أرمينيا تتهم أذربيجان باحتلال مزيد من الأراضي بعد المواجهات الأخيرة

قال المحلل غيلا فاسادزه من مركز التحليل الإستراتيجي الجورجي، إن التصعيد الأخير "قضى على الجهود بقيادة الاتحاد الأوروبي لتقريب باكو ويريفان أكثر من اتفاقية سلام".

أرمينيا تتهم أذربيجان باحتلال مزيد من الأراضي بعد المواجهات الأخيرة

منزل بعد قصف أذربيجاني خلال الاشتباكات الأخيرة (Getty Images)

اتهمت أرمينيا، اليوم الأربعاء، أذربيجان باحتلال مساحة من أراضيها سيطرت عليها في مواجهات عنيفة بين الجارين المتحاربين، أوقعت 150 قتيلا وهددت محادثات سلام هشة.

وجاء اندلاع أعمال العنف، أمس الثلاثاء، في الوقت الذي تواصل فيه موسكو هجومها العسكري في أوكرانيا.

وتراجعت حدة المواجهات بشكل كبير، اليوم الأربعاء، لكن باكو ويريفان تبادلتا الاتهامات بانتهاك هدنة برعاية روسية، لم تصمد طويلا.

وقالت أرمينيا إن قصف أذربيجان لقراها أجبر مئات المدنيين على مغادرة منازلهم، وهو ما تنفيه باكو نفيا قاطعا.

أفراد من عائلات جنود أُصيبوا خلال الاشتباكات خارج مستشفى عسكريّ في يريفان (Getty Images)

وقال رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، متوجها إلى المشرعين في يريفان، إن "العدو احتل 40 كيلومترا مربعا من أراضي أرمينيا في أيار/ مايو الماضي واحتل عشرة كيلومترات مربعة إضافية الآن".

وخاضت الدولتان حربين، الأولى في التسعينات والثانية في 2020، بسبب منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، وهي جيب أذربيجاني تسكنه غالبية من الأرمن.

وقال باشينيان إنه ألغى زيارة إلى مدينة سمرقند بأوزبكستان، حيث كان يعتزم حضور قمة رؤساء منظمة شنغهاي للتعاون.

ودعت لجنة أسرى الحرب الأذربيجانية إلى وقف لإطلاق النار، وقالت إنها "على استعداد أن تقوم من طرف واحد بتسليم جثث 100 جندي أرميني إلى أرمينيا".

وأكدت يريفان اليوم، مقتل 105 من جنودها في المواجهات الأخيرة، فيما أعلنت باكو مقتل 50 من عناصر قواتها.

إردوغان: أرمينيا "تُظهر باستمرار موقفا عدوانيا"

وحمّل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اليوم، أرمينيا مسؤولة اندلاع المواجهات. وقال أمام حشد في أنقرة: "نرى أن الوضع الذي نحن فيه غير مقبول، وقد أتى نتيجة انتهاك الاتفاقية التي تم التوصل إليها بعد انتهاء الحرب بانتصار أذربيجان".

وأضاف: "سيكون لذلك بالطبع، عواقب بالنسبة لأرمينيا التي لم تنفذ شروط الاتفاقية، وتظهر باستمرار موقفا عدوانيا".

وترتبط تركيا بعلاقات وثيقة مع أذربيجان فيما علاقاتها مع أرمينيا معقدة تاريخيا.

بعثة بقيادة موسكو إلى يريفان

من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إنه من المتوقع أن تصل بعثة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التحالف العسكري بقيادة روسيا والذي يضم الجمهوريات السوفياتية السابقة أرمينيا وبيلاروس وكازاخستان وقرغيستان وطاجيكستان وأوزبكستان، إلى يريفان في وقت لاحق اليوم.

وكان مجلس الأمن الأرميني، قد طلب أمس الثلاثاء، مساعدة عسكرية من موسكو الملزَمة بموجب المعاهدة، بالدفاع عن أرمينيا في حال غزو خارجي.

(Getty Images)

وغيرت الحرب في أوكرانيا ميزان القوى في المنطقة، في وقت تزداد عزلة روسيا التي نشرت آلاف من عناصر حفظ السلام في المنطقة، بعد حرب 2020.

وبعد الحرب قاد الاتحاد الأوروبي عملية تطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان، بما يشمل محادثات سلام وترسيم الحدود وإعادة فتح طرق النقل.

وقال المحلل غيلا فاسادزه من مركز التحليل الإستراتيجي الجورجي، إن التصعيد الأخير "قضى على الجهود بقيادة الاتحاد الأوروبي لتقريب باكو ويريفان أكثر من اتفاقية سلام".

وذكر أن "اتفاقيات بروكسل باتت في حكم الملغاة"، مضيفا أن الاشتباكات "جعلت الرأي العام أكثر تطرفا في كل من البلدين".

وخلال محادثات بوساطة الاتحاد الأوروبي في بروكسل في أيار/ مايو ونيسان/ أبريل، وافق الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، على "المضي قدما في محادثات" بشأن معاهدة سلام مستقبلية.

وقالت أمينة المظالم الأرمينية، كريستينا غريغوريان، إن "2750 شخصا أرغموا على الفرار من منازلهم" نتيجة للقصف الأذربيجاني.

"إجلاء نساء وأطفال"

وفي قرية سوتك أكد أحد الأهالي ويدعى فردانوش فردانيا (66 عاما) "إجلاء نساء وأطفال"، بعد قيام القوات الأذربيجانية بقصف قاعدة عسكرية أرمينية مجاورة.

وقال: "بقيت ورأيت المنازل تحترق فيما تواصل القصف".

ونفت باكو أن تكون استهدفت منشآت مدنية في أرمينيا.

وفي يريفان تصاعدت مشاعر الغضب بين أقارب الجنود الجرحى الذين تجمعوا أمام مستشفى عسكري مساء أمس الثلاثاء.

وقال أحد الأقارب ويُدعى سقراط كاتشاتوريان (65 عاما) إنه "يجب أن نقاتل من أجل أرضنا ومن أجل وطننا وبلدنا. النصر سيكون لنا إن لم يكن اليوم فغدا. نحن لا ننكسر".

ودعت أرمينيا الثلاثاء قادة العالم إلى التدخل عقب المواجهات الأخيرة.

وعبر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وإيران وتركيا عن القلق إزاء التصعيد، ودعت إلى وقف القتال.

وأدت ستة أسابيع المعارك في خريف 2020 إلى مقتل أكثر من 6500 جندي من الجانبين وانتهت بهدنة بوساطة روسية.

وتنازلت يريفان في إطار الاتفاق عن مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها لعقود، ونشرت موسكو قرابة ألفين من عناصر حفظ السلام لمراقبة الهدنة الهشة، التي اعتبرها المحلل فاسادزيه بأنها"لا حرب ولا سلم".

وانفصل الأرمن في جيب ناغورني قره باغ عن أذربيجيان مع انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991. وأودى النزاع المسلح بنحو 30 ألف شخص.

التعليقات