الانتخابات التركية: 7 دروس مستفادة

انتهت الانتخابات المحلية التركية بضربتين موجعتين للرئيس رجب طيب إردوغان، وحزب "العدالة والتنمية" الذي يرأسه أيضا، بعد أن خسر العاصمة أنقرة وإسطنبول، في تغيير كبير في الخارطة السياسية في البلاد نتج عن عدة عوامل، لكن موقع "ميدل إيست آي" الإخباري..

الانتخابات التركية: 7 دروس مستفادة

احتفالات "حزب الشعب الجمهوري" (أ ب)

انتهت الانتخابات المحلية التركية بضربتين موجعتين للرئيس رجب طيب إردوغان، وحزبه "العدالة والتنمية" الذي يرأسه أيضا، بعد أن خسر العاصمة أنقرة وإسطنبول، في تغيير كبير طرأ على الخارطة السياسية في البلاد نتج عن عدة عوامل، لكن موقع "ميدل إيست آي" الإخباري التحليلي خرج بسبعة استنتاجات منها: 

"الاقتصاد الغبي"

على الرغم من أن إردوغان حصل على غالبية الأصوات في الانتخابات المحلية مجددا، حيث تخطى "تحالف الشعب" الذي كان حزبه شريكا به، وحصل على 51 بالمئة من الأصوات، إلا أنه تكبد خسائر فادحة في المراكز الحضرية (كبرى المدن)، وذلك على ما يبدو نتيجة إلى الاقتصاد المتأرجح في البلاد حيث أظهر استطلاع للرأي أصدرته مؤسسة "الديمقراطية الاجتماعية" في آذار/ مارس الماضي، أن غالبية الناخبين أدرجوا البطالة والارتفاع في تكاليف المعيشة ضمن اهتماماتهم الرئيسية.

ودخل الاقتصاد التركي في آذار/ مارس الماضي، في حالة من الركود بشكل رسمي، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنحو 20 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2017.

أنقرة وإسطنبول تتغيران

يبدو أن "حزب الشعب الجمهوري" المعارض الرئيسي لإردوغان، فاز بأهم مدينتين في تركيا، لأول مرة منذ عام 1994، برغم أن النتائج الرسمية لم تنشر حتى الآن، لكن النتائج الأولية تشير إلى أن "حزب الشعب الجمهوري" فاز في إسطنبول، حيث صوت أكثر من ثمانية ملايين، وأنقرة، وبذلك سحب السلطة المحلية من يد "العدالة والتنمية" الذي سيطر في السابق على بلديتي المدينتين.

وذلك يعني أن المعارضة سوف تسيطر على البلديتين، ما يؤدي إلى تحكمها بميزانيات المدينتين، والتي تبلغ مليارات الدولارات، فضلا عن  آلاف الموظفين، الأمر الذي يرجح نشوء قوّة مركزية سياسية جديدة في المجتمع التركي.

الأكراد هم القوّة الأكثر دعما للتغيير، لكنهم خسروا بعض المدن

حقق قرار "حزب الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد بعدم ترشيح مرشحين في الأجزاء الغربية والجنوبية من تركيا، نتائج هائلة. وقد تُثبت الأصوات الكردية أنها لعبت دورا حاسما في نجاح مرشحي "حزب الشعب الجمهوري" في إسطنبول وأنقرة.

ولعب الصوت الكردي دورا مهما أيضا في فوز المعارضة في أضنة ومرسين وهاتاي، ومع ذلك، فقد خسر "حزب الشعوب الديمقراطي" خمس مدن في جنوب شرق تركيا تقطنها أغلبية كردية في أعقاب حملة حكومية ضد القاعدة الشعبية للحزب.

وقال محللون إن تأييد الأقلية الكردية في تركيا للحزب قل بعد أن عبر قادته عن تأييد جزئي للحرب الشرسة التي تشنها السلطات ضد "حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره تركيا "إرهابيا"، في شمال سورية، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. 

وذكر سكان محليون في مناطق الأكراد، أن "حزب الشعوب الديمقراطي" كان متورطا في قضايا فساد وفشل في تقديم الخدمات الأساسية للسكان، في الوقت الذي استبدلت فيه السلطات رؤساء معظم البلديات ذات الأغلبية الكردية عام 2016، والذين يُفترض بأنهم قدموا خدمات أفضل في هذه المناطق.

فقد إردوغان قوّة كبيرة في أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان

استمرت التوترات بين المناطق الحضرية والريفية في تقويض فرص إردوغان الانتخابية، حيث خسر التحالف الذي يقوده المدن الكبرى مثل أنطاليا وأضنة ومرسين وهاتاي. وتمكن من الفوز في عدة مدن، مثل باليكسير وبورصة، بفارق بسيط جدا بالأصوات.

ومنذ الاستفتاء على الدستور عام 2017، تواجه الحكومة التركية خسائر متزايدة في المدن الكبرى، والآن، تسيطر المعارضة على نصف المدن العشرين الأكثر كثافة بالسكان في البلاد.

الشيوعيون ينهضون في الشرق

فيما يصب الجميع اهتمامهم على سير عملية فرز الأصوات في إسطنبول، فإن سكان مدينة تونجيلي الشرقية، انتخبوا أول عمدة شيوعي في البلاد، متفوقا على مرشح "حزب الشعوب الديمقراطي"، حيث تعهد مرشح "الحزب الشيوعي التركي"، فاتح مالك أوغلو، بالحفاظ على الشفافية خلال عمله والعمل بجد دون التمييز بين المواطنين.

الأغلبية لا زالت تساند إردوغان

فضل أكثر من 51 بالمئة من الناخبين التحالف الانتخابي الخاص بإردوغان على المعارضة. وتنسجم النتيجة مع بيانات الانتخابات الرئاسية التي أجريت العام الماضي، والتي أشارت إلى أنه برغم الركود الاقتصادي الكبير ووسط البطالة المتزايدة، فإن إردوغان لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين جمهور ناخبيه.

ويعود نجاح إردوغان جزئيا، إلى الاستراتيجية التي اتبعها في حملته الانتخابية الضخمة التي أطلقها قبل 50 يوما من موعد الانتخابات في أكثر من 50 محافظة. وفي السياق ذاته، فقد أصر إردوغان على تركيز خطابه في أنقرة فقط. 

ومن المتوقع الآن أن يجري إردوغان تعديلا رئيسيا في الحكومة سيقوم من خلاله بالتعهد ببرنامج إصلاح اقتصادي لدعم الشركات.

ديمقراطية تركيا لا زالت مرنة

على الرغم من تعرض سجل تركيا في حرية الصحافة وحقوق الإنسان والتنمية الديمقراطية، لانتقادات شديدة صادرة عن جماعات حقوق الإنسان والناشطين في الداخل والخارج، فإن الشعب التركي لا يزال يتمتع بالميزة الأساسية للعملية الديمقراطية، وهي الانتخابات الحرة.

وحققت المعارضة نجاحا كبيرا في المدن الكبرى وأظهرت أنه من الممكن التغلب على إردوغان، اللاعب السياسي المهيمن على البلاد منذ نحو ربع قرن والذي فاز بانتخابات تلو الأخرى عبر صندوق الاقتراع.

التعليقات