إيران: اتساع رقعة الاحتجاجات والسلطات تستدعي سفيري بريطانيا والنرويج

استدعت الخارجية الإيرانية سفيري بريطانيا والنرويج وسلمتهما احتجاجا على تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت في أنحاء البلاد على خلفية وفاة أميني خلال احتجازها لدى "شرطة الأخلاق".

إيران: اتساع رقعة الاحتجاجات والسلطات تستدعي سفيري بريطانيا والنرويج

(Getty Images)

استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأحد، سفيري بريطانيا والنرويج في طهران، احتجاجا على مواقف بلديهما من المظاهرات المنددة بوفاة الشابة مهسا أميني، فيما دعا الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، سلطات إنفاذ القانون إلى التعامل "بحزم" مع المتظاهرين بعد تسعة أيام من احتجاجات قُتل فيها أكثر من 40 شخصا.

وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية، بأن الخارجية الإيرانية استدعت مساء السبت، السفير البريطاني، سايمن شيركليف، وسلمته احتجاجا على تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت في أنحاء البلاد على خلفية وفاة أميني خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

وذكرت الوكالة أن المدير العام لشؤون غرب أوروبا بالخارجية الإيرانية (لم تسمه)، أبلغ السفير البريطاني احتجاج طهران الشديد على استضافة بلاده وسائل إعلام "تعمل على التحريض على أعمال الشغب وتوسيع نطاق الاضطرابات في البلاد".

واعتبر الدبلوماسي الإيراني أن موقف لندن يشكل "تدخلا في الشؤون الداخلية وتحريضا على السيادة الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، بحسب الوكالة.

وفي نفس السياق، استدعت الخارجية الإيرانية أيضا سفير النرويج وأبلغته احتجاجها على مواقف رئيس البرلمان النرويجي حول التطورات الداخلية في البلاد.

وأوضحت الوكالة أن الوزارة أبلغت السفير النرويجي، سيغفالد هوج، احتجاجا "شديد اللهجة" على خلفية التصريحات "المتحيزة والعارية عن الصحة" لرئيس البرلمان النرويجي، مسعود قراهخاني، حول الاضطرابات الأخيرة في البلاد.

ووصفت الخارجية التصريحات النرويجية بأنها "غير بناءة"، مضيفة أنها شكّلت "تدخلا في شؤون إيران الداخلية"، وفق الوكالة. وأكد السفيران البريطاني والنرويجي أنهما سينقلان احتجاج طهران إلى لندن وأوسلو، وفق الوكالة.

مسيرات داعمة للحكومة

إلى ذلك، خرجت في عدة مدن إيرانية، اليوم الأحد، مسيرات داعمة للنظام في مواجهة الاحتجاجات التي تقول السلطات الإيرانية إنها "باتت أعمال شغب"، مطالبة بالتعامل بـ"حزم" مع من وصفهم المشاركون في المسيرات بأنهم "مثيرو الشغب" و"دواعش".

وندد المشاركون في المسيرات بحرق العلم الإيراني وإهانة المقدسات في التجمعات الاحتجاجية، مطالبين السلطات الإيرانية بمحاكمة ومعاقبة منتهكي "الحرمات". ومن المقرر أن ينظم أنصار النظام، مساء اليوم، مسيرات مماثلة في العاصمة الإيرانية طهران ومدن أخرى.

أكثر من 40 قتيلا في الاحتجاجات

ووفقا وسائل إعلام إيرانية، فإن حصيلة ضحايا الاحتجاجات المنددة بوفاة الشابة أميني (22 عاما)، المنحدرة من محافظة كردستان (شمال غرب)، وصلت إلى 41 قتيلا، بينما قالت منظمة حقوقية أوروبية غير ربحية إن العدد الحقيقي بلغ نحو 50.

واندلعت احتجاجات بأنحاء إيران في 16 أيلول/ سبتمبر الجاري، إثر وفاة أميني بعد ثلاثة أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء. وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية بإيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.

ونُظمت تظاهرات دعما للاحتجاجات في إيران، أمس السبت، في دول عدة من بينها كندا والولايات المتحدة وتشيلي وفرنسا وبلجيكا وهولندا والعراق، فيما ترتفع الأصوات في الأوساط الفنية والسينمائية والرياضية من الوجوه المعروفة دعمًا للمحتجين وانتقادًا لسلوك السلطات.

وتعتبر المظارهات في إيران هي موجة الاحتجاجات الأوسع منذ تظاهرات تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، التي نجمت عن ارتفاع أسعار البنزين في خضم الأزمة الاقتصادية، وشملت حينها نحو مئة مدينة إيرانية وتعرضت لقمع شديد (230 قتيلاً بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 300 حسب منظمة العفو الدولية).

وبينما وصف المتظاهرين بـ"المخلين بالأمن"، دعا الرئيس المحافظ، رئيسي، أمس، السبت، السلطات إلى "التعامل بحزم مع المخلين بالأمن العام واستقرار البلاد"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا" بالعربية.

وأكد رئيسي على ضرورة "التمييز بين الاحتجاج وتعطيل النظام العام والأمن"، فيما حملت وزارة الخارجية الإيرانية، الولايات المتحدة، مسؤولية الاضطرابات، وحذرت من أن "المحاولات الرامية إلى المساس بالسيادة الإيرانية لن تمر من دون رد"، وفق ما نقلت "إرنا".

حملة اعتقالات واسعة

وتشن السلطات في إيران حملة اعتقالات واسعة في محاولة لقمع الاحتجاجات وردع المتظاهرين، وتتحدث السلطات المحلية الإيرانية في المحافظات عن اعتقال من وصفتهم بـ"مثيري الشغب" و"إرهابيين" و"أعضاء مجموعات مسلحة".

وقال وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، إنه يتوقع "من السلطة القضائية أن تلاحق بسرعة المدبرين والمنفذين الرئيسيين لأعمال الشغب" بعد إعلان الشرطة توقيف أكثر من 700 شخص. ووفق لجنة حماية الصحافيين ومقرها الولايات المتحدة، اعتُقل 17 صحافيا في إيران منذ 19 أيلول/ سبتمبر الجاري.

وفي السياق، قال المدعي العام لمدينة ساري، مركز محافظة مازندران، محمد كريمي، اليوم الأحد، إن السلطات بالمحافظة اعتقلت خلال الاضطرابات الأخيرة 450 شخصا، قائلا إن من بين المعتقلين عددا من أعضاء تنظيم "داعش"، و"حزب كوملة" (الكردي المعارض)".

وكانت وكالة "تنسيم" الإيرانية قد ذكرت، السبت، نقلا عن "مصدر مطلع"، أن أجهزة المخابرات والأمن والشرطة اعتقلت أكثر من 1200 شخص من "مثيري الشغب.

وأعلنت قيادة الشرطة في محافظة جيلان أنها في المحافظة وحدها اعتقلت 739 شخصا، مشيرة إلى أن 60 منهم من النساء، متحدثة أيضا عن تفكيك "خلية"، قالت إنها دخلت المحافظة من إحدى المحافظات الجنوبية لأجل "تنفيذ أعمال تخريبية".

دد رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إيجئي، اليوم الأحد، أثناء زيارته مقر قيادة الشرطة في طهران، "بالحزم" ضد قادة الاحتجاجات والعناصر الرئيسيين فيها، الذين سماهم "المخلين بالأمن ومثيري الشغب"، قائلاً إن "العدو يسعى إلى ضرب أمن إيران وإثارة الفتنة فيها".

التعليقات