بريطانيا تستعدّ لوداع الملكة إليزابيث... بمشاركة قادة دوليين

وقفت بريطانيا مساء الأحد، دقيقة حداد على الملكة إليزابيث التي ألقى عشرات الآلاف علي جثثمانها نظرة الوداع، عشية الجنازة التي ستُنظَّم بمشاركة قادة دوليين، فيما عززت الشرطة قواتها لمواجهة "تحد غير مسبوق".

بريطانيا تستعدّ لوداع الملكة إليزابيث... بمشاركة قادة دوليين

(Getty Images)

استقبل الملك تشارلز الثالث، قادة دوليين في قصر باكنغهام، الأحد، عشيّة جنازة الملكة إليزابيث الثانية، ومن بين الضيوف الرئيس الأميركي، جو بايدن الذي ألقى النظرة الأخيرة على نعش الملكة الراحلة.

ووضع بايدن يده على صدره بينما كان يقف مع زوجته جيل أمام النعش المغطى بالعلم في قاعة وستمنستر في لندن.

وتجمع الناس مع مرور الوقت لتقديم احترامهم الأخير للملكة الوحيدة التي عرفها معظم البريطانيين مدى حياتهم، قبل أن تدفن الإثنين.

وقال بايدن إن الملكة التي حكمت البلاد لمدة 70 عامًا حتى وفاتها في 8 أيلول/ سبتمبر عن 96 عامًا، جسدت "مفهوم الخدمة".

(Getty Images)

وأضاف بايدن بعد توقيع سجل العزاء، "إلى كل شعب إنجترا، كل شعب المملكة المتحدة، قلوبنا معكم، كنتم محظوظين بوجودها لمدة 70 عاما، كنا جميعًا. كان العالم أفضل لها".

ثم توجه الرئيس الأميركي إلى قصر باكنغهام لحضور حفل استقبال أقامه تشارلز الثالث لعشرات القادة.

وفي تصريح لشبكة "سكاي نيوز أستراليا" قال رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، المناهض للملكية، والذي ألقى السبت، النظرة الأخيرة على نعش الملكة، إن إليزابيث الثانية كان "حضورها الدائم يبعث على الاطمئنان".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بعد توقيع سجل العزاء، أن الملكة إليزابيث الثانية "عملت طوال حياتها وتحمّلت وزر واجباتها بلباقة لا تضاهى".

(Getty Images)

ويتوافد عشرات قادة الدول إلى بريطانيا التي تنظّم شرطتها أكبر عملياتها الأمنية لمواكبة ترتيبات الجنازة التاريخية للملكة الأطول عهدا في تاريخها.

وألقت أيضا رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، نظرة الوداع على الملكة إليزابيث في قصر باكنغهام.

لكن في مؤشر إلى التحديات التي تواجه الملك الجديد، أضافت أرديرن أنها تتوقع أن تتخلى نيوزيلندا عن التبعية للملكية البريطانية مستقبلا.

وبدأت الحشود تتجمع في محيط كنيسة وستمنستر، حيث ستقام الجنازة الرسمية للملكة، والتي من المتوقع أن تشل لندن وأن يتابعها المليارات حول العالم.

وتنتهي الفترة المخصصة للمشيعين الراغبين بوداع الملكة الملفوف نعشها بالعلم البريطاني والمسجّى في قاعة وستمنستر في البرلمان الساعة 6:30 من صباح الإثنين.

وينتظم الراغبون بوداع الملكة في طوابير بطول كيلومترات على ضفاف نهر التايمز مع فترات انتظار تتخطى 13 ساعة.

ومع استمرار وداع المشيعين للملكة، شارك أحفادها الثمانية على رأسهم الأميران وليام وهاري في وقفة وداعية حول النعش استمرت 12 دقيقة.

وهاري الذي شارك في دورتين مع الجيش البريطاني في أفغانستان، ارتدى الزي الرسمي لوحدة الفرسان التي خدم في صفوفها.

(Getty Images)

ويبدو أن مشاركة هاري جاءت بعد عرض مصالحة قدّمه تشارلز لنجله الأصغر بعدما اتّهم وزوجته ميغان العائلة المالكة بالعنصرية.

وهاري (38 عاما) لم يعد يضطلع بأي دور ضمن العائلة الملكية وقد جُرّد من ألقابه العسكرية الفخرية. والوقفة الوداعية هي المرة الأخيرة التي يظهر فيها في مناسبة ملكية مرتديا الزي العسكري الرسمي.

وكان الملك تشارلز ونجله الأكبر وليام، الوريث الجديد للعرش، قد تفقدا المشيعين المنتظمين في طوابير على ضفاف نهر التايمز، في جولة لمصافحتهم وتوجيه الشكر لهم.

ومراسم الجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية هي الأولى التي تنظّم في بريطانيا، منذ وفاة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل في العام 1965، وستقام الإثنين عند الساعة 11:00.

وفي حين سيحضر قادة الاتحاد الأوروبي وفرنسا واليابان ودول أخرى، لم توجّه أي دعوة لقادة روسيا وأفغانستان وبورما وسورية وكوريا الشمالية.

والأسبوع الماضي ندّدت وزارة الخارجية الروسية بسلوك "غير أخلاقي" و"تجديفي" للمملكة المتحدة تجاهها، وذلك بعدما قرّرت لندن عدم توجيه دعوة لروسيا لحضور الجنازة.

