ورشة المنامة: إعادة إنتاج مشاريع اقتصادية قديمة

ويبقى وضع كل هذه الخطوات في خانة التطبيق، وتنفيذ المشاريع الهادفة لتجميل الاحتلال و"تحسين" من شروط القهر الاستعماري، يعتمد أساسًا على قبول إسرائيل في العالم العربي من خلال تطبيع العلاقات معها بالكامل وتجاهل هويتها الحقيقية كدولة استعمار استيطاني.

ورشة المنامة: إعادة إنتاج مشاريع اقتصادية قديمة

مظاهرات في حلحول قرب الخليل (أ ب)

يتضح من الشق الاقتصادي لخطة الإدارة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة بـ"صفقة القرن"، محاولة البيت الأبيض بتجميل ظروف الاحتلال واختزال قضية العرب الأولى، بإغراءات اقتصادية، من خلال إنتاج مشاريع كانت طرحت خلال تسعينيات القرن الماضي، كمدخل لحل الصراع العربي/ الفلسطيني مع إسرائيل.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، كشف البيت الأبيض عن الخطة التفصيلية للشق الاقتصادي من "صفقة القرن"، والتي تتشكل من مشروعات تنوي الإدارة الأميركية، بتمويل عربي، تنفيذها في الأراضي الفلسطينية، وطرحها في ورشة المنامة.

وتبدأ مساء اليوم، الثلاثاء، أعمال الورشة الاقتصادية في العاصمة البحرينية، وتستمر حتى يوم غد، الأربعاء، وسط مقاطعة الجانب الفلسطيني، وبتمثيل دبلوماسي منخفض وضعيف لدول عربية، لا يمثل أيا من الهرم السياسي أو الحكومي لها.

وترتكز مبادرة البيت الأبيض، التي عمل على صياغتها صهر الرئيس الأميركي وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، على القناعة الأميركية بأن ضخ 50 مليار دولار في الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات عربية هي: مصر، الأردن، لبنان، سيدفع إلى حلحلة الصراع.

يذكر أنه في تسعينيات القرن الماضي، خرجت الإدارة الأميركية بدعم إسرائيلي في مبادرة اقتصادية، تمهد لحل القضية الفلسطيني، ويعيد الطرفان اليوم، إنتاج هذه المشاريع مجددا.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تحاول حكومات الاحتلال الإسرائيلي تسوية الصراع مع الفلسطينيين من بوابة السلام الاقتصادي، والذي دخل به بعض رجال أعمال فلسطينيين، قبل أن يتوقف بضغوطات شعبية.

وركزت الخطة المعلنة، على خفض معدلات البطالة في فلسطين (تبلغ حاليا 31 بالمئة)، عبر ضخ استثمارات في مشاريع ستخلق مليون فرصة عمل، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي، البالغ حاليا 13.8 مليار دولار.

رصد لأبرز المشاريع التي تضمنها الشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن"، الصادرة مؤخرا عن البيت الأبيض:

> فتح طريق برية بين الضفة الغربية وغزة: ترى المبادرة أن فتح طريق برية وربما يحاذيها خط سكة حديد، سيقلل من تعقيدات تنقل الفلسطينيين وللتجارة، وتزيل العوائق التي تؤخر أو تمنع البضائع من الوصول إلى الأسواق النهائية.

> توفير حاجة الفلسطينيين من الكهرباء: تدعي المبادرة أن موافقة الفلسطينيين على الخطة، ستجنب سكان غزة على الأقل من انقطاع التيار الكهربائي عنهم لمدة 16 ساعة، كما هو حاصل حاليا.

وتقترح الخطة، إنجاز مشاريع بنى تحتية في مجال وتطوير الشبكات، وبناء محطة كهرباء غزة، ومنشآت الطاقة المتجددة الجديدة؛ تضمن حصول غزة المستمر على الكهرباء في غضون خمس سنوات.

ويعكف صندوق الاستثمار الفلسطيني (الصندوق السيادي)، حاليا، على بناء محطة جنين (شمال) للطاقة الكهربائية بقدرة 450 ميغاواط، تغطي 50% من حاجة الضفة الغربية.

