أثيوبيا: تخوف من الإنزلاق لحرب أهلية مرة أخرى

رئيس وزراء أثيوبيا، أبي أحمد، أصدر اليوم أوامر للجيش بمواجهة إحدى الحكومات الإقليمية في البلاد، وقال إنها نفذت هجومًا مميتًا على قاعدة عسكرية، وأنه "تم تجاوز الخط الأحمر الأخير"

أثيوبيا: تخوف من الإنزلاق لحرب أهلية مرة أخرى

أبي أحمد في قمة الوحدة الأفريقية، شباط/فبراير الماضي (أ.ب.)

أصدر رئيس وزراء أثيوبيا، أبي أحمد، اليوم الأربعاء، أوامر للجيش بمواجهة إحدى الحكومات الإقليمية في البلاد، وقال إنها نفذت هجومًا مميتًا على قاعدة عسكرية، وأنه "تم تجاوز الخط الأحمر الأخير".

وتعالت مخاوف في أعقاب بيان صادر عن أحمد، والهجوم الليلي الذي شنته جبهة تحرير شعب تيغراي المسلحة تسليحًا جيدًا، من أن واحدة من أكثر الدول الأفريقية تعدادًا للسكان وقوة قد تنزلق مرة أخرى إلى الحرب. وهذا من شأنه أن يرسل موجة صدمة عبر القرن الأفريقي وما وراءه، وتشمل الدول المجاورة لأثيوبيا، الصومال والسودان، وقد أدى احتمال انتشار عدم الاستقرار إلى قلق المراقبين.

وأعلن أحمد، مخاطبًا الأمة عبر التلفزيون، عن سقوط "عدة شهداء" في الهجوم على ميكيلي، عاصمة إقليم تيغراي الشمالي، وبلدة دانشا. وقال رئيس الوزراء إن "النهاية قريبة" للقوة الإقليمية المتمركزة في أكثر مناطق أثيوبيا حساسية والمجاورة لإريتريا. وكان البلدان قد توصلا إلى سلام، في عام 2018، بعد حرب حدودية طويلة.

وكانت جبهة تحرير شعب تيغراي الجزء المهيمن في الائتلاف الحاكم في أثيوبيا، قبل أن يتولى أبي أحمد السلطة في 2018، ويعلن عن إصلاحات سياسية شاملة أدت إلى فوزه بجائزة نوبل للسلام العام الماضي. ومع ذلك، فتحت هذه الإصلاحات مساحة للمظالم العرقية القديمة وغيرها. وشعرت الجبهة بالتهميش وتركت الائتلاف، العام الماضي. ويقول المراقبون إنها لا تزال قوة عسكرية قوية.

وأعلنت أثيوبيا، اليوم، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في منطقة تيغراي، قائلة إن "الأنشطة غير القانونية والعنيفة داخل ولاية تيغراي الإقليمية الوطنية تعرض للخطر الدستور والنظام الدستوري والسلام والأمن العامين، وتهدد بشكل خاص سيادة البلاد".

ولم ترد على الفور أنباء من جبهة تحرير شعب تيغراي، وتم قطع جميع خطوط الإنترنت والهاتف في منطقة تيغراي عقب الإعلان، مما أثار القلق بين الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى ذويهم. وأفاد تلفزيون تيغراي أنه تم إغلاق المجال الجوي فوق المنطقة، وأكد أن القيادة الشمالية للجيش الأثيوبي قد انشقّت إلى حكومة تيغراي. وقال مكتب رئيس الوزراء إن تقرير الانشقاق "غير صحيح".

وتواجه أثيوبيا بالفعل ضغوطا بسبب الخلاف مع مصر حول مشروع السد الإثيوبي الضخم، الذي جذب انتباها نادرا من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لأفريقيا، وأزمة جائحة كورونا والعنف العرقي المميت وتفشي الجراد. وأصبح حكم أبي أحمد الآن على موعد مع أكبر اختبار.

واعترض مسؤولو تيغراي على تأجيل الانتخابات الوطنية الأثيوبية، التي كان من المقرر إجراؤها في آب/أغسطس الماضي، بسبب الجائحة، وعلى تمديد ولاية أبي في منصبه.

