"التهديد الروسي بغزو أوكرانيا سيظل مرتفعا حتى نهاية شباط"

على الرغم من رياح التهدئة التي حاولت موسكو بثها مع الإعلان عن انسحاب جزئي للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية، تتواص الرسائل التحذيرات الغربية، إذ شكك حلف شمال الأطلسي (ناتو)، اليوم، الأربعاء، في إعلان وزارة الدفاع الروسية حول سحب القوات.

مناورات عسكرية شمال أوكرانيا (أ ب)

على الرغم من رياح التهدئة التي حاولت موسكو بثها مع الإعلان عن انسحاب جزئي للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية، تتواص التحذيرات الغربية، وسط تشكيك في إعلان وزارة الدفاع الروسية. في المقابل، وصفت موسكو موقف الناتو بالخاطئ، ورحبت باستعداد واشنطن للحوار معها.

وشدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تصريحات صدرت عنه اليوم، أن الولايات المتحدة لم تر أدلة على انسحاب كبير للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية، رغم إصرار موسكو على أنها قامت بذلك. وقال لشبكة "إي بي سي" الإخبارية: "ما نراه لا يمثّل انسحابًا ذا معنى"، واصفًا خطر غزو روسيا جارتها الموالية للغرب بأنه "حقيقي".

وأضاف بلينكن أنه "على العكس، نواصل رؤية قوات عند الحدود، خصوصا قوات قد تكون في المقدّمة في أي عدوان جديد على أوكرانيا". وقال إن "الرئيس الروسي خصص إمكانات تتيح له التحرّك ضمن مهلة قصيرة". معتبرا أنه "يمكنه أن يضغط على الزناد... يمكنه أن يقوم بذلك اليوم أو غدا أو الأسبوع المقبل. القوات حاضرة إذا أراد تنفيذ عدوان جديد ضد أوكرانيا".

ودعا بلينكن إلى حل الأزمة دبلوماسيا وقال "نحن مستعدون سواء للدبلوماسية أو العدوان".

وفي تصريحات لوكالة "رويترز"، قال مسؤول استخباراتي غربي رفيع المستوى، ظهر اليوم، الأربعاء، إن التدريبات العسكرية الروسية بلغت ذروتها وإن خطر شن هجوم روسي على أوكرانيا سيظل مرتفعا حتى نهاية شباط/ فبراير الجاري.

وأضاف المسؤول البارز، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن أجهزة المخابرات الغربية خلصت إلى أن ذروة خطر اندلاع صراع أو وقوع حادث عسكري غير مقصود هي في الفترة الحالية. وتابع "نحن في خضم هذه الفترة الآن. أتوقع أن تكون الأوضاع محيرة وغامضة بالفعل خلال الأسبوعين المقبلين".

(أ ب)

وأوضح المسؤول "نحن في فترة الذروة لأن التدريبات التي أعلن عنها الروس بلغت مراحل النشاط"، مضيفا أن روسيا ستطلق على الأرجح صواريخ باليستية شرقا من بيلاروسيا في إطار تدريباتها خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وشدد على أنه "لا توجد مؤشرات موثوقة في هذه المرحلة على أنه سيكون هناك أي نوع من خفض التصعيد عسكريا". وأردف قائلا إن روسيا يمكنها الآن مهاجمة أوكرانيا "دون سابق إنذار بالضرورة أو حتى بإنذار لا فائدة له".

وقال المسؤول إن أجهزة المخابرات الغربية أشارت أيضا إلى قدرة روسيا على إبقاء القوات الحالية في مكانها لعدة أشهر أخرى إذا رغب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ذلك.

"لا إشارات إلى خفض التصعيد حتى الآن"

من جانبه، قال الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، اليوم، إنه لم ير "حتى الآن" إشارات حقيقية من روسيا على خفض التصعيد، مؤكدا أن روسيا تقوم دائما بعمليات نشر وإعادة انتشار لقواتها وهذا لا يعني أنها سحبتها.

وقال ستولتنبرغ خلال اجتماع لوزراء الدفاع في الحلف في بروكسل، عقد لمناقشة الأزمة الأوكرانية، إنه رغم وجود حشود عسكرية ضخمة على الحدود تبدي موسكو استعدادها للحوار، مؤكدا استعداد الناتو للحوار مع روسيا للوصول إلى حلول دبلوماسية، لكنه مستعد في الوقت نفسه للأسوأ.

