ردع أميركي - إيراني متبادل: تحذيرات من "صدام يتجاوز المنطقة"

تحليل: بعد أيام من التوترات وتوقعات باندلاع مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، تراجع خطاب الحرب بين البلدين، بالتزامن مع تصريحات الجانبين برغبتهما في تجنب حدوثها، ودعوات أميركية للحوار، ترفضها إيران حتى اللحظة

ردع أميركي - إيراني متبادل: تحذيرات من

طهران، أول من أمس الأحد (أ.ب.)

أعربت إيران عن تأييدها للتفاوض والدبلوماسية، كما دعت إلى حوار مع دول الخليج العربي، لكنها حذّرت من أن أي صدام محتمل من شأنه أن يتجاوز المنطقة وأن يكون له تداعيات على الأمن والسلم العالميين. رغم ذلك، رأت تحليلات أن الولايات المتحدة وإيران تسيران باتجاه تهدئة.

ووجهت طهران عبر سفيرها في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، رسالة إلى الأمین العام للأمم المتحدة ورئیس مجلس الأمن، وفقا لوكالة "إرنا"، قالت فيها إنه "یمكن حل وتسویة القضایا الأمنیة المعقدة الراهنة في المنطقة فقط عبر التعاطي البناء والحوار بین دول منطقة الخلیج وإيران". وحذر من أنه "إذا لم تحل هذه القضایا بصورة كاملة، فإن نطاق أي صدام محتمل سیتجاوز المنطقة سریعًا، وسيكون له تداعیات جدیة وواسعة على الأمن والسلام الدولي".

وأضاف روانجي أن "مثل هذا الحوار الإقلیمي یجب أن یكون مبنیًا على أساس الاحترام المتبادل، وكذلك المبادئ العامة المعترف بها والأهداف المشتركة، خاصة احترام السیادة ووحدة الأراضي والاستقلال السیاسي لجمیع الدول. وإیران كانت وما زالت ترفض دوما النزاع والحرب، ولن تختار أبدا الحرب كخیار أو إستراتیجیة لتحقیق أهداف سياستها الخارجية". لكنه حذّر من أنه "رغم ذلك، ینبغی الإعلان صراحة أنه لو فرضت الحرب علینا، فإن إیران ستستفید من حقها المشروع فی الدفاع عن النفس، وستذود بحزم عن شعبها ومصالحها".

من جانبه، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن إيران تؤيد التفاوض والدبلوماسية، "لكن ظروف اليوم ليست مناسبة للتفاوض (مع الولايات المتحدة)، فهي ظروف مقاومة وصمود". وجاءت اقوال روحاني خلال لقائه مع عدد من العلماء ورجال الدين الشيعة.

وأضاف روحاني أن "العام الماضي، خلال سفري للأمم المتحدة، توسط أكثر من خمسة رؤساء دول كبيرة لدي لنبدأ مفاوضات مع الولايات المتحدة، لكننا رفضنا. كما أن وزارة الخارجية الأميركية أرسلت أكثر من عشر طلبات للتفاوض، لكن الظروف التي نعيشها اليوم ليست ظروفا مواتية للتفاوض وإنما للمقاومة والصمود".

وتابع أن "العدو دائما كان يسعى لنكون البادئين، وأحد أهم الأعمال التي ستسجل لصالح حكومتنا هي أن الجمهورية الإسلامية لم تكن البادئة بالتصعيد. والأشخاص الذين في البيت الأبيض، خلال الأربعين عاما الماضية، كانوا يعملون دائما ضد الجمهورية الإسلامية، واليوم يجتمعون في البيت الأبيض للعداء ضد طهران".

رسائل تهدئة

بعد أيام من التوترات وتوقعات باندلاع مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، تراجع خطاب الحرب بين البلدين، بالتزامن مع تصريحات الجانبين برغبتهما في تجنب حدوثها، ودعوات أميركية للحوار، ترفضها إيران حتى اللحظة.

