الطغمة الحاكمة في تايلاند تستخدم "بيغاسوس" ضد عشرات الناشطين

فحوصات جنائية أجرتها منظمات دولية تكشف تجسس السلطات التايلاندية، بواسطة برنامج "بيغاسوس" الذي طورته NSO، على ما لا يقل من 30 ناشطا وأكاديميا ومحاميا وموظفي جمعيات ينشطون باحتجاجات ضد الطغمة الحاكمة

الطغمة الحاكمة في تايلاند تستخدم

من الاحتجاجات في بانكوك، أيلول/ سبتبمر الماضي (Getty Images)

عثرت فحوصات جنائية أجراها معهد أبحاث دولي ومنظمات حقوقية دولية ومؤسسات مجتمع مدني تايلاندية علامات على استخدام برنامج التجسس "بيغاسوس"، الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، من أجل التجسس على الهواتف المحمولة لناشطي الاحتجاج ضد الزمرة الحاكمة والملك في تايلاند.

وجاء في تقرير صدر اليوم، الإثنين، عن معهد الأبحاث الكندي "سيتيزن لاب" ومنظمة العفو الدولية ومنظمتي iLaw و DigitalReach، أنه "تم رصد ما لا يقل عن 30 ضحية لبيغاسوس بين مجموعات مجتمع مدني في تايلاند، من ناشطين وأكاديميين ومحامين وموظفي جمعيات".

وأضاف التقرير أنه جرى اختراق الهواتف المحمولة لشخصيات مركزية في الحركة المؤيدة للديمقراطية استمر خلال الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر العام 2020 حتى تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021، وذلك في موازاة مظاهرات احتجاجية واسعة شهدتها تايلاند.

وبين ضحايا عمليات تجسس السلطات التايلاندية مواطنين خضعوا في الماضي للتوقيف والاعتقال والسجن بسبب نشاطهم السياسي وتصريحاتهم تجاه الجيش والملك، إثر تشديد القوانين التي تمنع توجيه انتقادات للملك وتسمح بتنفيذ اعتقالات وسجن لفترات طويلة.

وليس مستبعدا، وفقا للتقرير، أن تكون عمليات اختراق هواتف الناشطين بواسطة برنامج "بيغاسوس" والتجسس عليهم، في إطار القوانين القمعية التي سنتها الزمرة الحاكمة.

ويذكر أن الولايات المتحدة أدخلت NSO إلى القائمة السوداء "للشركات التي تهدد مصالح أميركية"، بعد اكتشاف شركة "آبل"، العام الماضي، اختراق هواتف محمولة لدبلوماسيين أميركيين في أميركا بواسطة برنامج "بيغاسوس". وإثر ذلك أبلغت "آبل" كثيرين في أنحاء العالم من الذين يحملون هواتف "آيفون" بأنهم كانوا ضحية تجسس دولهم.

وبين الضحايا الذين توجهت "آبل" إليهم، ستة تايلانديين، بعد الاشتباه باختراق هواتفهم المحمولة دون علمهم ومن دون أن يطالبوا بإجراء عمل لتفعيل برنامج التجسس.

وعثر البحث الذي أجراه "سيتيزن لاب" على آثار برنامج "بيغاسوس" في هاتف مواطن بلجيكي من أصول رواندية. وهذا المواطن هو قريب لأحد السياسيين الذي يعتبر خصمًا لرئيس رواندا وسُجن لمدة 25 عاما. وينشط ضحية التجسس في بروكسل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي من أجل الإفراج عن قريبه. والاشتباه هو أن السلطات الرواندية هي التي تقف وراء عملية التجسس هذه.

وحذرت "أمنستي" في بيان صدر عنها، اليوم، بعد مرور عام على اكتشافات مشروع "بيغاسوس"، من أن غياب حظر عالمي مؤقت على بيع برامج التجسس يسمح لقطاع صناعة برامج الرقابة بالاستمرار في نشاطه من دون رادع.

وكشف مشروع "بيغاسوس" عن كيفية استخدام الحكومات في جميع أنحاء العالم لبرنامج التجسس "بيغاسوس" لوضع نشطاء حقوق الإنسان والقادة السياسيين والصحفيين والمحامين في جميع أنحاء العالم تحت المراقبة غير القانونية. وبعد المطالبات المتكررة بتنظيم قطاع صناعة برامج الرقابة، تم اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية – لكن الإجراءات الحكومية ليست كافية بعد، وفقا للمنظمة الحقوقية الدولية.

وقامت منظمة العفو الدولية بالتحقيق في قضية الرقابة غير القانونية لسنوات عديدة. وأكدت أن هناك أدلة متزايدة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومات، وكيف تنتفع الشركات من الرقابة المستهدفة غير القانونية. "كل شهر، هناك حالات جديدة مؤكدة لأشخاص مستهدفين ببرنامج بيغاسوس".

قالت الصحافية في السلفادور، جوليا غافاريت، "إنه لأمر مشين أن يتم استخدام أداة قوية تُستعمل لمكافحة المجرمين، من أجل الاعتداء على الصحفيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان. إنه لأمر مشين ألا يكون لدينا أدنى فكرة عمن كان وراء الاستهداف. من المستحيل ألا نشعر بالغضب عندما تكون حياتنا كلها تحت سيطرة شخص آخر، ولا توجد إجابات بشأن المسؤولية تجاه ذلك".

وأضافت أنه "لقد دفعني الاستهداف إلى تغيير طريقتي في الاتصال، والأماكن التي اعتدت الذهاب إليها، والتفكير مرتين أيضًا في نوع المعلومات التي أرغب في تبادلها مع الآخرين - ليس فقط بسبب أمني الشخصي، ولكن أيضًا لحماية سلامة أولئك الذين يتواصلون معي. يجب أن أكون على دراية بالأماكن التي نزورها، وأحاول توخي الحذر الشديد في كل مرة تكون فيها أجهزتنا بالقرب منّا. بصفتي صحفية، عليّ أن أحمي مصادري، لكن بصفتي امرأة، أحتاج إلى حماية عائلتي وأصدقائي. تنطوي الرقابة على إهانة لحياتنا المهنية وحياتنا الخاصة".

ونقلت "أمنستي" عن الصحافي المغربي الذي يعيش في فرنسا، هشام المنصوري، وصفه لاستهدافه بأنه "شكل عنيف للغاية من الرقابة، لأننا نحرم أنفسنا من التعبير عن رأينا في قضايا عديدة سواء في كانت شخصية أو مهنية"، مضيفا أن "هذا هو هدفهم: أن تصبح مرتابًا، وتنعزل عن الناس ويزجّوك في سجن".

وهناك حاليًا تحقيقات مفتوحة، وقضايا لم يُبتّ فيها ضد مجموعة NSO في فرنسا، والهند، والمكسيك، وبولندا. وفي آذار/ مارس الماضي، أنشأ البرلمان الأوروبي لجنة "بيغا" للتحقيق في استخدام برنامج "بيغاسوس" وبرامج التجسس الأخرى في أوروبا.

التعليقات