بينما يملك الصندوق حصة رئيسة في حقل غزة مارين قبالة سواحل غزة، إلا أن تطويره متوقف منذ تسعينيات القرن الماضي، بسبب الرفض الإسرائيلي.

> بناء شبكات مياه وصرف صحي: ترى الخطة أن الحصول على المياه هو عامل تمكين حاسم للنشاط الاقتصادي في العديد من قطاعات الاقتصاد الفلسطيني.

وتتحكم إسرائيل حاليا في 80% من مصادر المياه في فلسطين، خاصة الآبار الجوفية في مناطق بالضفة الغربية، أبرزها الأغوار.

بحسب الخطة، ستوجه استثمارات إلى البنية التحتية التي تزيد من إمدادات المياه، بما في ذلك مرافق تحلية المياه والآبار وشبكات التوزيع، ومضاعفة كمية المياه الصالحة للشرب المتاحة للفرد الواحد، في غضون خمس سنوات.

كما تدعم الخطة تطوير مرافق جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإعادة استخدام المياه المعالجة، للاستخدام الزراعي والصناعي.

> الخدمات الرقمية: تقول الخطة إن رقمنة الخدمات والاقتصاد الفلسطيني، سيساعد على تحقيق تقدم في الخدمات، من خلال توفير الحوافز المالية والخبرات الفنية لدعم القطاع الخاص الفلسطيني. وستقدم كذلك، البنى التحتية وبناء شبكات الجيل الرابع والخامس (4G, 5G, LTE)، وخلق تحول رقمي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتشغل شركتا الاتصالات الفلسطينية (جوال، أوريدو فلسطين)، حاليا، شبكة الجيل الثالث في الضفة الغربية فقط، منذ عام واحد فقط، بعد منع إسرائيلي دام 10 سنوات، بينما ما تزال الخدمة غير موجودة في غزة.

> السياحة: تقول الخطة إنها ستمنح الضفة الغربية وغزة خصائص فريدة ومثيرة، من خلال تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية ناجحة، عبر السياحة الدينية والثقافية والترفيهية وسياحة البحر.

> الزراعة: بحسب الخطة فإن قطاع الزراعة لم يحقق إمكاناته بسبب محدودية وصول المزارعين الفلسطينيين إلى الأراضي والمياه والتكنولوجيا.

وتستهدف الخطة تأمين التمويل من البنوك المحلية، والعمل مع مبتكري التكنولوجيا المالية، وزيادة فرص الوصول إلى رأس المال، وشراء بذور وأسمدة جديدة، وبناء أنظمة ري حديثة وبنى تحتية أخرى.

> الإسكان: تطرح الخطة كذلك، زيادة البناء في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة لخفض تكاليف العقارات؛ وتسهيل الحصول على القروض العقارية من البنوك الفلسطينية، بهدف تحسين نوعية الحياة للفلسطينيين العاديين، كما تقول.

> الحرف اليدوية: ترى الخطة أنها ستكون سببا في إعادة إحياء الإرث الفلسطيني من خلال تصنيع الحرف اليدوية عالية الجودة من خشب الزيتون؛ كما تذكر الخطة إنها ستدعم تطوير مناطق صناعية حديثة ومنشآت تصنيع أخرى، تستفيد فيها الشركات الفلسطينية من حوافز ضريبية وتمويلية من شأنها خفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.

> استغلال الموارد الطبيعية: تقول الخطة إنها ستقدم الدعم لتعزيز صناعة الحجر والرخام والمواد الهيدروكربونية ومعادن أخرى في فلسطين.

كما ستقدم الدعم لتطوير احتياطيات الموارد الرئيسية، مثل حقل الغاز الطبيعي البحري في غزة (غزة مارين)، ومساعدة تقنية لوضع إطار تنظيمي لاستغلال الموارد الطبيعية.

ويبقى وضع كل هذه الخطوات في خانة التطبيق، وتنفيذ المشاريع الهادفة لتجميل الاحتلال و"تحسين" من شروط القهر الاستعماري، يعتمد أساسًا على قبول إسرائيل في العالم العربي من خلال تطبيع العلاقات معها بالكامل. وتجاهل هويتها الحقيقية كدولة استعمار استيطاني قامت بعملية تطهير عرقي ممنهج للسكان الأصليين في فلسطين التاريخية.

التعليقات