بروكسل وواشنطن تدرسان ردّ إيران على المقترح الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي

 أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، اليوم الثلاثاء، أنهما يدرسان رد إيران على ما وصفه الاتحاد الأوروبي باقتراحه "النهائي"، لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بعد أن دعت طهران واشنطن إلى التحلي بالمرونة.

بروكسل وواشنطن تدرسان ردّ إيران على المقترح الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي

شاب إيراني يتابع تغطية الصحف الإيرانية لتطور المحادثات النووية (Getty Images)

أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، اليوم الثلاثاء، أنهما يدرسان رد إيران على ما وصفه الاتحاد الأوروبي باقتراحه "النهائي"، لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بعد أن دعت طهران واشنطن إلى التحلي بالمرونة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مساء اليوم، إن الولايات المتحدة تتبادل وجهات نظرها بشأن رد إيران مع الاتحاد الأوروبي بعد تلقي تعليقات إيران عبر الاتحاد الأوروبي.

وقالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي في بروكسل إنه "في الوقت الحالي، نعكف على دراسته (الرد الإيراني) ونتشاور مع المشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) والولايات المتحدة بشأن المضي قدما". ورفضت إعطاء إطار زمني لأي رد من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي ينسق المفاوضات في فيينا.

وبعد محادثات متقطعة وغير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران استمرت 16 شهرا، قام خلالها الاتحاد الأوروبي بجولات مكوكية بين الطرفين، قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، في الثامن من آب/ أغسطس الجاري، إن التكتل قدم عرضا "نهائيا" ويتوقع ردا في غضون "أسابيع قليلة جدا".

كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووي، علي باقري كني (Getty Images)

وردت إيران على المقترح في وقت متأخر يوم أمس، الإثنين، لكن لم تقدم طهران ولا الاتحاد الأوروبي أي تفاصيل بشأن محتوى الرد. ودعا وزير الخارجية الإيراني، أمس، الولايات المتحدة، إلى إبداء المرونة لحل ثلاث قضايا متبقية، مشيرا إلى أن رد طهران لن يكون بالقبول النهائي أو الرفض.

وقالت واشنطن إنها مستعدة لإبرام اتفاق على الفور لاستعادة ذلك الذي أبرم عام 2015 على أساس مقترحات الاتحاد الأوروبي؛ فيما صرح دبلوماسيون ومسؤولون أنه سواء قبلت طهران وواشنطن العرض "النهائي" من الاتحاد الأوروبي أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما فشل الاتفاق لأن إحياءه يخدم مصالح الطرفين.

لا جدول زمنيا محددا للردّ

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" فجر الثلاثاء أن طهران قدمت "ردها خطيا على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي"، معتبرة أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة".

وبعد الإعلان عن الرد الإيراني، قالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية ("إيسنا") إن طهران تترقب جواب "الطرف الآخر" في غضون "يومين"، إلا أن الناطقة باسم مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، نفت وجود جدول زمني محدد للردّ.

مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل (Getty Images)

وقالت المتحدثة الأوروبية إنه "في هذه المرحلة، يدرس الجميع الردّ (الإيراني) وهذا ليس وقت التكهن بخصوص التوقيت أو ما إلى ذلك"، مشددة على أن على "على كل المشاركين الاطلاع عليه (الرد الإيراني) وهذا ما يمكنني قوله في هذه المرحلة". وشددت على أن بوريل يتواصل بشكل دوري مع الأطراف المعنيين، رافضة الافصاح عن أي مضمون للمداولات.

الرد الإيران يتمحور حول ثلاث "قضايا"

وفي حين لم تقدّم وسائل الاعلام المحلية تفاصيل بشأن الرد الإيراني، أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية ("إرنا")، بأن نقاط التباين المتبقية "تدور حول ثلاث قضايا، أعربت فيها أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص"، وتتعلق الثالثة "بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة والتي تعتمد على واقعية أميركا" لتلبية مطالب إيران.

وبحسب مسؤولين إيرانيين، كانت إحدى النقاط الأساسية التي طالبت بها طهران خلال المباحثات الأخيرة في فيينا، إنهاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية العثور على آثار لمواد نووية في مواقع لم تصرّح إيران أنها شهدت أنشطة نووية، وهي مسألة أثارت توترا مؤخرا بين الطرفين.

