تفاقم الأزمة السياسية في الصين رغم تراجع الاحتجاجات بسبب كورونا

تتفاقم الأزمة السياسية في الصين، بعد توقيف نشطاء مطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ والخلاف الجاري حول صلاحيات مكتب بكين في المدينة، رغمًا عن تراجع الاحتجاجات الواسعة بسبب إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا.

تفاقم الأزمة السياسية في الصين رغم تراجع الاحتجاجات بسبب كورونا

صورة أرشيفية من مظاهرة في الصين (أ ب)

تتفاقم الأزمة السياسية في الصين، بعد توقيف نشطاء مطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ والخلاف الجاري حول صلاحيات مكتب بكين في المدينة، رغمًا عن تراجع الاحتجاجات الواسعة بسبب إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا.

وتلاشت التظاهرات الواسعة التي عصفت بالمدينة الصينية ذات الحكم شبه الذاتي طيلة سبعة أشهر متتالية العام الماضي، خلال أزمة وباء كوفيد-19 مع التزام المواطنين بإرشادات التباعد الاجتماعي.

لكن خلال الأسبوع الماضي، تصاعد التوتر السياسي مجددًا ما هدد بنسف الهدوء في مدينة لا تزال تمزقها فوارق إيديولوجية وحيث يخشى كثيرون أن يؤدي تشديد قبضة الصين، إلى تقويض حرياتهم.

وحذرت مؤسسة ستيف فيكرز لاستشارات إدارة المخاطر في مذكرة هذا الأسبوع بأن هناك " شرا جديدا حازما يبرز" ومع امتناع كل من بكين والمعسكر المطالب بالديمقراطية عن تقديم تنازلات، فلا مفر من قيام اضطرابات مستقبلية.

واعتقلت الشرطة السبت الماضي 15 ناشطا بارزا بتهم مرتبطة بموجة الاحتجاجات العام الماضي.

ولم يكن المعتقلون من المتظاهرين الملثمين الذين غالبا ما اشتبكوا مع الشرطة، بل عددا من أبرز الشخصيات "المعتدلة" في المدينة، ومنهم مشرعون وأكاديميون وقطب إعلاميّ.

وبين الموقوفين المحامي مارتن لي البالغ من العمر 81 عاما، والذي ساهم في الثمانينات الماضية في صياغة "القانون الأساسي"، دستور المدينة الذي يمنح الحريات ودرجة عالية من الحكم الذاتي لا تعرفه الصين القارية.

صورة أرشيفية من مظاهرة في الصين (أ ب)

وجاءت عملية الشرطة وسط خلاف حول ما إذا كانت بكين تعيد تفسير جزء مهم من تلك الوثيقة.

بدأ الخلاف عندما أصدر مكتب الارتباط الذي يمثل الحكومة المركزية الصينية بيانا دان فيه مشرعين منادين بالديمقراطية لعرقلتهم عمل الهيئة التشريعية. وأوحى المكتب بأن السياسيين حنثوا في قسمهم وقد تتم محاكمتهم. وأثار ذلك اتهامات بأن بكين تجاوزت خطا.

وفي حين أن سيطرة الصين على السياسة الخارجية والدفاع في هونغ كونغ لا جدل فيها، فإن المادة 22 من القانون الأساسي تمنع دوائر بكين من "التدخل" في مجالات تمارس فيها المدينة الحكم الذاتي، مثل المجلس التشريعي والنظام القضائي المستقل.

ووسط تصاعد الانتقادات أصدر مكتب الارتباط إعلانا تاريخيا وقال إنه غير محكوم بالمادة، رغم أن وثائق قدمت في وقت سابق للمجلس التشريعي في هونغ كونغ تفيد بالعكس.

وبدلا من ذلك قال إن لديه دورا "مميزا" ويمكن أن يمارس "سلطة إشرافية" على المدينة.

وزادت حكومة هونغ كونغ من الإرباك عندما أصدرت بيانا في البدء، قالت فيه إن مكتب الارتباط يخضع للمادة 22، لتسحبه بعد ساعات وتصدر نسختين مصححتين.

ونقل عضو الحكومة المسؤول مكتبه عن تقديم النصيحة للبيان الأولي، إلى منصب آخر في تعديل وزاري الأربعاء، رغم أن رئيسة السلطة التنفيذية في المدينة كاري لام نفت أن يكون ذلك مرتبطا بالجدل القائم.

واعتبر النشطاء ذلك مسعى جديدا من بكين لزيادة سيطرتها على سياسات هونغ كونغ.

ووصفت "مجموعة المحامين التقدميين" الخطوة بأنها "وقحة في نيتها تشديد قبضة بكين على المدينة من خلال توسيع صلاحيات مكتب الارتباط بشكل غير دستوري".

ونشرت نقابة المحامين تحليلا قانونيا توصل إلى أنه "ما من شك" أن مكاتب بكين في المدينة خاضعة لمادة عدم التدخل.

قال الناشط البارز جوشوا ونغ إنه "يعتقد أن قادة الصين يستغلون من انشغال العالم بجائحة كوفيد-19."

وقال إن "بكين ستقوم في المستقبل بترسيخ وتعزيز تدخلها في شؤون هونغ كونغ الداخلية". وشكك آخرون في الرأي القائل إن مكتب الارتباط اجتاز خطوة قانونية لا عودة عنها.

وقال سايمون يونغ أستاذ القانون في جامعة هونغ كونغ إن "مجرد التعليق والتعبير عن الرأي حول مسألة تهم الشأن العام، لا تعد تدخلا".

وقال الرئيس السابق للسلطة التشريعية في هونغ كونغ وأحد كبار المؤيدين لبكين، جاسبر تسانغ، إن مكتب الارتباط يشعر بأن "ليس لديه خيار" سوى تخطي الشلل في الهيئة التشريعية الذي عطل أكثر من 12 مشروع قانون لأشهر.

ويسعى المعارضون لإرجاء مشروع قانون يحظر إهانة النشيد الوطني الصيني، وهو ما يعد استفزازا كبيرا لبكين.

ورجح تسانغ أن يكون مكتب الارتباط صداميا أكثر في المستقبل. وتساءل "كيف يمكن منعه؟".

وتزداد التوقعات بعودة اضطرابات العام الماضي، خصوصا مع الانتخابات التشريعية المقررة في أيلول/ سبتمبر والتي يأمل المعسكر المؤيد للديمقراطية بتحقيق مكاسب كبيرة فيها.

وقد أوضحت بكين إنها تريد أن يكون لهونغ كونغ قانون جديد للأمن الوطني، وهو مقترح تسبب بتظاهرات عارمة في 2003.

وبدأ بعض النشطاء يدعون من الآن لتظاهرة في الأول من تموز/ يوليو، حتى وإن كانت تدابير التباعد الاجتماعي لمنع تفشي الفيروس لا تزال مطبقة.

وقالت مؤسسة ستيف فيكرز "يجب أن تستعد النشاطات التجارية لمزيد من الاضطرابات الأهلية، مع انحسار تهديد الفيروس وتزايد الاحتكاكات".

التعليقات