التوّترات الدبلوماسية الأميركية الصينية تهيمن على مفاوضات المناخ

تساهم الصين والولايات المتّحدة معا في أكثر من نصف إجمالي الانبعاثات، فيما تتّسم العلاقة بين حكومتيهما بالتوتّر، في حين يزداد الزخم بشأن أزمة المناخ، لكن التحرّك قدما لن يكون ممكنا من دون الولايات المتحدة والصين.

التوّترات الدبلوماسية الأميركية الصينية تهيمن على مفاوضات المناخ

توضيحية (pixabay)

تتّسم العلاقة بين الصين والولايات المتّحدة بالتوتّر ويساهم البلدان في أكثر من نصف إجمالي الانبعاثات الملوّثة للبيئة والتحرّك قدما بشأن أزمة المناخ لن يكون ممكنا من دون الولايات المتحدة والصين.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويشكل الأمر مصدر قلق قبل مؤتمر الأطراف بشأن المناخ (كوب26) الذي تنظمه الأمم المتحدة في نهاية الشهر الحالي، إذ ثمة تساؤلات حول احتمال أن تؤدي التوترات الدبلوماسية الحادة بين الدولتين إلى إفشال قمة غلاسكو الحاسمة.

يعدّ التوصل إلى اتّفاق في مؤتمر اسكتلندا بين بكين وواشنطن ذي أهمية قصوى، وسيعطي دفعًا قوّيًا لاتّفاق دوليّ فيما يفيد خبراء أن العلاقات الباردة جدًّا بينهما لا تشكل عائقا لا يمكن تجاوزه إذ أن المنافسة المحتدمة بينهما قد تحفز مكافحة الاحترار المناخي.

وتقول الباحثة في جامعة كولومبيا في نيويورك، ماري نيكولز، التي أشرفت على المبادرات المناخية الرئيسية في ولاية كاليفورنيا الأميركية "في حال لم يتوصلا إلى الاتفاق على شيء كبير هذا لن يمنع اتخاذ إجراءات جديدة لأن البلدين يرغبان بالقيام بأشياء كثيرة، كل من جانبه وهما قادران على ذلك".

وأضافت نيكولز "لكن هذا لا يعني أن ‘عدم الاتفاق‘ لن يكون له تأثير. فمن دون اتّفاق صريح بين الأميركيين والصينيين قد تتردد الدول الأخرى في التحرك".

وحدّد الرئيس الأميركي جو بايدن أولويتين رئيسيتين في سياسته الخارجية: مواجهة النفوذ الصيني المتزايد وحل الأزمة المناخية. منذ دخوله البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير.

ووضع سياسية خارجية، من أجل التوفيق بين هذين الهدفين، تعتمد على خطّين متوازيين حيال بكين يقومان على التعاون على صعيد المناخ و"المنافسة الاستراتيجية" التي تذكّر بأجواء الحرب الباردة على الأصعدة الأخرى من حقوق الإنسان، ومصير تايوان ،والتجارة وغيرها.

وقال الموفد الأميركي الخاصّ لمفاوضات المناخ، جون كيري قبل فترة قصيرة "الخلافات الكثيرة بين الصين والولايات المتحدة ليست بسرّ. لكن على صعيد المناخ يشكل التعاون الطريقة الوحيدة لتجنّب الانتحار الجماعي الذي يتجه إليه الجميع".

وزار كيري الصين مرتين في محاولة خصوصا لإقناع السلطات الصينية بطي صفحة محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم الحجري. لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي ردّ بأنه يعتبر "من المستحيل أن يكون التعاون الصيني-الأميركي حول المناخ بمعزل عن المناخ العام للعلاقات الصينية-الأميركية".

وتخشى واشنطن خصوصا أن تلجأ الصين إلى الابتزاز المناخي للحصول على تنازلات حول قضايا شائكة أخرى.

ويؤكد الأميركيون انهم حذّروا الصين خلال لقاء الأسبوع الماضي في سويسرا بأن قطعهم التزامات بهذا الخصوص لا يشكل "خدمة" ينتظرون مكافأة عليها.

لكن الحوار بين البلدين لم ينقطع. فقد قام الرئيس الصيني شي جينبيغ بمبادرة لافتة بإعلانه في أيلول/سبتمبر وقف بلاده تمويل محطات تعمل بالفحم في الخارج.

ويرى أليكس وانغ من جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس أن المنافسة على الساحة الدولية بين القوتين العظميين الخصمين قد تؤدي إلى "مزاحمة إيجابية" على المسائل البيئية.

ويضيف أن كلا الطرفين لديه "اسباب ناجعة لإحراز تقدم" خصوصا الصين "التي تحسن من خلال اعتماد سلوك جيد على صعيد المناخ، سمعتها الدولية" موضحًا "إذا شعر المسؤولون الصينيون بأنهم متخلفون في هذا المجال قد يدفعهم ذلك إلى بذل المزيد".

واعتمد الرئيس الديموقراطي موقفا مخالفا لسلفه دونالد ترامب الذي انسحب من اتفاق باريس للمناخ ودافع بشراسة عن استخدام الفحم. وتريد واشنطن الآن أن تصبح مجدّدًا رأس حربة مكافحة التغير المناخي وتنوي استثمار مبالغ غير مسبوقة لهذه الغاية.

وقد يشكل المسار متعدد الأطراف مثل (كوب26) برعاية الأمم المتحدة وسيلة للالتفاف على المواجهة الصينية-الأميركية على ما يفيد جايكوب ستوكس من مركز الأبحاث (Center for a New American Security).

ويؤكد "لا يريد أي من المعسكرين أن يعطي الانطباع بأنه يتحرك لإرضاء المعسكر المقابل".

ويرى أنه يجدر بالمسؤولين الأميركيين أن يركزوا على الجهود الدبلوماسية مع أفقر دول العالم.

ويسأل "ما الأهم؟ بذل جهود جبارة للحصول على تنازلات من بكين أو محاولة تمويل مصادر الطاقة النظيفة في بقية الدول النامية التي تحتاج إلى كميات طاقة كبيرة لتحقيق التنمية؟"

التعليقات