بيلاروس تحت ضغط دوليّ: حوّلت وجهة طائرة لتوقيف معارض متّهمةً حماس

أدرجت عدة عواصم أوروبية وشركات جوية المجال الجوي البيلاروسي، الإثنين، على قائمة سوداء، وسط تزايد الضغوط الدولية على مينسك إثر تحويلها مسار طائرة تجارية واعتقالها معارضا على متنها، زاعمةً أنه تم إبلاغ طاقم الطائرة، بوجود قنبلة، وأن التهديد أُرسل عبر البريد

بيلاروس تحت ضغط دوليّ: حوّلت وجهة طائرة لتوقيف معارض متّهمةً حماس

طائرة شركة "راين إير" (أ ب)

أدرجت عدة عواصم أوروبية وشركات جوية المجال الجوي البيلاروسي، الإثنين، على قائمة سوداء، وسط تزايد الضغوط الدولية على مينسك إثر تحويلها مسار طائرة تجارية واعتقالها معارضا على متنها، زاعمةً أنه تم إبلاغ طاقم الطائرة، بوجود قنبلة، وأن تهديدا أُرسل عبر البريد الإلكتروني إلى مطار مينسك في رسالة نسبتها إلى حركة المقاومة "حماس".

وإذ ندد الغربيون بعمل "قرصنة" بل حتى "إرهاب" دولة من جانب بيلاروس، حصلت الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة على أبواب الاتحاد الأوروبي على دعم حليفها الروسي، وأكدت أنها تصرفت بشكل قانوني تماما، غير أن الغربيين اعتبروا أن ادعاء تلقي إنذار بوجود قنبلة لتحويل مسار طائرة "راين إير"، هو ذريعة ونددوا بمناورة تهدف إلى توقيف الصحافي المعارض، رومان بروتاسيفيتش البالغ من العمر 26 عاما.

وحصلت الوقائع، الأحد، حين أقلعت مقاتِلة من نوع "ميغ-29" بأمر شخصي من الرئيس، ألكسندر لوكاشنكو، لاعتراض طائرة تابعة لشركة "راين إير" كانت تقوم بالرحلة "إف آر 4978" بين أثينا وفيلنيوس، عاصمتي دولتين من الاتحاد الأوروبي، أثناء عبورها المجال الجوي البيلاروسي.

وقرّر الاتحاد الأوروبي مساء الإثنين، إغلاق مجاله الجوي أمام الطائرات البيلاروسية، كما دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بروكسل شركات الطيران الأوروبية إلى تجنّب المجال الجوي البيلاروسي، مطالبين بـ"الإفراج فورا" عن بروتاسيفيتش وصديقته، وفق مقررات للقمة نشرها متحدث باسم الاتحاد الأوروبي.

وأعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل أن الأسباب التي استخدمتها سلطات بيلاروس "تفتقر إلى المصداقية"، متحدثة قبل انعقاد قمة للاتحاد الأوروبي، مساء الإثنين والثلاثاء، سيتم خلالها بحث مسألة فرض عقوبات على مينسك.

وبعد هبوط طارئ لبضع ساعات في مطار مينسك وتفتيش الطائرة وركابها، انطلقت طائرة البوينغ 737-800 مجددا إلى ليتوانيا لكن بدون رومان بروتاسيفيتش الذي أوقفته قوات الأمن برفقة صديقته صوفيا سابيغا.

وبروتاسيفيتش هو رئيس تحرير سابق لمحطة "نيكستا" المعارضة البيلاروسية، ولعب دورا أساسيا في تنظيم حركة احتجاجية ضد لوكاشنكو في 2020، تعرّضت لقمع شديد.

خلال مظاهرة للبيلاروسيين الذين يعيشون في بولندا (أ ب)

وبررت السلطات البيلاروسية اعتراض الطائرة بتلقيها إنذارا بوجود قنبلة تبيّن لاحقا أنه كاذب. وتم في هذا السياق اعتقال المعارض المدرج منذ تشرين الثاني/ نوفمبر على لائحة الأشخاص "الضالعين في أنشطة إرهابية" في بيلاروس.