كما شددت طهران مرارا على ضرورة الحصول على ضمانات بتحقيق فوائد اقتصادية كاملة من الاتفاق النووي، خصوصا في مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأميركي منه؛ وفي هذا السياق، كتب مستشار الفريق التفاوضي الإيراني، محمد مرندي، عبر "تويتر" إن "حل القضايا المتبقية ليس صعبا".

وأشار إلى أن الملاحظات الإيرانية على النصّ المقترح سببها "خروق سابقة (للاتفاق) من الولايات المتحدة" والدول الأوروبية الأطراف فيه، مضيفا أنه "لا يمكنني القول إن الاتفاق سيحصل، لكننا أقرب مما كنا عليه".

المبعوث الأميركي الخاص بالشأن الإيراني، روبرت مالي (Getty Images)

كما نقل صحيفة "العربي الجديد"، عن مصادر مطلعة مقربة من المفاوضات النووية الإيرانية (لم تسمها)، قولها إن الرد الإيراني يشمل "ملاحظات" في ثلاث قضايا عالقة باقية، مشيرة إلى أن "النص المعروض يتضمن وعودًا أميركية بالاستعداد لرفع عقوبات ثانوية عن عدد من الشركات الاقتصادية التابعة للحرس (الثوري)، والاستعداد للنظر بإيجابية بشأن حل قضايا الضمانات والخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وأضافت المصادر أن "المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، وعد بأن تدفع واشنطن في اجتماع مجلس محافظي الوكالة باتجاه إغلاق ملف قضايا الضمانات، إن أرسلت الوكالة لاحقًا، تقريرًا أكدت فيه حلحلة خلافاتها مع طهران".

وذكرت مصادر "العربي الجديد" أن "النص الأوروبي يقترح جدولاً زمنيًا للتعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لحل قضايا الضمانات (اتفاق الضمانات تابع لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية) حتى الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة في أيلول/ سبتمبر، أو اجتماع استثنائي آخر اذا تطلب الأمر".

"غرامات مالية على المنسحب وتعديل لبعض العبارات"

وأشارت المصادر إلى أن إيران طالبت بوريل، بـ"شفافية أكثر بشأن الملفين، وترجمة الوعود الأميركية إلى نص مكتوب"، مضيفة أن "إيران لم تبدِ في ردها تشددًا في ملف الخلافات مع الوكالة".

وطالبت طهران في ردها، بحسب "العربي الجديد"، بـ"ضرورة الحصول على ضمانات اقتصادية أقوى، لديمومة تنفيذ الاتفاق النووي، ورفع العقوبات، وتسهيل تجارة الشركات الأجنبية مع إيران وضمان استمرارها"، وفي ملف رفع العقوبات، ذكرت المصادر أن الجانب الإيراني أبدى إصرارا " على آلية لضمان رفع العقوبات عمليًا على أرض الواقع وليس على الورق فقط".

وطالبت إيران "بتضمين الاتفاق بندًا للحصول على غرامات مالية في حال انسحبت واشنطن من الاتفاق أو أخلت به"، كما اقترحت طهران، وفقا للمصادر، "تعديلات بسيطة على بعض المصطلحات والكلمات بنص المنسق، للحؤول دون وقوع أي التباس لاحقًا وإخضاعها لتفسيرات متعددة".

عبد اللهيان وبوريل (Getty Images)

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن المنسق الأوروبي وعد الخارجية الإيرانية بأنه سينقل لها الرد الأميركي خلال الأيام القليلة المقبلة. واعتبرت المصادر أن "فرص التوصل إلى الاتفاق أكبر من أي وقت مضى، لكن الأمر رهن بالاتفاق على التفاصيل الدقيقة الباقية، وحسم الملفات العالقة نهائيًا بعد التقدم الكبير الذي شهدته أخيرًا".

من جانبه، امتنع الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، الليلة الماضية، عن الكشف ما إذا كانت بلاده وافقت على النص الأوروبي المقترح. وأكد خلال مؤتمر صحافي أن واشنطن "ستتّصل ببوريل كما طلب منها الأخير".

وأضاف أن "ما يمكن التفاوض عليه قد تمّ التفاوض عليه"، مؤكّدًا موقف واشنطن القائل إنّ الكرة في ملعب طهران. وشدّد على أنّ "الطريقة الوحيدة" للعودة المتبادلة إلى الاتفاق "تكمن في تخلّي إيران عن مطالبها غير المقبولة والتي تتجاوز بكثير اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة".

التعليقات