وأضاف "سمعنا إشارات من موسكو حول استعدادها مواصلة الجهود الدبلوماسية، ونحن مستعدّون للمناقشة. لكن على روسيا أن تقرن الأفعال بالأقوال، سحب قواتها وتهدئة التوترات". وأضاف "نتابع عن كثب ما تفعله روسيا. لاحظنا وصول قوات ومعدّات ثقيلة، ثمّ انسحاب قوات، لكن المعدات والإمكانات لا تزال في مكانها".

(أ ب)

وختم بالقول: "نريد أن نرى انسحابًا حقيقيًا، مستدامًا، ليس فقط تحرّكًا مستمرًّا للقوات (...) نحن مستعدّون لنجتمع مع روسيا، لكنّنا نستعدّ للأسوأ".

كما قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اليوم الأربعاء، إنه لا يرى حتى الآن أي انسحاب للقوات الروسية من مواقع قريبة من الحدود الأوكرانية. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن زيلينسكي قوله، خلال زيارة لغرب أوكرانيا: "نتعامل مع الحقائق التي لدينا ولا نرى أي انسحاب بعد".

بدوره، قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إنه لا توجد أي أدلة على انسحاب روسي، وأن الغرب سيحكم على أفعال روسيا وليس أقوالها. وأضاف بن والاس، في تصريحات لشبكة "سكاي نيوز"، إنه من غير المجدي توقع تواريخ محتملة قد تغزو فيها روسيا أوكرانيا.

وفي وقت سابق، اليوم، وفي مؤشر انفراج جديد غداة الإعلان عن أولى عمليات الانسحاب العسكري من الحدود، أعلن الجيش الروسي، انتهاء مناورات عسكرية وسحب جزء من قواته من شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو عام 2014. ونشرت وزارة الدفاع الروسية مشاهد تظهر وحدات عسكرية تعبر جسرا يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.

مواقف غربية "حذرة"

ومنذ الإعلان، أمس، الثلاثاء، عن بدء سحب القوات الروسية، عبر الغربيون عن مواقف حذرة. وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الانسحاب "سيكون أمرا ايجابيا"، لكنه تدارك "إننا لم نتحقق حتى الآن" من تنفيذ ذلك، مؤكدا أن هذه القوات التي يقدر عديدها "بأكثر من 150 ألف" جندي لا تزال "في وضع يشكل تهديدا".

من جهته، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأربعاء، إن الأمر سيكون "إذا تأكد، بدون شك" مؤشرا على تهدئة، فيما أشاد المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي استقبله الرئيس الروسي، في موسكو، الثلاثاء، بـ"إشارة جيدة" معتبرا أن الأمور يمكن أن تتطور "بشكل إيجابي".

من جهته كرر الرئيس الروسي، التأكيد على أن موسكو لا تريد حربا، مشيرا إلى أن توسع حلف شمال الأطلسي سيشكل تهديدا لروسيا. وبعدما خفف لهجته، مد بايدن يده إلى نظيره الروسي، الثلاثاء، قائلا: "يجب أن نعطي كل الفرص للدبلوماسية".

(أ ب)

ورد الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قائلا: "إنه أمر إيجابي أن يشير الرئيس الأميركي أيضًا إلى استعداده بدء مفاوضات جدية". واعتبر أن هذه المفاوضات "صعبة جدًا". وبالنسبة لروسيا، يجب أن تؤدي المحادثات إلى إعادة بناء هندسة الأمن الأوروبي المنبثق عن الحرب الباردة.

وقال: "سيكون ذلك صعبًا جدًا، يتطلب الأمر الكثير من المرونة من الجانبين والإرادة السياسية".

والسبت المقبل، يعقد وزراء خارجية مجموعة السبع الأكثر تقدّما محادثات بشأن الأزمة الأوكرانية في ميونيخ على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن؛ وتطالب روسيا بإنهاء سياسية التوسع التي ينتهجها حلف شمال الأطلسي والتزامه عدم نشر أسلحة هجومية على مقربة من الأراضي الروسية وسحب معدّاته من دول أوروبا الشرقية.

فيما رفضت الدول الغربية هذه المطالب وطرحت في المقابل مفاوضات حول مسائل أخرى مثل الحدّ من التسلّح وإجراء زيارات متبادلة لمواقع حساسة أو محادثات حول المخاوف الروسية بشأن الأمن.

التعليقات