الانتخابات الإيرانية: الاتفاق النووي حاضر.. والتأثير عليه غائب

تشهد إيران، الخميس المقبل، اقتراعًا لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفًا للإصلاحي حسن روحاني. وتطغى مباحثات الاتفاق النووي على المناظرات الرئاسيّة، خصوصًا ارتباطها بالعقوبات الأميركية القاسية على الاقتصاد الإيراني.

الانتخابات الإيرانية: الاتفاق النووي حاضر.. والتأثير عليه غائب

رئيسي سائرًا ومن خلفه مرشحون آخرون (أ ب)

تشهد إيران، الخميس المقبل، اقتراعًا لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفًا للإصلاحي حسن روحاني. وتطغى مباحثات الاتفاق النووي على المناظرات الرئاسيّة، خصوصًا ارتباطها بالعقوبات الأميركية القاسية على الاقتصاد الإيراني.

ومع ذلك، يستبعد أن يكون لنتيجة الانتخابات، حتى في حال الفوز المرجح للمحافظ المتشدّد، إبراهيم رئيسي، تأثير يذكر على المفاوضات الجارية في فيينا، على ما يرى محللون.

وفي العام 2015، أبرم روحاني اتفاقًا مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا)، بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة.

وتترافق الانتخابات مع خوض طهران وأطراف الاتفاق منذ مطلع نيسان/أبريل، مباحثات في فيينا سعيا لإحيائه بعد الانسحاب الأميركي منه العام 2018 في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب. وتشارك الولايات المتحدة التي أبدى رئيسها الجديد، جو بايدن، استعداده للعودة الى الاتفاق، بشكل غير مباشر في المباحثات ومن دون التواصل مباشرة مع وفد إيران.

ويستبعد محلّلون أن تثمر المباحثات قبل موعد الانتخابات التي يبدو رئيسي المرشح الأوفر حظا للفوز بها، لكنهم يلفتون إلى أن القرار بشأن كل ما له علاقة بالملف النووي يتخذ في إيران على مستوى أعلى من الرئاسة، ويدخل في إطار السياسة العامة للبلاد التي تعود الكلمة الفصل فيها إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي.

ويقول الباحث الفرنسي، كليمان تيرم، المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، إنّ "قرار (إجراء) تسوية بشأن الملف النووي يتخطى المنافسات بين الشرائح (السياسية في إيران). هو يتعلق بالموازنة بين استمرارية النظام (السياسي) المرتبط بتحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، والرغبة في الحفاظ على الوضع القائم" سياسيا.

وشدّد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، على أن "الملف النووي هو محط إجماع في الجمهورية الإسلامية"، وهو "لذلك غير مرتبط بالتطورات الداخلية في البلاد وتتولاه جهات على مستوى أعلى".

ورسم خامنئي الخط الأساسي للمفاوضين الإيرانيين في فيينا، بتأكيده أن الأولوية هي رفع العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على بلاده بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق، وأتت ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدتها إدارته خلال ولايته التي امتدت بين العامين 2017 و2021.

وأتاح الاتفاق، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة" ووضع إطاره القانوني بقرار مجلس الأمن الرقم 2231، رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها وعدم سعيها لتطوير سلاح نووي.

لكن ترامب أعاد فرض عقوبات مشددة انعكست بشكل حاد على الاقتصاد الإيراني وسعر صرف العملة. وفي رد على الانسحاب الأميركي، بدأت طهران تدريجا اعتبارا من العام 2019، التراجع عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.

واتخذت طهران في الأشهر الماضية إجراءات إضافية ضمن ما تسميه "إجراءات تعويضية" بعد الانسحاب، اذ قيّدت عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، علما بأن الاتفاق حدد سقف التخصيب عند 3,67.

وتجري مفاوضات فيينا بشكل أساسي بين طهران والأطراف الأخرى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بينما تتولى الأخيرة (مع الاتحاد الأوروبي) التنسيق بين الوفدين الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية، عباس عراقجي، والأميركي برئاسة المبعوث الخاص لإيران روبرت مالي.

وتشترط الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات، عودة إيران إلى احترام التزاماتها. من جهتها، تؤكد الأخيرة استعدادها للامتثال لموجباته بشرط رفع واشنطن كل العقوبات التي أعاد ترامب فرضها.

وأكد الأطراف تحقيق تقدم خلال الأسابيع الماضية، مع إقرارهم بأن جهدا إضافيا لا يزال مطلوبا للتوصل إلى تفاهم.

ويرى المحلل لدى مجموعة "أوراسيا غروب" البحثية، هنري روم، أن "طهران تريد إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (...) بالنسبة إلى إيران، رفع العقوبات هو حاجة إستراتيجيّة".

ووعد روحاني الإيرانيين بالسعي لرفع العقوبات التي انعكست أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، قبل نهاية عهده الذي بدأ العام 2013، مشددا على أن مفاوضات فيينا شهدت حل قضايا "رئيسية" مع الولايات المتحدة. لكنه أقر بأن إحياء الاتفاق قبل نهاية ولايته يحتاج إلى "إرادة" غير محصورة بحكومته فقط.

ومن المقرّر أن يسلم روحاني منصبه إلى خلفه المنتخب خلال آب/أغسطس المقبل.

لكن حتى في حال كان هذا الخلف هو رئيسي المحسوب على المحافظين المتشددين الذين يبدون موقفا متحفظا حيال الغرب وسبق لهم انتقاد حكومة روحاني على خلفية تعويلها المفرط على الاتفاق، يرى محلّلون أن الحكومة الإيرانية الجديدة ستسعى لإيصال مفاوضات فيينا الى خاتمة إيجابية.

ووفق ورقة تحليلية لـ"أوراسيا غروب" نشرت حديثا، يبدي رئيسي "تأييده للعودة الى الاتفاق النووي، وسيقوم على الأرجح بمتابعة تنفيذه كرئيس".

وأضافت "سينال رئيسي فوائد سياسية مهمة من العودة إلى الاتفاق النووي"، خصوصًا وأن إحياءه "سيؤدي على الأرجح إلى زيادة مطردة في نمو الاقتصاد الإيراني تقودها بشكل أساسي زيادة صادرات النفط"، ما سيوفر لحكومته إيرادات مالية إضافية تتيح لها الحد من التضخم وتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

التعليقات