الإنفاق العالمي على العسكرة في نمو متسارع

كشف معهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، اليوم الإثنين، أن التسليح العالمي في نمو متسارع، حيث ارتفع الإنفاق العسكري العام الماضي إلى 1.8 تريليون دولار، وهو ما يبلغ أعلى درجة إنفاق منذ أن بدأ المعهد باستخلاص القيمة الإجمالية للإنفاق العسكري العالمي عام 1988

الإنفاق العالمي على العسكرة في نمو متسارع

(Pixabay)

كشف معهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، اليوم الإثنين، أن التسليح العالمي في نمو متسارع، حيث ارتفع الإنفاق العسكري العام الماضي إلى 1.8 تريليون دولار، وهو ما يبلغ أعلى درجة إنفاق منذ أن بدأ المعهد باستخلاص القيمة الإجمالية للإنفاق العسكري العالمي عام 1988.

وأشار تقرير المعهد أيضا، إلى أن الإنفاق العسكري انخفضت نسبته من الناتج العالمي الإجمالي في السنوات الأخيرة، لكن سباق التسلح مستمر.

وأظهر التقرير أن المنافسة الصينية الأميركية للصدارة في آسيا، كانت السبب الأكبر لهذا الارتفاع الحاد بالإنفاق العسكري العالمي، حيث أن الولايات المتحدة رفعت عام 2018، ميزانية الجيش التي كانت أصلا هائلة، منهية بذلك حقبة التقييد التي فرضها الكونغرس على البيت الأبيض والبنتاغون في القطاع العسكري.

وقالت مجلة "إكونوميست" الاقتصادية البريطانية، إن ذلك يعكس تبني إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فكرة "منافسة القوة العظمة" مع الصين وروسيا، متطلبة بذلك، أسلحة باهظة الثمن.

(أرشيفية - أ ف ب)

وأشارت المجلة إلى أنه لا مثيل للثقل العسكري الأميركي، حيث ارتفع إنفاق الولايات المتحدة، إلى 716 مليار دولار العام الحالي، وتأمل بإنفاق 750 مليار دولار في عام 2020، وهي زيادة سنوية أكبر من الميزانيات العسكرية لجميع حلفائها في حلف شمال الأطلسي تقريبًا. وتشمل الميزانية العسكرية الأميركية، نحو 10 مليارات دولار لعمليات الإنترنت، بزيادة قدرها 10 بالمئة على أساس سنوي؛ وأكثر من 14 مليار دولار تم تخصيصها للفضاء، في قفزة 15 بالمئة؛ وأكبر طلب ميزانية لبناء السفن منذ عقدين.

ورغم أن الصين هي المنافسة الأولى من حيث الإنفاق العسكري، إلا أنها لا تزال بعيدة جدا عن الولايات المتحدة، فهي تصرف نحو خمسي ما تصرفه الولايات المتحدة، وهو رقم خاضع لتقديرات المعهد لأن السلطات تتكتم على ما تنفقه في هذا القطاع.

(أرشيفية - أ ف ب)

ولفتت المجلة إلى أن نمو الإنفاق العسكري الصيني السنوي، انخفض دون الـ10 بالمئة التي حافظ عليها على مدار 16 عاما منذ العام 2000، لكن هذه السنوات كانت كفيلة بتغيير ميزان القوى في آسيا تماما.

 وقالت "إكونوميست"، "إن نمو الإنفاق العسكري الأميركي بين الأعوام 2009 و2018، بلغ 17 بالمئة، في حين أن ذلك الخاص بالصين ارتفع بالفترة ذاتها تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ، بنسبة 83 بالمئة، متخطيا ما أنفقته جميع الحكومات السابقة، بكثير، وبين الأعوام 2014 و2018 على سبيل المثال، بلغ عدد السفن الحربية في الأسطول الصيني، تلك التي لدى فرنسا والهند مجتمعتين.

ومع ذلك لا يزال الإنفاق الدفاعي في الصين، أقل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بأي دولة من الدول الخمسة الأولى، ما يعني أن هناك مجالًا للنمو في حالة تعكير "الصفو" الجيوسياسي.

ورداً على إنفاق الصيني المتزايد في فترة شي، فتح منافسو الصين الإقليميون محافظهم أيضا، ونتيجة لذلك، تُنفق الهند أكثر من أي دولة أوروبية على الجيش، فيما كان النمو السنوي للإنفاق العسكري الكوري الجنوبي، عام 2018، الأعلى منذ عام 2005. ومن المقرر أن يرتفع الإنفاق الياباني في السنوات الخمس المقبلة. وبالمجمل، يُعادل الإنفاق العسكري الآسيوي 28 بالمئة من إجمالي الإنفاق العالمي.

ويتعاون الأوروبيون مع بعضهم البعض في هذا السياق، وفي عام 2018، رفع حلفاء الناتو الأوروبيون الإنفاق العسكري بنسبة 4.2 بالمئة. وعززت بولندا، التي تشعر بالقلق بشكل خاص من روسيا المجاورة، الإنفاق بنسبة 8.9 بالمئة.

وفي حال جُمع الإنفاق الأوروبي بالمجمل، فإن القارة ستكون ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، تفوق روسيا بأربعة أضعاف القوة. أما على أرض الواقع، فإن استخدام الدول الأوروبية المختلفة لمعدات عسكرية متكررة أو غير متكافئة، واعتمادها المستمر على الولايات المتحدة في القطاعات العسكرية الرئيسية، كنقل القوات وتزويد الطائرات بالوقود، يعني أن قواتها المسلحة أقل بكثير من مجموع أجزائها.

ولكن هناك بعض الدول في العالم التي لم تُكدس أسلحة، فقد تقلص الإنفاق العسكري في أفريقيا للعام الرابع على التوالي بنسبة 8.4 بالمئة، مدفوعًا بالهبوط الكبير في أنغولا والجزائر والسودان. وقد تتسبب الاحتجاجات في البلدين الأخيرين، حيث يتعرض جيشهما لضغوط من أجل تسليم السلطة للمدنيين، في تقليص الميزانيات بشكل أكبر على مدار الفترة المُقبلة.

(أرشيفية - أ ف ب)

وخلصت المجلة إلى أن الانكماش في الإنفاق العسكري الروسي، يُعد الأكثر إثارة للاهتمام. حيث أشارت إلى السؤال الساخر الذي وجهه الرئيس فلاديمير بوتين، لمنافسيه الغربيين في شباط/ فبراير الماضي: "هل يمكنهم العد؟ (عد الأسلحة) أنا متأكد من أنهم يستطيعون فعل ذلك. دعهم يحسبون سرعة ومدى أنظمة الأسلحة التي نطورها".

لكن المجلة أشارت إلى أنه على الرغم من التباهي المسرحي بصواريخ جديدة، فإن المعهد اكتشف أن ميزانية الدفاع الروسية تقلصت فعليًا بنسبة 3.5 بالمئة عام 2018، مما جعلها خارج الدول الخمسة الأوائل للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. قد يكون هذا نتيجة لضعف الروبل. ولكن يبدو أن فترة الإنفاق العسكري الروسي الطويلة تقترب من نهايتها.

التعليقات