انطلاق القمة الأفريقية: عضوية إسرائيل والانقلابات.. أبرز الملفات المطروحة

انطلقت، اليوم السبت، أعمال القمة الأفريقية الـ35 لرؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي تحمل خصوصية مهمة، في ظل الملفات الحرجة التي تتناولها، وأبرزها قبول أو رفض عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد

انطلاق القمة الأفريقية: عضوية إسرائيل والانقلابات.. أبرز الملفات المطروحة

من أديس أبابا (أ ف ب)

انطلقت، اليوم السبت، أعمال القمة الأفريقية الـ35 لرؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي تحمل خصوصية مهمة، في ظل الملفات الحرجة التي تتناولها، وأبرزها قبول أو رفض عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد، ضمن مساعٍ تقودها كل من الجزائر وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى ملفات الأمن والتنمية وتداعيات فيروس كورونا صحيا واقتصاديا على القارة.

ولعل أبرز الملفات التي تبحثها القمة الأفريقية، أزمات المياه والصراعات المسلحة والانقلابات العسكرية في دول القارة ومعالجة الآثار المدمرة لجائحة كورونا، إذ "هيمنت مناقشتها على جلسة المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، (التمهيدي للقمة)، فضلاً عن تهديدات انعدام الأمن من النزاعات والإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات (الانقلابات)"، وفق بيان للاتحاد.

والتأمت الدورة الـ40 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي المنعقدة في أديس أبابا، بين 2 و3 شباط/ فبراير الجاري، للنظر في جدول أعمال القمة الإفريقية الـ35 المقررة التي تعقد على مدار اليوم ويوم غد، الأحد.

ومن المقرر أن يتسلم الرئيس السنغالي ماكي سال، رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي لعام 2022 عن دول غرب القارة، لتخلف دولته الكونغو الديمقراطية. ويصادف عام 2022 الذكرى السنوية العشرين، منذ إطلاق الاتحاد الإفريقي رسميًا في عام 2002، خلفًا لمنظمة الوحدة الإفريقية (1963-2002)

عضوية إسرائيل

وتخصص القمة الأفريقية جزءًا من النقاشات السياسية، للبند التاسع في جدول الأعمال المقرر مساء غد الأحد، المتعلق بقرار منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد.

ويشارك رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتيه، في أعمال القمة، نيابة عن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وبحضور جميع رؤساء الدول الأفريقية، والأمين العام للأمم المتحدة.

ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني، الاتحاد الإفريقي، إلى سحب صفة المراقب التي منحها رئيس مفوضية المنظمة لإسرائيل في تموز/ يوليو، في خطاب ألقاه السبت، بعيد انطلاق القمة.

وقال "ندعو إلى سحب صفة إسرائيل كمراقب لدى الاتحاد الأفريقي والاعتراض عليه" واصفا منحها لإسرائيل بأنه "مكافأة غير مستحقة" للانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية في حق الفلسطينيين.

وأضاف أمام العشرات من رؤساء الدول والحكومات الافارقة المجتمعين في مقر الاتحاد الافريقي في أديس أبابا "إن شعوب القارة الأفريقية تعرف جيدًا الدمار واللاإنسانية الناجم عن الاستعمار والأنظمة ذات الصلة بالتمييز العنصري المؤسسي".

وأضاف محمد اشتية مستندًا إلى تقرير لمنظمة العفو الدولية نشر هذا الأسبوع "لا ينبغي إطلاقا مكافأة إسرائيل على انتهاكاتها ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني".

من جانبه، دافع رئيس مفوضية الاتحاد، موسى فقي محمد، عن قراره، ودعا إلى "نقاش هادئ". وأكد أن التزام الاتحاد الأفريقي "نيل الفلسطينيين الاستقلال ثابت وتوطيده سيستمر" مؤكدا أن قراره بمنح إسرائيل وضع مراقب قد يكون "أداة في خدمة السلام".

وفي 22 تموز/ يوليو 2021، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "سفير إسرائيل لدى إثيوبيا، أليلي أدماسو، قدم أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الإفريقي"، من دون أن توضح خلفيات هذا التطور.

