فرنسا: اعتقال أحد سفاحي الإبادة الجماعية في رواندا

أعلنت السلطات الفرنسية، أمس الأحد، القبض على أشرس سفاحي القرن الماضي، فيليسيان كابوغا، المطلوب بمساهمته بالجرائم الإبادة الجماعية التي ارتُكبت ضد مئات الآلاف من قبيلة التوتسي ومعتدلين معارضين للإبادة من قبيلة الهوتو المسيطرة في تسعينيات القرن الماضي

فرنسا: اعتقال أحد سفاحي الإبادة الجماعية في رواندا

(أ ب)

أعلنت السلطات الفرنسية، أمس الأحد، القبض على أشرس سفاحي القرن الماضي، فيليسيان كابوغا، المطلوب بمساهمته بالجرائم الإبادة الجماعية التي ارتُكبت ضد مئات الآلاف من قبيلة التوتسي ومعتدلين معارضين للإبادة من قبيلة الهوتو المسيطرة في تسعينيات القرن الماضي.

وقالت السلطات الفرنسية إن كابوغا، الذي رصدت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار للقبض عليه، اعتقل نتيجة تحقيق مشترك مع مكتب الآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين.

وكان كابوغا البالغ من العمر 84 عامًا مطلوبًا لمشاركته في عمليات الإبادة الجماعية التي أدت إلى مقتل أكثر من 800 ألف من التوتسي والهوتو المعتدلين الذين حاولوا حمايتهم. وقُتل معظم هؤلاء بأبشع الطرق باستخدام الأسلحة البيضاء، مثل المناجل والسكاكين والسواطير.

وقالت السلطات الفرنسية إنه كان يعيش في إحدى ضواحي باريس باسم مستعار، بمساعدة أبنائه الذي شيدوا نظاما محكما لإخفاء هويته.

واتهمت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التابعة للأمم المتحدة كابوغا في عام 1997 بتهم تتعلق بالتآمر لارتكاب إبادة جماعية واضطهاد.

وقال ممثلو ادعاء روانديون إن الوثائق المالية التي عثر عليها في العاصمة كيغالي بعد الإبادة الجماعية أشارت إلى أن كابوغا استخدم شركاته لاستيراد كميات كبيرة من المناجل التي استخدمت في عمليات القتل.

كما اتهم رجل الأعمال بتأسيس محطة راديو وتلفزيون "ميل كولينز" التي تبث دعاية إرهابية شرسة ضد عرقية التوتسي، وكذلك تدريب وتجهيز ميليشيا "إنتراهاموي" التي قادت موجة القتل، وتجهيزها بالمناجل التي اُستخدمت في قتل المدنيين.

(أ ب)

كان كابوغا مقربا من دكتاتوري رواندا ووبوروندي السابق جوفينال هابياريمانا، الذي أثار مقتله عندما أسقطت طائرته فوق كيغالي في السادس من نيسان/ أبريل 1994، نظام الهوتو الذي ارتكب إبادة جماعية استمرت 100 يوم ضد قبيل التوتسي. وكانت ابنة كابوغا متزوجة من ابن هابياريمانا.

ومن المتوقع أن يتم نقل كابوغا إلى حجز آلية الأمم المتحدة، حيث سيحاكم.

وقال كبير الادعاء بالآلية سيرج براميرتز في بيانه "اعتقال كابوغا اليوم هو تذكرة بأن محاسبة المسؤولين عن الإبادة الجماعية ممكنة حتى بعد 26 عاما من جرائمهم".

ووصف مدير شؤون أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، ماوسي سيغون، الاعتقال بأنه "خطوة مهمة نحو العدالة لمئات الآلاف من ضحايا الإبادة الجماعية".

وأشاد مسؤولون في رواندا بعملية الاعتقال وأكدوا أن رواندا، الواقعة في شرق إفريقيا، ستواصل التعاون مع آلية الأمم المتحدة لضمان تحقيق العدالة.

وأشار الادعاء الرواندي إلى أن الهاربين الكبار الآخرين اللذين لا يزالا طليقين، وهما بروتيس مبيرانيا، القائد السابق للحرس الرئاسي، ووزير الدفاع السابق أوغستين بيزيمانا.

لأعوام طويلة بعد الإبادة الجماعية، كانت العلاقات بين رواندا وفرنسا متوترة، إذ حمل الحزب الحاكم في رواندا الحكومة الفرنسية جزئيا مسؤولية دعم نظام الإبادة الجماعية.

عظام بعض الذي فقدوا أرواحهم في المجازر (أ ب)

لكن في عهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يبدو أن كيغالي وباريس أدخلتا بعض التعديلات. ففي العام 2018، قالت السلطات الفرنسية إنها أسقطت تحقيقا في حادث تحطم طائرة وقع عام 1994، مشيرة إلى عدم كفاية الأدلة. وكان العديد من المقربين من الرئيس الرواندي بول كاغامى قيد التحقيق، ونددت حكومته بالتحقيق ووصفته بأنه يهدف إلى تبرئة دور فرنسا المشتبه في الإبادة الجماعية.

وفي العام 2019، أعلن ماكرون تشكيل لجنة مكلفة بالتحقيق في دور فرنسا المزعوم.

وفي السياق، أكد المحلل السياسي الرواندي غونزا موغانوا أنه "بعد أعوام عديدة، ترك الحرس القديم في الحكومة الفرنسية الذي كان بإمكانه حماية كابوغا، السلطة، ووجدتم أن جيل الشباب ليس لديه اهتمام بحماية الهارب المسن في ظل الإدارة الجديدة ... من الواضح أنه كان محميا وكان بعض الأشخاص الأقوياء يعرفون مكان اختبائه. وقد باعوه"، في إشارة إلى أن إخفاء هوية الإرهابي كابوغا، نجحت بمساعدة شخصيات فرنسية رفيعة المستوى.

تجدر الإشارة إلى أن تقارير كثيرة كشفت على مدار الأعوام السابقة، أن إسرائيل دعمت نظام الهوتو عسكريا خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، بينما لا تزال ترفض الإفصاح عن تورطها بالجريمة.

التعليقات