76 قتيلا في احتجاجات إيران مع اشتداد حملة القمع

لليلة العاشرة على التوالي، خرج متظاهرون غاضبون إلى شوارع مدن في أنحاء إيران، وأطلق محتجون شعارات على غرار "امرأة، حياة، حرية"، وأحرقت نساء إيرانيات أغطية الرأس وقامت بعضهن بقص شعرهن احتجاجا على قواعد اللباس الصارمة.

76 قتيلا في احتجاجات إيران مع اشتداد حملة القمع

من الاحتجاجات في إيران (Getty Images)

أسفرت الحملة الأمنية التي نفّذتها السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين، احتجاجا على وفاة المعتقلة مهسا أميني، عن مقتل 76 شخصا على الأقل، وفق ما أعلنت منظمة "إيران هيومن رايتس"، مساء الإثنين؛ في حين تتواصل الاحتجاجات الغاضبة والإدانات الدولية لاستخدام القوة المفرطة في قمع المتظاهرين.

ولليلة العاشرة على التوالي، خرج متظاهرون غاضبون إلى شوارع مدن في أنحاء إيران، وأطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد الأعلى، علي خامنئي (83 عاما)، وهتفوا "الموت للدكتاتور"، على ما أظهر تسجيل نشرته منظمة "إيران هيومن رايتس"، ومقرها في أوسلو.

وردد المتظاهرون شعارات مثل "امرأة، حياة، حرية" وأحرقت نساء إيرانيات أغطية الرأس وقامت بعضهن بقص شعرهن دلالة على احتجاجهن على قواعد اللباس الصارمة. وعمد عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يحملون دروعًا بضرب المتظاهرين بالهراوات.

وقال مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران"، محمود أميري مقدّم، إنه "ندعو المجتمع الدولي إلى اتّخاذ خطوات عملية بشكل حاسم وموحد لوقف قتل وتعذيب المتظاهرين"، مضيفا أن التسجيلات المصورة وشهادات الوفاة التي حصلت عليها المجموعة تظهر بأن "الذخيرة الحية تطلق مباشرة على المتظاهرين".

وأشارت المنظمة إلى تسجيل قتلى في 14 محافظة إيرانية، علما بأن الحصيلة الأعلى كانت في محافظة مازندران الشمالية المطلة على بحر قزوين. وسجّل سقوط ثلاثة قتلى في طهران، بحسب المصدر نفسه.

وذكرت "إيران هيومن رايتس" بأن "معظم العائلات أجبرت على دفن أبنائها من قتلى الاحتجاجات بهدوء خلال الليل في ظل الضغوط التي ثنتها عن تنظيم جنازات علنية. تم تهديد عائلات عديدة بتوجيه اتهامات قانونية لها إذا أعلنت عن القتلى" في صفوف أفرادها.

وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "إتش آر إيه إن إيه" (HRANA) أن طلاب كلية طب الأسنان في جامعة تبريز، باستثناء قسم الطوارئ بالكلية، شاركوا في إضراب رافضين حضور المحاضرات، وأوضحت الوكالة أن الإضرابات تأتي احتجاجا على الاعتقالات واسعة النطاق للطلاب، والعنف الذي تنتهجه قوات الأمن في مواجهة الاحتجاجات في الجامعات.

ودعت نقابة معلمين رئيسية في إيران، في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الأحد، المعلمين والطلاب إلى تنظيم أول إضراب في عموم البلاد، منذ بدء الاضطرابات، في يومي الإثنين وبعد غد الأربعاء.

وذكرت تقارير أخرى أن طلابًا في جامعات طهران والزهراء والشريف نفّذوا إضرابًا ورفضوا حضور الصفوف ودعوا أساتذتهم للانضمام إليهم.

وأوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون، الإثنين، خلال حملة القمع الدامية للتظاهرات التي تواصلت لليلة العاشرة،

وفي تحركّات احتجاجية هي الأوسع نطاقا في إيران منذ نحو ثلاث سنوات، استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه وأطلقت الخرطوش والذخيرة الحية، وفق منظمات حقوقية، فيما عمد متظاهرون إلى رشق الشرطيين بالحجارة وإحراق سيارات الشرطة والمباني الحكومية.

وأفادت السلطات بأن نحو 450 شخصا تم توقيفهم في محافظة مازندران الشمالية و700 شخص في محافظة غيلان المجاورة والعشرات في مناطق أخرى؛ وبحسب "لجنة حماية الصحافيين" تم توقيف 20 صحافيا خلال تغطيتهم للمظاهرات.

وقال المدعي العام في المحافظة، محمد كريمي، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، إن "في الأيام الأخيرة هاجم مثيرو شغب مقار إدارات حكومية وألحقوا أضرارا بممتلكات عامة في بعض مناطق مازندران بتوجيه من عملاء أجانب مناهضين للثورة".

وقال رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إجئي، إن شرطة طهران تنتشر "24 ساعة في اليوم"، وأشار إلى أن العديد من العناصر "لم يناموا الليلة الماضية والليالي السابقة... وينبغي شكرهم". وشدّد إجئي في وقت سابق على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب".

ورغم القيود الصارمة على الإنترنت، بما في ذلك حجب إنستغرام وواستاب، أظهرت مقاطع فيديو جديدة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، احتجاجات الليلة في طهران ومدن بما فيها يزد وأصفهان وبوشهر المطلة على الخليج العربي.