وفي 25 تموز/ يوليو الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، رفضها قبول إسرائيل كمراقب جديد بالاتحاد، مؤكدة أن القرار "اتخذ من دون مشاورات".

وفي 3 آب/ أغسطس 2021، اعترضت سفارات مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (مقر الاتحاد)، على القرار، في مذكرة شفهية، مشددة على "رفض" تلك الخطوة في ظل دعم الاتحاد للقضية الفلسطينية.

سفير إسرائيلي لدى إديس أبابا يقدم أوراق اعتماده (تصوير: الاتحاد الأفريقي)

فيما أكدت سفارات الأردن والكويت وقطر واليمن وفلسطين وبعثة جامعة الدول العربية لدى أديس أبابا تضامنها مع السفارات السبع في هذه المسألة.

وفي منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أرجأ المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي حسم قبول أو رفض منح إسرائيل صفة العضو المراقب في الاتحاد، وإحالته إلى القمة الإفريقية الحالية.

وفي 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، قال الناطق باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، خلال مؤتمر صحافي، إن القمة الإفريقية ستنظر في عضوية إسرائيل كمراقب.

ومن أصل 22 دولة عربية، ترتبط 6 دول فقط بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وهي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وتوترت العلاقات بين الدول الإفريقية وإسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي، على خلفية اندلاع حركات التحرر الوطني من الاحتلال في القارة السمراء وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي، والحروب الإسرائيلية مع الدول العربية.

الصراعات المسلحة والانقلابات

وتشهد دولة المقر إثيوبيا اندلاع حرب أهلية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي، آبيي أحمد، القوات الفيدرالية إلى تيغراي للسيطرة على السلطات المحلية المنبثقة من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بعد اتهامها بمهاجمة ثكنات للجيش الإثيوبي، من دون حسم حتى الآن.

وفي أقل من عام، استولى عسكريون على السلطة في كل من السودان زتشاد ومالي وغينيا وبوركينا فاسو، بينما فشل انقلاب غينيا بيساو الأخير. ووفق بيان المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، "شهدت أفريقيا في الأشهر الأخيرة تراجعًا ديمقراطيا في الكثير من الدول الأعضاء، عقب التغييرات غير الدستورية للحكومات من خلال الانقلاب".

وهو ما "يطرح مخاوف أمنية خطيرة للمناطق والقارة، إلى جانب تهديدات الإرهاب والصراعات وضعف الحكم، التي لا تزال تشكل تهديدا للحالة الإنسانية في أفريقيا وهشاشة الدول"، بحسب البيان.

وأشار رئيس المفوضية، خلال اجتماع المجلس إلى أن "عودة ظهور التغييرات غير الدستورية للحكومة التي تزايدت بشكل خطير خلال الأشهر القليلة الماضية"، معتبرا الأمر "علامة على عجز كبير".

بينما شددت وزيرة الشؤون الخارجية والسنغاليين بالخارج السنغالية عايشاتا تال سال، في الاجتماع ذاته، على أن "عودة التغييرات غير الدستورية للحكومة تقوض أسس الدول الإفريقية وجهود التنمية في القارة"، وفق البيان.

أزمات المياه

وتهمين على أزمات المياه قضية سد النهضة الإثيوبي، الذي يثير خلافات حادة مع مصر والسودان منذ بدء إنشائه منذ نحو عقد، وتظل قضيته هي الأبرز على طاولة القمة الأفريقية.

والخميس الماضي، ناقش وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي مع نظيره الإثيوبي، ديميك ميكونان، أزمة السد، على هامش مشاركة الأول بتحضيرات القمة الأفريقية، ودعاه إلى التوصل إلى حل يرضي الأطراف كافة.

وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، وإن إنشاء السد مهم لدعم جهود التنمية في إثيوبيا، فيما تخشى القاهرة والخرطوم أن يُضر السد بمنشآتهما المائية وحصتهما السنوية من مياه النيل، وسط توقف المفاوضات منذ أشهر بسبب أزمات داخلية في إثيوبيا.

وعادة ما تطالب مصر إثيوبيا بتنسيق فني وقانوني حول الملء والتشغيل لسدها بشكل يضمن استمرار تدفق حصتها السنوية (55.5 مليار متر مكعب) من نهر النيل، والحصول على بيانات المياه، لا سيما في أوقات الجفاف، للحيلولة دون وقوع أزمات.

