ناشطات أفغانيات ضد الحوار مع طالبان.. "يسجنونا بكابُل ويحاورونا بأوسلو"

أعربت ناشطات أفغانيات عن شعورهن بالخيبة والخيانة إثر استضافة النروج محادثات بين حركة طالبان ومؤسسات مجتمع مدني غربية وأفغانية.

ناشطات أفغانيات ضد الحوار مع طالبان..

نساء أفغانيات يتظاهرن في العاصمة الأفغانية ضد تقييد حرياتهن (أ ف ب)

أعربت ناشطات أفغانيات عن شعورهن بالخيبة والخيانة إثر استضافة النروج محادثات بين حركة طالبان ومؤسسات مجتمع مدني غربية وأفغانية.

وتوجه وفد رفيع المستوى من حركة طالبان على رأسه وزير الخارجية على متن طائرة خاصة أرسلتها الحكومة النروجية لنقل المسؤولين إلى أوسلو حيث تعقد منذ، الأحد، محادثات مع دول غربية يشارك فيها ممثلون عن المجتمع المدني الأفغاني.

وهؤلاء الناشطات الممتعضات كانوا قد خرجنَ خلال الأسابيع الماضية للتظاهر ضد حكم حركة طالبان لمعانتهن من قمع طالبان لتحركاتهنّ المحدودة أصلًا، ويشعرن بغضب شديد تجاه الجهود الدبلوماسية المبذولة تجاه الحركة، التي اتخذت خلال الأشهر الماضية إجراءات عدة تعيد إلى الأذهان القيود المشددة التي فرضتها خلال الفترة الأولى من حكمها في التسعينات.

وأعربت وحيدة أميري، التي شاركت في تحركات عدة في كابول، لوكالة "فرانس برس"، عن "أسفها لتنظيم دول مثل النروج هذه القمة، وللجلوس مع إرهابيين وعقد صفقات".

وأضافت "يحزنني كثيرًا هذا الأمر. عار على العالم الذي قبل بذلك ويفتح أبوابه لطالبان".

ومنذ عودتها إلى الحكم، فرقت حركة طالبان تظاهرات عدة وإن كانت محدودة، واعتقلت منتقدين لها كما اعتدى مقاتلوها على صحافيين.

وبعد أيام قليلة على تظاهرة نسائية جرى تفريقها بالقوة، اتهمت ناشطات، مساء الأربعاء، الحركة باعتقال المتظاهرتين تمنى زريابي برياني وبروانة إبراهيم خل، ضمن سلسلة مداهمات نفّذتها ليلًا. ولم يعرف مكان الشابتين حتى الآن، فيما تنفي حركة طالبان اعتقالهما.

وأعربت الأمم المتحدة في أفغانستان عن "قلق متزايد" حيال اختفاء الناشطتين، وحثت طالبان "على توفير المعلومات حول مكانهما".

وجراء الخشية من قمع طالبان، اختارت ناشطات خلال اليومين الماضيين التظاهر في منازلهنّ في كابول وباميان ومزار شريف، ونشرن لاحقًا صورًا لهنّ يحملهنَ لافتات منددة بمؤتمر أوسلو.

وقالت إحدى الناشطات في باميان، طالبة عدم الكشف عن اسمها، إن "النروج دعت مجرمين وإرهابيين لا يحترمون حقوق المرأة وحقوق الإنسان، إنهم ضد المرأة وضد الإنسانية ولا يؤمنون بحرية التعبير".

وأعربت ناشطة أخرى في المدينة عن خشيتها من أن يتم التنازل عن حقوقهنّ "خلف الأبواب المغلقة في أوسلو".

تُعد حقوق المرأة من أبرز القضايا العالقة في أفغانستان، إذ يشدد المجتمع الدولي على ضرورة احترام حقوق المرأة بالكامل إذا أرادت طالبان الاعتراف بحكومتها.

وتصر حركة طالبان على أنها ستحترم حقوق المرأة لكن في إطار الشريعة الإسلامية.

إلا أن نساء عديدات يُشككن بنية الحركة خصوصًا بسبب اتخاذها خلال الأشهر الماضية إجراءات عدة تحد من حرية المرأة، بينها منع النساء من الخروج في رحلات طويلة من دون محرم.

وخلال العقدين الماضيين، وبرغم المجتمع المحافظ إلى حد بعيد في أفغانستان، تمتعت النساء بهامش من الحرية، وبحق الدراسة والتعليم ووصلن إلى مناصب مهمة في الدولة.

في المقابل، يرى البعض أنه لا مفر من التحدث مع طالبان لانتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي، في وقت يعاني الملايين من الجوع في البلاد.

وقد اتخذ الوضع الإنساني في أفغانستان منعطفًا مأساويًا مع عودة طالبان إلى الحكم خصوصًا مع تجميد الولايات المتحدة 9,5 مليارات دولار من أصول المصرف المركزي الأفغاني، أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.

وعلى وقع التردي الاقتصادي وأزمة السيولة الشديدة، حذرت الأمم المتحدة من أن الجوع يهدد 23 مليون أفغاني، ودعت مؤخرًا إلى تحرير الأموال المجمدة.

ولم تعترف أي دولة حتى الآن بحكومة طالبان، وقد أبقت دول عدة بينها باكستان وروسيا والصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة وإيران سفاراتها مفتوحة في كابول لكن بدون الاعتراف بحكومة طالبان.

وشددت النروج على أن محادثات أوسلو "لا تشكل إضفاء للشرعية أو اعترافًا بحركة طالبان".

وخلال اليوم الأول من المحادثات، الأحد، التقى وفد طالبان ممثلين عن المجتمع المدني، بينهم ناشطات وصحافيين مقرهم كابول.

وشاركت مدافعات عن حقوق المرأة في مباحثات سابقة جرت بين الحركة والولايات المتحدة في الدوحة، وقد انتهت باتفاق في العام 2020، إلا أنها فشلت في منع طالبان من استعادة السيطرة على الحكم.

وخلال جلسة الأحد، حذرت الناشطة الحقوقية هدى خاموش الدول الغربية من أنها "بصمتها وصبرها على طالبان، تتحمل جزءًا من مسؤولية تلك الجرائم" التي ترتكبها الحركة.

وتساءلت "لماذا طالبان تسجننا في كابول وتجلس هنا على طاولة المحادثات معنا في أوسلو؟".

في المقابل، أعربت محبوبة سراج، التي شاركت أيضًا في المحادثات، عن "تفاؤلها" في أن تكون حركة طالبان "سمعتنا".

على عكسها، ترى كثيرات أن المؤتمر يهمشهنّ وأن ناشطات مثل سراج لا يعبرنَ عن رأيهنّ.

وقالت إحدى الناشطات في شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي "كمتظاهرة من أجل حقوق المرأة في أفغانستان تواجه حركة طالبان في الشارع.. أرى أن (هؤلاء النساء) لا تمثلنَني".

التعليقات