ساعات حاسمة للمناخ: الدول الغنية مطالبة بتحمل المسؤولية

تواصل 200 دولة موقعة على اتفاقية باريس حول المناخ اليوم، السبت، جهودها لمحاولة انتزاع اتفاق يهدف إلى خفض الاحتباس الحراري، عبر تقلص الاعتماد على الوقود الأخفوري وتقديم مساعدات للدول الفقيرة، وذلك في ختام مؤتمر "كوب 26" في غلاسكو.

ساعات حاسمة للمناخ: الدول الغنية مطالبة بتحمل المسؤولية

المفاوض الصيني برفقة المبعوث الأميركي الخاص للمناخ، جون كيري، الجمعة (أ ب)

تواصل 200 دولة موقعة على اتفاقية باريس حول المناخ اليوم، السبت، جهودها لمحاولة انتزاع اتفاق يهدف إلى خفض الاحتباس الحراري، عبر تقلص الاعتماد على الوقود الأخفوري وتقديم مساعدات للدول الفقيرة، وذلك في ختام مؤتمر "كوب 26" في غلاسكو.

فبعد قمة شارك فيها قادة أكثر من 120 دولة وإعلانات من كل الأنواع حول العديد من القضايا المتعلقة، من الغابات إلى غاز الميثان، وأسبوعين من المفاوضات الشاقة حول عدد كبير من القضايا المهمة، تم تمديد مؤتمر غلاسكو للمناخ يوما آخر على الأقل لمحاولة إبقاء الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس - الحد من ارتفاع الحرارة بـ1,5 درجة مئوية مقارنةً بعصر ما قبل الصناعة - "حيا".

وبعد انتهاء المؤتمر نظريا، حددت رئاسته البريطانية موعدا للاجتماع عند الساعة الثامنة بعد ليلة أخرى من المشاورات من أجل صيغة ثالثة لنص البيان الختامي، على أمل التوصل إلى اتفاق نهار السبت.

والصيغة الثانية من النص التي نشرت صباح الجمعة، لا تلقى أي إجماع بل تثير انتقادات من مختلف الأطراف. ومحور الخلاف هو المبالغ المخصصة لمساعدة الدول الأكثر فقرا على خفض انبعاثاتها من غاز ثاني أوكسيد الكربون والاستعداد لمواجهة العواصف وموجات الحر والجفاف التي تتضاعف.

علما بأن هذه الدول هي الأقل تسببا بالتغيرات المناخية لكنها الأكثر معاناة من تأثيرها.

وأكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لإذاعة "بي بي سي"، بعد ظهر الجمعة، أنه "يجب أن نضع الأموال على الطاولة لمساعدة الدول النامية على إجراء التغييرات الضرورية (...) هذا ما يجب أن يحدث في الساعات المقبلة".

احتجاجات تطالب الدول بالوفاء بالتزاماتها (أ ب)​​

وكانت دول الشمال قد وعدت في 2009 بزيادة مساعداتها المناخية للجنوب لتصل إلى مئة مليار سنويًا اعتبارا من 2020. لكنها لم تف بعد بوعودها، ما زاد من استياء الدول النامية وسط أزمة صحية تزيد من أعبائها.

وترى الدول النامية أن الصيغة الأخيرة من النص لا تلبي مطالبها.

وبمعزل عن المئة مليار و"الثقة التي فقدت"، وضعت البلدان النامية على الطاولة اقتراحا لإنشاء آلية محددة لتؤخذ في الاعتبار "الخسائر والأضرار"، أي الآثار المدمرة للعواصف والجفاف وموجات الحر المتزايدة.

ويؤكد مراقبون إن هذا لم يُجد حتى الآن بسبب معارضة الدول الغنية. وقالت غابرييلا بوشر، "أوكسفام" (Oxfam) الدولية غير الحكومية، إن "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعرقلان هذا الاقتراح".

وأضافت أن "الدول الغنية تعرقل التمويل عن الخسائر والأضرار في كل مرحلة منذ بعض الوقت".