تداعيات "كورونا"

"لا يزال التقدم في التطعيم ضد كورونا في القارة منخفضًا للغاية، بينما يشكل تعزيز وصول اللقاحات لكل المواطنين الأفارقة أولوية بالنسبة إلى الاتحاد. وسط تعهد عدة دول أفريقية بإنتاج لقاحات"، بحسب ما أفاد بيان للاتحاد، الأربعاء، دون كشف إحصاءات أو أسماء لتلك الدول.

وأشار رئيس المفوضية، خلال اجتماع المجلس التنفيذي، إلى أن القارة بحاجة إلى 454 مليار دولار للاستجابة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة.

وقالت الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا، فيرا سونجوي، في الاجتماع ذاته، إن "التكلفة الاقتصادية لإدارة الجائحة كانت باهظة، إذ ارتفع الدين في إجمالي الناتج المحلي من 40% في عام 2014 إلى نحو 70% اليوم".

وأضافت "فيما كانت 4 دول أفريقية فقط معرضة بشدة لضائقة الديون في عام 2014، فإن 17 دولة معرضة اليوم لخطر كبير من ضائقة الديون".

"حلول أفريقية"

ومن غير المرجح أن تحظى الحرب في إثيوبيا بين القوات الموالية للحكومة ومتمردي "جبهة تحرير شعب تيغراي"، بالكثير من الانتباه.

فيما يمارس الموفدون الأجانب ضغوطًا من أجل التوصل الى وقف لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

لكن الحكومة الإثيوبية رفضت الانتقادات الأميركية والغربية التي وصفتها بأنها تمارس إمبريالية جديدة.

وأمام مطار أديس أبابا نُصبت لافتات في الآونة الأخيرة كتب عليها: "حلول أفريقية لمشاكل أفريقيا" أو "مستقبل أفريقيا الأم مشع".

إلى أين تتجه القمة؟

ويرى الأكاديمي المتخصص في الشأن الأفريقي، خيري عمر، أن طرح عضوية إسرائيل كمراقب للنقاش بالقمة ستكون أبرز القضايا المطروحة فيها.

وتوقع أن يكون الأقرب بالقمة هو رفض القرار وليس تأجيله، خصوصا في ظل قيام دول في الاتحاد الأفريقي بدعم الرفض بصورة مباشرة وغير مباشرة.

في المقابل، يرى محللون كثر أن التصويت المحتمل على هذه القضية قد يحدث انقسامًا غير مسبوق في تاريخ الاتحاد الأفريقي.

واعتبر عمر أن أزمات المياه، ولاسيما سد النهضة الإثيوبي وما يثيره من جدل، سيكون مطروحا أيضا، وسيكون القرار أقرب إلى حث دبلوماسي على الحل التفاوضي.

ولفت إلى أن قضيتي الصراعات المسلحة في دولة المقر إثيوبيا أو بدول القارة، وكذلك الانقلابات ومحاولاتها بإفريقيا، ستكون من القضايا المطروحة.

ورجح عمر أن يخرج حديث دبلوماسي في الاتحاد، بشأن تلك الأزمات، يحث على إجراء انتخابات في أسرع وقت والعودة إلى الحوار بين الأطراف المتنازعة أو المتصارعة.

وأوضح أن "بلدانا عدة بالاتحاد ليس هواها مع تعليق عضويات دول الأزمات والصراعات والانقلابات".

وتوقع أن تكون نتائج قمة الرؤساء تقليدية، في ظل ضعف الاتحاد بشكل عام، على نحو مشابه للجامعة العربية، مرجحا أن يكون الأمر كله "محلّك سر"، في إشارة إلى عدم التقدم خطوة واحدة إلى الأمام في الأزمات.

وأشار إلى سوابق عدة لانعقاد القمة الأفريقية، فيما تعج إثيوبيا بحروب أهلية أو صراعات مسلحة، معتبرا أن هذه الأزمات لن تؤثر على الانعقاد، ولا يُتوقع خروج شيء حاسم أو فاصل من القمة.

التعليقات