مقاتلات "إف 15" الأميركية إلى مصر: "استمالة حلفاء وإزاحة محتملة لروسيا"

في صفقة تسليحية ثانية خلال نحو شهرين، من المقرر أن تزود واشنطن مصر بمقاتلات "إف 15"، وذلك بعد عقود من المباحثات مع القاهرة ونحو شهر من مباحثات عسكرية بين الطرفين.

مقاتلات

مقاتلات "إف 15" (pixabay)

في صفقة تسليحية ثانية خلال نحو شهرين، من المقرر أن تزود واشنطن مصر بمقاتلات "إف 15"، وذلك بعد عقود من المباحثات مع القاهرة ونحو شهر من مباحثات عسكرية بين الطرفين.

واعتبر خبير معني بالدراسات الاستراتيجية، أن "الصفقة العسكرية جاء وقتها لا غير بدعم شركات سلاح ولوبيات لصالح القاهرة، وتوازن القوى بالمنطقة".

ورأى أن "تزامن وقت الإعلان الأميركي مع غزو روسيا لأوكرانيا، يمكن أن يقرأ في سياقه محاولة واشنطن استمالة أبرز حلفائها بالمنطقة وهي مصر، القريبة من موسكو، واللتين بينهما تعاون لإتمام صفقة سوخوي روسية في ظل رفض أميركي".

إعلان "تأخر عقود"

وفي 15 آذار/مارس، أعلن قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكينزي، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، أن بلاده بعد وقت طويل للغاية، ستزود مصر بطائرات "إف 15" إحدى أقوى المقاتلات الحربية في العالم وتنتجها شركة بوينغ، دون تفاصيل عن عددها، أو موعد إرسالها أو طرازها المتوقع.

ووفق الإجراءات الرسمية، يتعين موافقة الكونغرس الأميركي ووزارة الخارجية على الصفقة التي تشير تقارير غير رسمية، إنها تعود لعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011).

وفي 26 كانون الثاني/يناير 2022، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان أن إدارة الرئيس جو بايدن "أجازت" صفقة سلاح لمصر بأكثر من ملياري دولار، تتضمن 12 طائرة نقل من طراز "سوبر هركيوليز سي سي -130" ومعدات ذات صلة بقيمة 2.2 مليار دولار، وأنظمة رادار للدفاع الجوي بنحو 355 مليون دولار.

ولم يصدر عن مصر، رسميا أي تعليق بشأن الصفقة الثانية المحتملة، غير أن وسائل إعلام محلية مثل "أخبار اليوم"، "المصري اليوم"، "اليوم السابع"، وفضائية "إكسترا نيوز"، الإخبارية سلطت الضوء على الإعلان الأميركي، دون أي تعليق إضافي.

غير أن الصفقة هي الثانية لمصر خلال نحو شهرين، وتأتي بعد نحو شهر من زيارة ماكينزي للقاهرة.

وفي 9 شباط/فبراير الماضي، التقى ماكينزي، الفريق أول محمد زكي، وزير الدفاع المصري، بحضور الفريق أحمد خالد قائد القيادة الاستراتيجية والمشرف العام على التصنيع العسكري، وعدد من قادة القوات المسلحة وسفير واشنطن جوناثان كوهين، وفق بيان للجيش المصري آنذاك.

وتناول اللقاء "سبل تعزيز علاقات التعاون العسكري"، وسط تبادل وزير الدفاع وماكنيزي التأكيد على أهمية دعم "علاقات الشراكة الاستراتيجية وزيادة التعاون لإرساء دعائم الأمن والاستقرار بالمنطقة"، بحسب البيان ذاته.

العمود الفقري للمقاتلات

وتعتبر "إف 15"، بحسب وحدة الطائرات العسكرية، بشركة بوينغ الأميركية "العمود الفقري للقوات الجوية في جميع أنحاء العالم، وتتميز المقاتلة بانخفاض نسبة المخاطر وبتعدد المهام القتالية، فضلا عن توفيرها قدرة حمولة لا مثيل لها، علاوة على أدائها الصارم"، وفق الموقع الإلكتروني للشركة.

ومن أبرز عملاء المقاتلة "إف 15" اليابان والسعودية وكوريا الجنوبية وإسرائيل وقطر وسنغافورة، بحسب المصدر ذاته.