إيران تواجه انتقادات دولية واسعة

وفيما تشير الحصيلة الرسمية الإيرانية إلى مقتل 41 شخصا بينهم عدد من عناصر الأمن خلال الاحتجاجات المتواصلة منذ نحو 10 أيام، واجهت إيران، الإثنين، مزيدا من الانتقادات الدولية بسبب وفاة الشابة أميني (22 عاما) في حجز الشرطة، مما تسبب في اشتعال احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد.

وجاء تصاعد رد الفعل الخارجي بعد أن اتهمت طهران، الولايات المتحدة، باستغلال الاضطرابات في محاولة لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية؛ واتهمت إيران، في بيان صدر عن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قادة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية باستغلال حادث مأساوي لدعم "مثيري الشغب" في حين يتجاهلون "وجود الملايين في شوارع البلاد وساحاتها لدعم النظام".

وأعربت باريس عن "إدانتها بأشدّ العبارات القمع العنيف الذي يمارسه الجهاز الأمني الإيراني ضدّ التظاهرات". وشدّدت الخارجية الفرنسية على أنّ "فرنسا تدين كلّ أعمال العنف، التوقيفات والاعتقالات العشوائية (...) والانتهاكات الصارخة لحقوق النساء ولحرية التعبير عبر تعطيل مواقع إخبارية وشبكات تواصل اجتماعي" وكذلك أيضًا توقيف "صحافيين خلال أدائهم وظيفتهم".

ودعت الخارجية الفرنسية "إيران، إلى وضع حدّ للقمع الوحشي وإلى احترام تعهّداتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان بشكل كامل (...) وإلى ضمان حرية التجمّع السلمي وإنشاء الجمعيات والانضمام إليها وحرية الرأي التعبير، خصوصا على الإنترنت".

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن "هذا القمع الوحشي أدّى إلى مقتل عشرات المتظاهرين والمتظاهرات في الأيام الأخيرة"، مشيرة إلى أنّ فرنسا تبحث مع شركائها الأوروبيين في "الخيارات المتاحة للردّ على هذه الانتهاكات الجديدة لحقوق النساء ولحقوق الإنسان في إيران".

وقال رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، الإثنين، إن بلاده ستفرض عقوبات على من يتحملون المسؤولية عن وفاة أميني ومن بينهم شرطة الأخلاق وقيادتها. وأضاف "عهدنا إيران لا مبالية بحقوق الإنسان المرة تلو الأخرى. الآن نراها (على تلك الشاكلة) بعد وفاة مهسا أميني والحملة على الاحتجاجات".

وارتفع مستوى التوتر بين الجمهورية الإسلامية والدول الغربية إثر استدعاء ألمانيا السفير الإيراني، غداة تنديد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام "غير المتكافئ والمعمم" للقوة، واستدعاء طهران السفيرين البريطاني والنروجي.

واستدعت الحكومة الألمانية، سفير إيران في برلين، للمطالبة بوضع حد لأعمال العنف والسماح بتنظيم "تظاهرات سلمية" في الجمهورية الإسلامية، احتجاجا على مقتل الشابة الكردية أميني، بعد احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، التي تنفذ القيود الصارمة المفروضة من قبل السلطات الإيرانية، على زي النساء.

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية، في بيان على تويتر، أنه "نطالب السلطات الإيرانية بالسماح بتنظيم تظاهرات سلمية وبعدم اللجوء إلى مزيد من العنف"، داعية طهران إلى الحد من "العنف القاتل الممارس بحق المتظاهرين".

وتابعت الوزارة "هذا ما أبلغناه اليوم (الإثنين) بشكل مباشر لسفير إيران في برلين". وكانت الحكومة الألمانية قد أعلنت صباحا استدعاء السفير الإيراني، بعد حملة قمع التظاهرات في الجمهورية الإسلامية. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية، كريستيان فاغنر، إن برلين "تدرس بشكل رسمي كل الخيارات" ردا على القمع.

وبدأت الاحتجاجات في 16 أيلول/ سبتمبر الجاري، يوم وفاة مهسا أميني التي أوقفت قبل ذلك بثلاثة أيام في طهران، بتهمة "ارتداء ملابس غير محتشم" في انتهاك لقوانين لباس المرأة الصارمة والتي تشمل خصوصا وضع الحجاب.

وامتدت حركة الاحتجاج إلى عدة مدن في أنحاء البلاد حيث ردد المتظاهرون شعارات مناهضة للحكومة، وفق وسائل إعلام محلية. وفي حين خرجت نهاية الأسبوع تظاهرات دعم للمحتجين الإيرانيين في عدة مدن أوروبية من بينها باريس ولندن، نظمت السلطات الإيرانية تجمعات ومسيرات مؤيدة في محاولة لنزع فتيل الأزمة.

وتتهم إيران معارضين مسلحين من الأكراد الإيرانيين بالتورط في الاضطرابات المستمرة في البلاد، لا سيما في الشمال الغربي حيث يعيش معظم الأكراد الإيرانيين البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة. وأفادت وكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء، أن الحرس الثوري الإيراني شن هجوما جديدا بالمدفعية والطائرات المسيرة على قواعد للمعارضة الإيرانية في المنطقة الكردية بشمال العراق.

التعليقات