السيستاني يستقبل البابا فرنسيس في النجف

اجتمع المرجع الشيعي الكبير، علي السيستاني، البابا فرنسيس، صباح اليوم، السبت، في غير مسبوق يعقد في مدينة النجف، خلال الزيارة البابوية إلى العراق التي انطلقت أمس، الجمعة.

السيستاني يستقبل البابا فرنسيس في النجف

السيستاني والبابا فرنسيس (أ ب)

استقبل المرجع الشيعي الكبير، علي السيستاني، مع البابا فرنسيس، صباح اليوم، السبت، في اجتماع غير مسبوق يعقد في مدينة النجف، بحثا خلاله التحديات التي تواجه الإنسانية، ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، خلال الزيارة البابوية إلى العراق التي بدأت أمس، الجمعة، وتستمر 4 أيام.

وعقد الرجلان لقاء مغلقًا لمدة ساعة، وأكد السيستاني للبابا فرنسيس "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية"، بحسب بيان صادر عن مكتبه أعقب اللقاء الذي جمع بينهما في النجف.

ووصل البابا فرنسيس إلى منزل السيستاني بجنوب العراق صباح اليوم، في أول لقاء من نوعه بين رأس الكنيسة الكاثوليكية ومرجع أعلى للشيعة، يعقد في ثاني أيام الزيارة البابوية التاريخية إلى العراق.

ولم يسمح للإعلام بحضور اللقاء الذي بدأ حوالى الساعة التاسعة صباحا، علما بأن التحضير للاجتماع الذي وصف بـ"التاريخي" للبابا في بيت السيستاني، شهورا، من أجل مناقشة جميع التفاصيل اللازمة خلال مفاوضات بين مكتب السيستاني والفاتيكان.

وقال مكتب السيستاني إن "الحديث دار حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر ودور الإيمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها".

ونقل البيان عن السيستاني قوله، إن "الكثيرين في مختلف البلدان يعانون من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية".

وأضاف: "خصوصا ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة".

وأشار المرجع الشيعي الأعلى، إلى "الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي".

وشدد على ضرورة حث الأطراف المعنيّة على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحها الذاتية على حساب حقوق الشعوب.

وأكد السيستاني اهتمامه بأن "يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية".

وشكرالسيستاني، بحسب البيان، "الحبر الأعظم على زيارته". ونشر الموقع الرسمي لأخبار الفاتيكان صورة تجمع الرجلين. ولا يظهر السيستاني إجمالا أمام وسائل الإعلام، إذ يتلو عنه أعوانه خطبه في العلن.

ورفعت في بعض شوارع النجف لوحات عليها صور البابا فرنسيس والسيستاني مع عبارة بالإنجليزية "اللقاء التاريخي".

والسيستاني أعلى مرجع لغالبية الشيعة في العراق. وهو من أهم مراجع الشيعة في العالم البالغ عددهم مئتي مليون، بسحب معهد بيو.

ويمثل السيستاني، المولود في إيران، مرجعية النجف التي تؤيد أن يكون دور المرجعية استشاريا للسياسيين وليس مُقرّرا، مقابل مرجعية قم في إيران التي تؤكد أن لرجال الدين دورا في إعطاء توجيهات سياسية على غرار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي.

ويرى الكادرينال الإسباني، ميغيل أنخيل أيوسو، الذي يرأس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، أن "مدرسة النجف الفقهية أكثر علمانية من مدرسة قُم"، مضيفًا أن النجف "تُعطي أهمية أكبر للبعد الاجتماعي".

البابا فرنسيس في بغداد (أ ب)

وفي خطابه الذي ألقاه في العاصمة بغداد، خلال لقائه الرئيس برهم صالح، تطرّق البابا إلى مواضيع حساسة وقضايا يعاني منها العراق.

وقال: "لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام!".

وأضاف: "كفى عنفا وتطرفا وتحزبات وعدم تسامح! ليعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معا هذا البلد في الحوار وفي مواجهة صريحة وصادقة وبناءة".

ودعا أيضًا إلى "التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة، وكل ما هو غير شرعي".

وتجري زيارة البابا وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظل إغلاق تام سببه ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، مع أكثر من خمسة آلاف إصابة في اليوم.

بعد النجف، يتوجه البابا فرنسيس جنوبًا أيضاً إلى أور، الموقع الأثري الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي إبراهيم، أب الديانات السماوية.

وسيشارك هناك في صلاةً مشتركة مع رجال دين من جميع الطوائف في العراق.

وهذه الزيارة هي الأولى لبابا فاتيكان إلى العراق على الإطلاق، كما أنها أول جولة خارجية للبابا منذ تفشي فيروس كورونا في العالم مطلع العام الماضي.

وعشية الزيارة، أعلنت السلطات العراقية اكتمال كافة الاستعدادات لاستقبال البابا، من بينها الإجراءات الأمنية التي شملت تأمين الأرض والجو.

وتأتي الزيارة في وقت لا يزال توترات أمنية تسود العراق متمثلة بهجمات متكررة تستهدف مدنيين وأفراد أمن يشتبه بأن مسلحي "داعش" الإرهابي يقفون خلفها.

وكذلك تأتي الزيارة في وقت يفرض فيه العراق (باستثناء إقليم كردستان شمالا) حظرًا للتجوال بدأ مساء الخميس، ويستمر لغاية صباح الإثنين، وذلك ضمن الإجراءات المتخذة للحد من تفشي فيروس كورونا.

وتعد الزيارة امتدادًا لسلسلة زيارات قام بها بابا الفاتيكان إلى الدول العربية بهدف تعزيز ثقافة التسامح والتعايش بين الأديان.

فقد كانت أولى جولات البابا فرنسيس في المنطقة للعاصمة الأردنية عمان عام 2014، ثم توجه بعد ذلك إلى فلسطين. وفي عام 2017، التقى البابا بشيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، خلال المؤتمر الدولي للتسامح في مصر.

وفي عام 2019، زار البابا فرانسيس الإمارات، في أول زيارة لبابا الفاتيكان إلى منطقة الخليج.

التعليقات