تنوع واهتمام مصري

تأتي الصفقة الأميركية الثانية، وسط تنوع مصري في مقاتلاتها العسكرية، فيما ارتفعت وارداتها من الأسلحة بنسبة 136% ما بين 2016 و2020، مقارنة بين العام 2011 و2015، وفق تقرير دولي نشر في 16 آذار/مارس 2021.

وتملك مصر "العديد من الطائرات الحديثة المواكبة لأحدث ما تمتلكه الجيوش، وهي قادرة على الوصول لأبعد مدى، لمجابهة ما يهدد أمن مصر القومي"، وفق حديث قائد القوات الجوية الفريق محمد عباس حلمي"، في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

وشهدت مصر في الأعوام الماضية، مقاتلات "أف 16" الأميركية و"رافال" ، و"ميراج 2000" الفرنسيتين، والروسية "ميغ-29" بجانب أحاديث إعلامية عن سعي مصري لامتلاك المقاتلات الروسية "سوخوي-35".

إزاحة محتملة للسوخوي الروسية

ويأتي الإعلان الأميركي عن تلك الصفقة لصالح مصر، بعدما عبرت واشنطن أكثر من مرة، عن رفضها إتمام القاهرة صفقة المقاتلات الروسية سوخوي 35، أحدثها رسميا في اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مع نظيره المصري، سامح شكري، في شباط/فبراير 2021.

وفي نيسان/أبريل 2019، تعهد وزير الخارجية الأميركي آنذاك، مايك بومبيو، بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مصر حال شرائها تلك المقاتلات؛ وفق قانون أقرته واشنطن في 2017.

وأكدت فضائية "الحرة" الأميركية في تقرير في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 إن "أكثر من مليار دولار وعقوبات مالية أميركية وخسائر أخرى ربما تتعرض لها مصر في حال قررت المضي قدما في صفقة الطائرات الروسية".

وأشار الموقع الإلكتروني "بريكينغ ديفينس – breakingdefense" الأميركي المختص بالشؤون العسكرية منتصف الشهر الجاري إلى أن "نجاح صفقة بيع طائرات F-15 إلى مصر قد تكون له بعض التأثيرات الجانبية على صفقة 2018، التي أبرمتها القاهرة مع موسكو بقيمة 2 مليار دولار في مقابل الحصول على مقاتلات سوخوي".

استمالة حلفاء وتوازن قوى

بخلاف تلك الصفقة الروسية المزعجة لواشنطن، يرجع مصطفى يوسف، مدير المركز الدولي للدراسات التنموية والاستراتيجية في كندا، التوجه الأميركي لدعم مصر بـ"إف 15"، إلى قوة شركات السلاح والضغط واللوبيات الداعمة في واشنطن.

وأشار إلى أن الأمر برمته مرتبط بصفقة جاء توقيتها لا غير، موضحا أن تلك الشركات لديها عقود ومهام لإنجازها وليس لها علاقة بوجود حرب من عدمها.

وحول تزامن وقت الإعلان مع التدخل الروسي بأوكرانيا وعقوبات دولية أبرزها من واشنطن، أضاف أن "أميركا عندما تعطي أسلحة بهذا التوقيت فهي لا شك تستميل أبرز حلفائها مصر المقربة من موسكو ولا تريد لها ولا لغيرها أن تعطي أي تعاطف مع روسيا".

وأضاف "توقعاتي ستتم الصفقة لقوة شركات الضغط واللوبيات".

ورأى أن "إتمام الصفقة سيرسل عدة رسائل للداخل المصري بأن النظام مدعوم أميركيا وله دور في المنطقة وأخرى لأوروبا بأنه أيضا لايزال حليفًا موثوقًا لوزارة الدفاع الأميركية والإدارة الأميركية وله دور على ما يسمى بالحرب على الإرهاب".

وبشأن ما يثار عن الملف الحقوقي المصري وعرقلة الصفقة، أضاف "قوة شركات السلاح وكذلك اللوبيات وشركات الدعاية والعلاقات العامة لها الغلبة وستتغلب هذه المصالح على النظرة لحقوق الإنسان".

وترفض مصر عادة ربط أي مصالح لها بشؤون داخلية كالملف الحقوقي، مكررة الحديث عن دعمها للحريات والحقوق بالبلاد بمواجهة انتقادات دولية.

التعليقات