التي يعيشون فيها.

مخيم الهول للاجئين يضم سوريين وألمانيين وبلجيكيين وفرنسيين

(فيسبوك)

يعاني الأطفال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا من حالات إسهال حادة، وتعجز أمهات عن إرضاع صغارهن بسبب عدم تلقيهن الغذاء الكافي، ويتحد قاطنو المخيم وبينهم عائلات جهاديين في التعبير عن غضبهم من الظروف القاسية التي يعيشون فيها.

وتظهر الصفوف المتراصة من الخيم على مدّ النظر، والتي تحمل شعار المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وسط مستنقعات من المياه وأكوام من النفايات وصهاريج ضخمة حمراء اللون يتزود منها قاطنو المخيم بالمياه.

وخلال التجول في الممرات الفاصلة بين الخيم، تبدو أشبه ببرك وحل جراء الأمطار، ويمكن سماع أشخاص يتحدثون باللهجات السورية والعراقية واللغات الفرنسية والألمانية وسواها، ويشجب غالبيتهم النقص في الغذاء والخدمات الرئيسية.

وقالت اللاجئة نجوى علي جولان ابنة الـ20 عامًا الموجودة في المخيم منذ ثلاثة أشهر ونصف شهر لوكالة "فرانس برس" إنها "حياة مأساوية وينقصنا كل شيء" مؤكدة "ليس لديّ إلا هذا الطفل".

وأضافت "اقترضت من صديقتي ثمن شراء حفاضات" له.

وتوضح جولان وهي تحمل طفلها الصغير وقدماه عاريتان بعدما يبس الوحل عليهما، أنها من سكان هجين الأصليين، أبرز البلدات التي كانت تحت سيطرة التنظيم في جيبه الأخير في شرق سوريا، وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية من طرده منها في كانون الأول/ ديسمبر.

ويذكر أن المخيم المصمم أساسا لاستقبال 20 ألف شخص كحدّ أقصى، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، فإنه يأوي أكثر من سبعين ألفا اليوم، ويبدو أشبه بمدينة بعد نقل قوات سوريا الديموقراطية عشرات الآلاف من الفارين والخارجين من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا.

وتنتظر طوابير لا تنتهي من النساء، أمام مستودعات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، تتشح كل واحدة منهن بنقاب أسود تلطخت أطرافه بالطين. ويمكن تمييز عدد من النساء الحوامل بينهن.

كما وتحمل كل واحدة منهن صندوقا من الكرتون لنقل ما يتم توزيعه عليهن من مساعدات، تضم عبوات زيت ومعلبات حمص وفاصولياء وبشكل خاص السكر والشاي، بينما تجوب شاحنات أزقة المخيم ذهابا وإيابا طيلة النهار.

وروت جولان عن معاناتها مع سقوط الأمطار. وتقول "خلال تساقط المطر، فاضت الخيمة وقصدنا الجيران" للإقامة لديهم في الخيمة المجاورة.

وتفيد منظمات إنسانية عن وضع مأساوي في المخيم، حيث يشكل النساء والأطفال نسبة سبعين في المئة من القاطنين فيه. ودقّت الإدارة الذاتية الكردية ناقوس الخطر، مطالبة مرارًا المجتمع الدولي والمعنيين بتقديم الدعم والمساعدات.

وأشارت المتحدثة الإعلامية لدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في سوريا في تصريح لفرانس برس مروة عوض إلى أن "ظروف إنسانية حرجة للغاية" مع انتشار "حالات سوء التغذية والجفاف والإسهال".

ولا يزال يقدم البرنامج مساعدات غذائية لكافة قاطني المخيم عبارة عن حصص طعام جاهزة وأخرى تصلح لشهر واحد ومكملات غذائية للنساء والأطفال.

وأفادت سيدة سورية رفضت الكشف عن اسمها، وصلت إلى المخيم قبل شهر لفرانس برس "لدي إبنة عمرها ثلاث سنوات، مرضت منذ وصولنا.. تتقيأ وتعاني من إسهال مستمر، يعطوننا أدوية لكنها لا تنفع".

وأضافت بانفعال "جئنا في سيارات مكشوفة.. مرِض الأطفال ومات كثيرون على الطريق" قبل وصولهم إلى المخيم الواقع على بعد ست ساعات عن أطراف بلدة الباغوز، التي شكلت آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية قبل دحره منها قبل أسبوع.

ويذكر أن لجنة الإنقاذ الدولية قد أحصت وفاة 140 شخصا على الأقل، غالبيتهم أطفال صغار، قضوا في طريقهم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة وجيزة منذ بدء حركة النزوح في كانون الأول/ ديسمبر.

ووصلت آية ابنة الـ17 عاما إلى المخيم برفقة طفليها، قبل أسبوعين، أصغرهما رضيع عمره خمسة أشهر، يبدو جسده هزيلاً للغاية، وتوفي زوجها الأول وهو مقاتل سابق في التنظيم.

تنقّلت هذه الشابة خلال عامين من منطقة إلى أخرى تحت سيطرة التنظيم، على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية، وقالت لفرانس برس "منذ أن جئت إلى هنا وابني ضعيف بهذا الشكل. لم تكن صحته كذلك".

بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن)، فإن نحو ثلث عدد الأطفال دون الخامسة من عمرهم والذين عاينتهم طواقمها في المخيم، يعانون من سوء تغذية حاد.

كما وتقيم العائلات التي وصلت مبكرا إلى الهول في خيم خاصة، لكن آلافا آخرين يقطنون في خيم جماعية.

وقال المتحدث الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط لدى لجنة الإنقاذ الدولية بول دونوهو لفرانس برس "يعيش في الوقت الراهن عشرة آلاف شخص في خيم كبيرة مشتركة لا تتوفر داخلها أي خصوصية".

ويشمل المخيم قسما خاصا بعائلات الجهاديين الأجانب، يخضع لحراسة مشددة من القوات الكردية، ويأوي أكثر من تسعة آلاف من نساء وأطفال يتحدرون من فرنسا وألمانيا أو من بلجيكا بشكل خاص.

وقالت الشابة الألمانية المنقبة رومينا شير، التي قدمت إلى سوريا أواخر العام 2014 وتزوجت من مقاتل ألماني في صفوف التنظيم، لفرانس برس "لا يمكننا البقاء هنا، لا شيء لدينا لنأكله ولا مال".

وأضافت وهي أم لثلاثة أطفال بينما تضم صغيرها محمد (ثلاثة أشهر) إلى صدرها "لا يمكنني إرضاعه لأنني لا أتناول ما يكفي من الطعام" بينما يقف قربها طفلها البكر (8 سنوات).

وتابعت "في كل يوم يسألني أطفالي متى سنعود إلى المنزل. أقول لهم إن ذلك يعتمد على بلدنا وما إذا كان يرغب باستعادتنا".

التعليقات