ونددت المعارضة المقيمة في المنفى سفيتلانا تيخانوفسكايا مرة جديدة الإثنين بتوقيف الصحافي. وقالت خلال مؤتمر صحافي في فيلنيوس: "حصل نموذج عن إرهاب الدولة. الآن سيكون جميع الركاب الذين يعبرون في طائرات تابعة لشركات مدنية فوق بيلاروس في خطر".

وأضافت: "النظام حول بلدنا إلى ما يشبه كوريا الشمالية في وسط أوروبا".

واتخذت بعض الدول تدابير منذ الآن، فطلبت المملكة المتحدة من شركاتها عدم دخول المجال الجوي البيلاروسي، فيما حظرت ليتوانيا وأوكرانيا كل الرحلات عبر هذا البلد. كما أعلنت شركتا "إس إيه إس" وطيران البلطيق أنهما ستتجنبان مجال بيلاروسيا الجوي، فيما أعلنت لندن تعليق الترخيص لشركة الطيران الوطنية "بيلافيا".

واستدعى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا سفراء هذا البلد.

من جهتها، أعلنت المنظمة الدولية للطيران المدني عقد اجتماع طارئ لمجلسها الإداري، الخميس، لبحث الحادث.

وتوعدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين بـ"رد قوي جدا" من الاتحاد الأوروبي على هذا "السلوك المشين"، فيما أيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إجراء "تحقيق مستقل" في المسألة.

وأكد قائد سلاح الجو البيلاروسي، الإثنين، أن طيار طائرة راين إير تصرف "بدون تدخل خارجي" بعد الإنذار المزعوم بوجود قنبلة، واختار الهبوط في مينسك بدلا من أوكرانيا أو بولندا.

من جهته، أوضح مسؤول في وزارة النقل البيلاروسية أن مطار مينسك تلقى تهديدا عبر رسالة إلكترونية منسوبة إلى حركة حماس جاء فيها: "نحن، جنود حماس، نطالب بأن توقف إسرائيل إطلاق النار على قطاع غزة. نطالب بأن يكف الاتحاد الأوروبي عن دعمه لإسرائيل (...) إذا لم تتم تلبية مطالبنا فإن قنبلة ستنفجر (على متن طائرة راين اير) فوق فيلنيوس".

واعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أن مينسك تصرفت بصورة "منطقية" مؤكدا استعدادها للتعامل بـ"شفافية تامة" مع هذه المسألة.

وقالت مينسك بهذا الصدد إنها أبلغت منظمة الطيران المدني الدولي، الهيئة التابعة للأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) بـ"استعدادها للتعاون في تحقيق غير منحاز".

ونددت الولايات المتحدة بـ"تحويل قسري لمسار طائرة" فيما ندد الاتحاد الأوروبي بـ"عمل غير مقبول إطلاقا"، واقترحت فرنسا حظرا مشتركا للمجال الجوي البيلاروسي. أما بولندا المجاورة لبيلاروس والتي تدعم المعارضة في المنفى، فتحدثت عن "عمل إرهاب دولة"، فيما دان الحلف الأطلسي "حادثا جديا وخطيرا".

(أ ب)

وندد رئيس شركة "راين إير"، مايكل أوليري بعمل "قرصنة"، مؤكدا أن عناصر من أجهزة الاستخبارات البيلاروسية ربما كانوا على متن الطائرة.

ودعت الولايات المتحدة على غرار الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق سراح المعارض.

ويبدي نظام لوكاشنكو الحاكم منذ 1994، نزعة سلطوية متزايدة منذ قمع حركة احتجاج شعبية غير مسبوقة العام الماضي، نزل فيها عشرات الآلاف إلى الشوارع.

وتراجعت الحركة الاحتجاجية تدريجا أمام قمع شديد، وباتت جميع وجوهها في السجن أو في المنفى القسري، فيما يقضي ناشطون وصحافيون عقوبات شديدة بالسجن.

وأفاد ركاب على متن الطائرة تحدثوا لوكالة "فرانس برس"، بأن المعارض أصيب "بالذعر" وقال إنه "يواجه احتمال عقوبة الإعدام"، وهو ما أكدته سفيتلانا تيخانوفسكايا. وبيلاروس هي آخر دولة في أوروبا تطبق عقوبة إعدام.

التعليقات