عسكري في إقليم تيغراي يدلي بصوته، في أيلول/سبتمبر الماضي (أ.ب.)

وصرح المسؤول البارز في جبهة تحرير شعب تيغراي، غيتاشو رضا، بأن الجبهة لن تقبل التفاوض مع الحكومة الفيدرالية. وقال إن "ما نحتاجه الآن هو حوار وطني وليس مفاوضات". وتقول الجبهة إن إطلاق سراح مسؤولين سابقين محتجزين هو أحد الشروط المسبقة لبدء المحادثات.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، صوت مواطنو تيغراي في انتخابات محلية، في تحدي للحكومة الفيدرالية ما عزز التوترات السياسية في الإقليم. كما عمدت الحكومة الفيدرالية، الشهر الماضي، لإرسال الأموال المخصصة إلى الإقليم إلى الإدارات المحلية بدلاً من حكومة الإقليم، ما أثار غضب مسؤولي جبهة تحرير شعب تيغراي.

وقال كبير محللي إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، وليام دافيسون، اليوم، إن "هذه الحرب هي أسوأ نتيجة محتملة للتوترات التي كانت تختمر" وحث على وقف إطلاق النار، قائلا "بالنظر إلى الموقف الأمني القوي نسبيًا لتيغراي، قد يكون الصراع طويل الأمد وكارثيًا."

وأكد بيان أبي أن جبهة تحرير شعب تيغراي هاجمت قاعدة عسكرية في تيغراي، صباح اليوم، وحاولت الاستيلاء على بطاريات مدفعية وأسلحة أخرى. واتهم البيان الجبهة بتسليح وحشد ميليشيات غير نظامية.

وأضاف بيان رئيس الوزراء أنه بعد شهور من "الصبر البالغ" من قبل الحكومة الفيدرالية، "لا يمكن منع الحرب بحسن النوايا وقرار من جانب واحد. الهجمات التي شنت هذا الصباح تجاوزت الخط الأحمر الأخير ولذلك ستضطر الحكومة الفيدرالية للدخول في مواجهة عسكرية لإنقاذ البلاد."

ويشعر المراقبون بقلق بالغ،، منذ أشهر، نتيجة لتصاعد التوترات وآثارها على منطقة القرن الأفريقي، حيث صور آبي أحمد نفسه كصانع سلام بعد فترة قصيرة من توليه منصبه.

قال تقرير صادر عن معهد الولايات المتحدة للسلام إن تقسيم أثيوبيا "سيكون أكبر انهيار للدولة في التاريخ الحديث، ومن المرجح أن يؤدي إلى صراع جماعي بين الأعراق والأديان ... وأزمة إنسانية وأمنية على مفترق طرق أفريقيا والشرق الأوسط على نطاق من شأنه أن يلقي بظلاله على الصراعات القائمة في جنوب السودان والسودان والصومال واليمن."

دعت مجموعة الأزمات الدولية، قبل أسبوع، إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي لفكرة الحوار الوطني في إثيوبيا. وكتبت المجموعة أن "البديل، بالنظر إلى الانقسامات المتعددة والمريرة في البلاد، هو التوجه نحو حرب من شأنها أن تكون كارثية بالنسبة لثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، وسترسل موجات الصدمة واللاجئين إلى بلدان أخرى في القرن الأفريقي وكذلك عبر البحر الأبيض المتوسط."

ولم يتضح على الفور كيف ستستجيب أقاليم أثيوبيا الأخرى. وقال رئيس إقليم أمهرة، تيميسغين تيرانه، في منشور على "فيسبوك"، إن أفراد قوات الأمن التابعة لتيغراي مرحب بهم للانشقاق إلى منطقته، وكتب "نعلم أنكم تقاتلون لأنه ليس لديكم خيار آخر". وكان إقليما أمهرة وتيغراي يخوضان قبل حكم أبي أحمد مواجهة مريرة حول مناطق حدودية متنازع عليها.

التعليقات