أما الصين فستشارك في الجنازة، لكن السلطات البرلمانية البريطانية حظرت مشاركة أي من قادتها في إلقاء النظرة الأخيرة على نعش الملكة في قاعة وستمنستر.

(Getty Images)

وتم استدعاء أكثر من ألفي شرطي من مختلف أنحاء البلاد لمؤازرة شرطة لندن.

وبعد الجنازة، سينقل نعش الملكة إليزابيث الثانية إلى كنيسة سانت جورج في قصر ويندسور في غرب لندن، حيث ستدفن في مراسم عائلية إلى جانب والدها الملك جورج السادس ووالدتها وزوجها فيليب.

وأشاد الابن الثاني للملكة الأمير أندرو الأحد بـ"معرفتها وحكمتها اللانهائية"، علما بأنه يواجه فضيحة على خلفية صلاته بالملياردير الأميركي جيفري إبستين الذي دين باعتدائه على أطفال.

وأشادت كاميلا، عقيلة الملك تشارلز الثالث، بإليزابيث الثانية، وقالت: "كانت لديها عينان زرقاوان رائعتان، وعندما تبتسم تُضيئان وجهها بالكامل".

وتابعت: "كانت جزءا من حياتنا منذ أمد طويل. أبلغ حاليا 75 عاما ولا يسعني أن أتذكر أحدا ذا حضور غير الملكة".

وأضافت أنه "لا بُدّ أنّه كان من الصعب جدا بالنسبة إليها أن تكون امرأة منفردة. لم تكن هناك نساءٌ رئيسات وزراء أو رئيسات. كانت هي الوحيدة، لذلك أعتقد أنها أدت دورها الخاص".

تحدٍ أمنيّ "غير مسبوق"

في السياق، قال عمدة العاصمة البريطانية لندن، صادق خان، إن الجنازة الرسمية، الإثنين، للملكة إليزابيث الثانية تمثل تحديًا أمنيًا "غير مسبوق".

وأضاف خان لوكالة "أسوشييتد برس" الأميركية: "لقد مرت عقود منذ اجتماع هذا العدد الكبير من قادة العالم في مكان واحد، وهذا حدث غير مسبوق".

(Getty Images)

وقال عمدة لندن: "قد يكون هناك أناس سيئون يريدون إلحاق الضرر بالأفراد أو بعض زعماء عالمنا، وبناء عليه نعمل بجد كبير للتأكد من أن تكون الجنازة ناجحة قدر الإمكان".

وحول جنازة إليزابيث الثانية، قال نائب مساعد مفوض شرطة العاصمة ستيوارت كوندي، في تصريح صحافي، إن عملية حفظ الأمن "المعقدة للغاية" هي الأكبر في تاريخ قوة لندن.

قرع أجراس ساعة "بيغ بين" حدادا على الملكة

وقُرعت أجراس ساعة "بيغ بين" الشهيرة مساء الأحد، في تمام الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي، حدادا على وفاة الملكة إليزابيث الثانية.

وكان البرلمان البريطاني، قد أكد في بيان، أن أجراس ساعة "برج إليزابيث" الشهيرة ستقرع دقيقة صمت، حدادا على الملكة.

(Getty Images)

وأوضح البيان أن أجراس الساعة ستقرع أيضا غدا الإثنين "مرة كل دقيقة" أثناء تحرك موكب جنازة الملكة لمسافة قصيرة بين قصر وكنيسة وستمنستر.

وفي الثامن من الشهر الجاري، فارقت الملكة إليزابيث الثانية الحياة في قلعة بالمورال عن عمر ناهز 96 عاما، بعد سبعين عاما من توليها العرش.

ساعات من الانتظار...

وحصلت آي.جاي كيلي وهي مدرسة تبلغ 46 عامًا من إيرلندا الشمالية، على مكان مميّز مع أصدقائها على الطريق الذي سيسلكه الموكب بعد الجنازة.

وقالت لوكالة "فرانس برس" مشيرة إلى كراسي تخييم وملابس دافئة وجوارب إضافية: "المشاهدة على التلفزيون شيء رائع لكن الوجود هنا مختلف".

(Getty Images)

وتابعت: "على الأغلب ستغمرني مشاعر جياشة عندما يمر الموكب، لكنني أردت أن أكون هنا لأقدم احترامي".

بدورها، شغلت فيونا أوغيلفي البالغة 54 عاما من العمر، والتي خدمت في سلاح الجو الملكي، موقعًا خارج كنيسة وستمنستر.

وقالت: "عندما تنضم إلى سلاح الجو الملكي البريطاني، فإنك تقسم بالولاء للملكة، وذلك يترك أثرا باقيا".

وأضافت أوغيلفي: "واصلت القيام بواجبها حتى يومين قبل وفاتها، ولا يمكنك أن تطلب منها أكثر من ذلك"، في إشارة إلى تعيين الملكة ليز تراس رئيسة للوزراء.

وأعرب شون مايو البالغ 27 عاما والذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلوماتية عن ارتياحه لتمكّنه من الوصول إلى قاعة وستمنستر بعدما انتظر في الطابور 14 ساعة لوداع الملكة.

وقال إن رحيل الملكة أثار العواطف، موضحا "لقد كانت أشبه بجدة للأمة. سنفتقدها جميعا".

(Getty Images)

التعليقات