واعتبر تحليل نشرته وكالة الأناضول، اليوم، أنه على الرغم من وجود مسؤولين أميركيين في مركز القرار يدفعون باتجاه التصعيد العسكري مع إيران، إلا أن إستراتيجيات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تنحو باتجاه تجنب الدخول في حروب جديدة في الشرق الأوسط.

كما أعلن المرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يحتكر قرار الحرب، أنه "لن تكون هناك حرب بين إيران والولايات المتحدة" وأن "لا إيران ولا الولايات المتحدة يرغبان بالحرب". كما أن كبار المسؤولين الإيرانيين أعلنوا عدم رغبتهم بحرب مفتوحة مع الولايات المتحدة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قائد الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، قوله أول من أمس، الأحد، إن بلاده لا تبحث عن حرب مع الولايات المتحدة التي قال إنها تبحث عن "مخرج من التصعيد الحالي".

وأرسلت الإدارة الأميركية عدة رسائل تحمل إشارات إلى الرغبة في التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران، بينما كانت رسالة الحرب الوحيدة هي استقدام المزيد من القوات إلى المنطقة.

والتقى ترامب، يوم الخميس الماضي، بالرئيس السويسري، بصفته رئيس الدولة التي تعمل كقناة لرعاية مصالح البلدين منذ قطع العلاقات الأميركية – الإيرانية، عام 1979. وسبق ذلك إعلان ترامب أنه أعطى الرئيس السويسري خط اتصال هاتفي مباشر إلى البيت الأبيض لنقله إلى الجانب الإيراني إذا كانت لديهم رغبة في التحدث إلى الرئيس الأميركي، وهو الأمر الذي أعلن مسؤولون إيرانيون عدم رغبتهم في الحديث إليه. وأبلغ ترامب، يوم الأربعاء الماضي، وزير دفاعه بالوكالة باتريك شاناهان أنه "لا يريد خوض حرب مع إيران".

ومؤخرا، عززت الولايات المتحدة تواجدها العسكري في المنطقة بحاملة طائرات وعدد من السفن الحربية وقاذفات القنابل الإستراتيجية لمواجهة تهديدات محتملة، استنادا إلى معلومات استخباراتية عراقية وإسرائيلية، أفادت باستعدادات للحرس الثوري الإيراني ومجموعات مسلحة حليفة له لاستهداف الجنود الأميركيين في العراق وسورية ومصالح الولايات المتحدة في الخليج العربي والبحر الأحمر والإمارات والسعودية.

وتدرك الولايات المتحدة أن لدى إيران المزيد من الخيارات العسكرية المتاحة لاستهداف مصالح أميركية ومصالح دول حليفة لها، إسرائيل والإمارات والسعودية والبحرين، سواء عن طريق الحرس الثوري أو المجموعات المسلحة الحليفة لإيران في المنطقة.

كما أن الدول الخليجية في المحور "المناهض" لإيران، السعودية والإمارات والبحرين، تتخوف من أن مدنهم ومنشآتهم النفطية والقواعد الأميركية في هذه الدول ربما تكون أهدافا سهلة لضربات إيرانية صاروخية أو جوية، أو هجمات تشنها مجموعات مسلحة شبه عسكرية حليفة لإيران في المنطقة، جماعة الحوثي والحشد الشعبي العراقي وحزب الله اللبناني وفصائل شيعية مسلحة أخرى من دول عدة.

في المقابل، ومن واقع تجربة القصف الأميركي الذي تعرضت له سفن ومنشآت إيرانية، إبان الحرب الإيرانية العراقية أواخر ثمانينيات القرن الماضي، تعي إيران جيدا أن أية مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة ستلحق أضرارا أكيدة بالقوات المسلحة الإيرانية وقوات الحرس الثوري والبنية التحتية لبرنامج الصواريخ البالستية والمنشآت النووية والقطاع النفطي، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى انهيار شامل للدولة الإيرانية وسقوط النظام القائم في طهران.

التعليقات