كما يتهم الجنوب، الدول المتقدمة، بأنها تريد إجباره على بذل المزيد من الجهد لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع أنه غير مسؤول عن تغير المناخ.

وقال ممثل بنما خلال الجلسة العامة، الجمعة، إن "كل ما نطلبه منكم هو الوفاء بوعودكم والاعتراف بمسؤولياتكم في التسبب بهذه الأزمة، لا أكثر ولا أقل".

مظاهرات غاضبة على هامش "كوب 26" (أ ب)

وفي محاولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، يدعو النص المؤقت للرئاسة البريطانية الدول الأعضاء إلى رفع التزاماتها بخفض الانبعاثات بشكل أكثر انتظاما مما تنص عليه اتفاقية باريس، اعتبارا من 2022.

وأضيفت إلى الصيغة السابقة عبارة تتعلق بإمكانية إجراء تعديلات "لظروف وطنية خاصة"، ما أثار انتقادات المنظمات غير الحكومية حول الطموح الحقيقي للدول، للحد من ارتفاع درجات الحرارة.

وعلى الرغم من الالتزامات الجديدة بالموعد النهائي (2030)، التي تم الإعلان عنها قبل مؤتمر الأطراف وبعد بدئه، ما زال العالم في طريقه إلى ارتفاع "كارثي" في درجة الحرارة يبلغ 2,7 درجة مئوية، حسب الأمم المتحدة، بينما يسبب ارتفاع قدره 1,1 درجة مئوية زيادة في الكوارث اليوم.

والقضية الحساسة الأخرى في قلب المفاوضات هي الوقود الأحفوري، السبب الرئيسي للاحتباس الحراري. فبينما لم تأت اتفاقية باريس على ذكره، ينص المشروع الأخير للبيان الختامي - وهو نص مخفف بالمقارنة مع الوثيقة الأولى - على الحد من تمويل هذا القطاع. لكنه لم يرض أحدا.

وعلى صعيد متصل، اعتبر أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإعلان الأميركي - الصيني بتعزيز التعاون في مجال المناخ، "خطوة مهمة على الطريق الصحيح، لكنها بعيدة عن أن تكون كافية".

والأربعاء، قال بيان مشترك صادر عن واشنطن وبكين: "توصلنا إلى اتفاق حول تعزيز التحرك حيال المناخ"، وأضاف أن البلدين "أكدا التزامهما بالعمل معًا لتعزيز تنفيذ أهداف اتفاق باريس لعام 2015".

وتعليقا على ذلك الاتفاق، قال غوتيريش: "أرحب باتفاقية التعاون بين الولايات المتحدة والصين أمس، واعتبرها خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح"، غير أنه شدد على أن "الوعود تبدو جوفاء عندما لا تزال صناعة الوقود الأحفوري تتلقى تريليونات من الإعانات، وتستمر الدول في بناء مصانع الفحم".

وأضاف غوتيريش: "الإعلان هنا في غلاسكو (عن الاتفاق الأميركي الصيني) مشجع، لكنه بعيد كل البعد عن أن يكون كافيا حيث لا تزال فجوة الانبعاثات تشكل تهديدًا مدمرًا". وتابع "نحن بحاجة إلى مزيد من الطموح.. وبحاجة إلى تعهدات يتم تنفيذها، وإلى التزامات ملموسة.. وإجراءات يمكن التحقق منها".

وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انطلقت في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الـ 26 لتغير المناخ، بين الأطراف (دول، منظمات أممية، مؤسسات تعنى بالمناخ) لتسريع العمل نحو أهداف اتفاق باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

وضمن الأهداف المحددة لـ"كوب 26" تأمين صافي الصفر العالمي للانبعاثات بحلول منتصف القرن، والحفاظ على ارتفاع حرارة الأرض بحد أقصى 1.5 درجة، مقارنة بـ 3.5 درجة متوقعة في ظل الانبعاثات الحالية.

التعليقات