مأزق سياسي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.. كيف فقد ثقة الأغلبية؟

تعرض حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا لانتكاسة تاريخية في الانتخابات البلدية هذا الأسبوع، ما يضع رئيس البلاد والحزب سيريل رامافوزا في مأزق سياسي.

مأزق سياسي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.. كيف فقد ثقة الأغلبية؟

رئيس جنوب أفريقيا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، سيريل رامافوزا (أ ب)

تعرض حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا لانتكاسة تاريخية في الانتخابات البلدية هذا الأسبوع، ما يضع رئيس البلاد والحزب سيريل رامافوزا في مأزق سياسي.

وسجّل حزب نيلسون مانديلا أسوأ نتيجة انتخابية له بتراجع مؤيديه إلى أقل من 50%، وفق ما أظهرت النتائج النهائية. وحصد الحزب سابقا أغلبية الأصوات منذ أول انتخابات ديمقراطية في البلاد عام 1994.

وخسر المؤتمر الوطني الأفريقي ستّا من ثماني مدن رئيسية في البلاد وعانى انتكاسات كبيرة في مدن أخرى.

وقالت المحللة سيسونكي مسيمانغ "تظهر النتائج فشل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي... لقد أكد الناخبون في المدن الكبرى أنهم سئموا من الوضع القائم".

ودعت قيادة الحزب إلى اجتماع طارئ، الجمعة، لمناقشة النتائج المخيّبة، رغم أن حلفاء رامافوزا قدّروا أن الحزب كان سيحصد نتائج أسوأ من دونه.

وقال مسؤول الانتخابات في الحزب الحاكم ووزير النقل، فيكيل مبالولا: "كان لدينا أفضل سلاح في هذه الحملة، هو سيريل رامافوزا رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. لولاه، لكانت الأمور أسوأ".

مشاركة عائلة جنوب أفريقية في عملية الاقتراع (أ ب)

تولى رامافوزا المعروف بكونه زعيما معتدلا وتوافقيّا، منصبه عام 2018 واعدا بالقضاء على الفساد الذي تغلغل في الحزب.

ويحاكم سلفه في الرئاسة جاكوب زوما حاليا في قضايا مختلفة بتهمة اختلاس أموال عامة. ولم يقتنع أنصار زوما بشعارات محاربة الفساد التي يرفع لواءها رامافوزا معتبرين أنه يستهدف الرئيس السابق.

وأظهرت دراسة استقصائية لشبكة "أفرو بارومتر" أن ثلثي سكان جنوب أفريقيا يرون أن الفساد تفاقم في عهد سيريل رامافوزا.

وقد اضطر وزير الصحة إلى الاستقالة هذا العام، على وقع اتهامات بمنحه عقود خدمات بشكل غير مشروع في سياق مكافحة فيروس كورونا. لكن رامافوزا شكره مؤكدا أنه "خدم الوطن".

وقال إيفان جوفندر (56 عاما) وهو صاحب مطعم في جوهانسبرغ "هناك كثير من الفساد... بعد سبعة وعشرين عاما، ما زالوا يستخدمون الفصل العنصري ذريعة. إنها ذريعة جوفاء، آمل أن يكون هذا بمثابة دعوة لليقظة لترتيب بيتهم".

والسؤال المطروح على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي: من غير رامافوزا بامكانه ترتيب الوضع؟

عندما كان قياديا في نقابات عمال المناجم، ساعد رامافوزا في التفاوض على انتقال البلاد إلى الديمقراطية. ثم انتقل إلى عالم الأعمال وجمع ثروة تصل قيمتها إلى 550 مليون دولار.

لكن الصبر الذي يميّزه يمكن أن يعمل ضده أيضا. فعندما اندلعت أعمال الشغب في تموز/يوليو مخلفة أكثر من 350 قتيلا، تباطأ رامافوزا في نشر قوات الأمن خوفا من تكرار مشاهد تذكر بحملات القمع في حقبة نظام الفصل العنصري.

ويختار البرلمان الرئيس في جنوب أفريقيا بأغلبية مطلقة، ويمكن لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي عزل رامافوزا إذا لم يوافق على أدائه السياسي. واستُبدل سابقا اثنان من أسلافه في منتصف ولايتيهما.

رغم ذلك، أظهر استطلاعان قبل الانتخابات أن رامافوزا يتمتع بشعبية أكبر بكثير من حزبه. وقال مدير مؤسسة "ديموكراسي ووركس" وليام غوميد إن ذلك قد لا يكون له تأثير كبير عندما يجتمع المؤتمر الوطني للحزب العام المقبل لاختيار قادته.

وأضاف أن "شعبيته لن تفيده عند ترشحه في مؤتمر الحزب". وتابع "رغم محاربته الفساد، يعتقد كثير من مواطني جنوب أفريقيا أنه لم يفعل ما يكفي، لكن حزبه يعتقد أنه مضى أكثر مما يلزم. تلك هي معضلته".

التعليقات