قمة مجموعة العشرين: محادثات بين شي وبايدن نحو إعادة العلاقات

ويأتي لقاء الرئيسين في وقت تتزايد حدّة التنافس بين الاقتصادين الكبريين، وبينما أصبحت بكين أكثر قوة وإصرارا على استبدال النظام الذي تقوده الولايات المتحدة والذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية.

قمة مجموعة العشرين: محادثات بين شي وبايدن نحو إعادة العلاقات

الرئيسان الأميركي والصيني خلال لقائهما، اليوم (Gettyimages)

التقى الرئيسان الأميركي والصيني اليوم، الإثنين، على هامش قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، إذ أعربت الصين عن أملها في عودة العلاقات مع واشنطن "إلى مسارها".

وقال شي "وصل العالم إلى مفترق طرق"، متعّهدا بإجراء مناقشة "صريحة" للقضايا التي مزّقت العلاقات بين القوّتين الرئيسيتين في العالم.

وأضاف أنّ "العالم يتوقّع أن تعالج الصين والولايات المتحدة بشكل صحيح العلاقة" بينهما.

من جهته، رحب بايدن بشي بابتسامة تغطّي المنافسة المحتدّة بين دولة حدّدت أُطر القرن الماضي وأخرى تسعى إلى تحديد أُطر القرن التالي.

وقال بايدن لشي "من الجيد رؤيتك"، مؤكدا أن "لا بديل" عن المحادثات المباشرة، ومعربا عن أمله في تجنّب "نزاع" بين واشنطن وبكين.

وأضاف أنه يريد من الولايات المتحدة والصين "إدارة خلافاتنا، ومنع المنافسة من التحوّل إلى نزاع".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي في وقت سابق "نأمل أن تعمل الولايات المتحدة مع الصين، للسيطرة على الخلافات وتعزيز التعاون المفيد للطرفين، وتجنب سوء التفاهم وسوء التقدير لدفع العلاقات الأميركية – الصينية إلى مسارها الصحيح ومن أجل التنمية الصحية والمستقرة".

(Gettyimages)

ومن جانبه، يسعى بايدن إلى وضع "حواجز أمان" للعلاقات بين البلدين.

وهذا اللقاء الشخصي الأول لبايدن مع شي جينبينغ منذ وصوله إلى البيت الأبيض، وسبق للزعيمين أن التقيا في العام 2017، عندما كان بايدن نائبا للرئيس.

ووصل شي إلى بالي بعد ظهر الإثنين، في ثاني زيارة يقوم بها إلى الخارج منذ انتشار جائحة كورونا، بعدما زار كازاخستان وأوزبكستان في أيلول/سبتمبر.

ويأتي لقاء الرئيسين في وقت تتزايد حدّة التنافس بين الاقتصادين الكبريين، وبينما أصبحت بكين أكثر قوة وإصرارا على استبدال النظام الذي تقوده الولايات المتحدة والذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض للمراسلين قبل الاجتماع إنّ الهدف الأساسي هو وضع "حواجز أمان" و"قواعد واضحة للطريق". وأضاف "نقوم بكل ذلك لضمان ألا تتحوّل المنافسة إلى نزاع".

ومن المتوقع أن يدفع بايدن الصين إلى كبح جماح حليفتها كوريا الشمالية بعد سلسلة قياسية من التجارب الصاروخية التي أثارت مخاوف من أن تُجري بيونغ يانغ قريبا تجربتها النووية السابعة.

وكان شي وبايدن قد تحدثا عبر الفيديو خمس مرات منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه، لكن آخر قمة شخصية للرئيس الصيني كانت مع دونالد ترامب في العام 2019.

(Gettyimages)

ووصل شي إلى القمة مدعوما بحصوله على ولاية ثالثة تاريخية في المنصب، مما عزّز دوره باعتباره أقوى زعيم صيني منذ أجيال.

كذلك، وصل بايدن مدعوما بأداء أفضل من المتوقّع لحزبه الديمقراطي في انتخابات منتصف الولاية التي احتفظ فيها بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي، على الرغم من أنه لا يزال ضعيفا في السياسة الداخلية.

ولن يكون الزعيم الوحيد الذي يلتقي مع شي، إذ من المقرّر أن يجري رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي محادثات الثلاثاء ستمثّل أول لقاء رسمي بين قادة البلدين منذ العام 2017.

وقال ألبانيزي لوسائل الإعلام لدى وصوله إلى الجزيرة المنتجعية للمشاركة في قمة مجموعة العشرين، "لا توجد شروط مسبقة لهذه المناقشة. أتطلّع إلى إجراء حوار بناء."

وتُفتتح قمة مجموعة العشرين في بالي غدا، الثلاثاء، وتأتي في ظلّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود في جميع أنحاء العالم، وفيما لا تزال أوكرانيا غارقة في الصراع، فضلا عن التهديد بالحرب النووية الذي يلقي بظلاله.

وسيكون هناك غياب واضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن طاولة الاجتماعات، فقد جعل غزوه لأوكرانيا المستمر منذ تسعة أشهر، رحلة بالي صعبة لوجستيا ومشحونة سياسيا.

واختار بوتين بدلا من ذلك إرسال وزير الخارجية المخضرم سيرغي لافروف، في الوقت الذي يتشاجر فيه أعضاء دائرته المقرّبة علنا، وبينما باتت سلطته ملطّخة بعدما كانت توصف بالحديدية.

رسميا، لن تكون الحرب في أوكرانيا ولا تهديدات بوتين باستخدام الأسلحة النووية مدرجة على جدول أعمال القمة. ولكن رغم أنّ رجل الاستخبارات السوفياتية السابق لن يكون حاضرا على طاولة القمة، إلّا أنّ حربه ستكون بالتأكيد على القائمة.

ويأتي ذلك فيما أثر ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على أعضاء مجموعة العشرين الأكثر غنى والأكثر فقرا على حد سواء، الأمر الذي يغذّيه النزاع في أوكرانيا.

وأعلنت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الإثنين أنّ إنهاء الحرب في أوكرانيا "هو واجب أخلاقي وهو ببساطة أفضل ما يمكن فعله للاقتصاد العالمي".

كذلك، قال رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك قبل توجّهه إلى بالي، إنه "سيندّد بنظام بوتين ويكشف عن تجاهله التام للتعاون الدولي".

ومن المحتمل أن تخضع روسيا لضغوط من أجل تمديد الاتفاق الذي يسمح بشحن الحبوب والأسمدة الأوكرانية عبر البحر الأسود، عندما تنتهي الاتفاقية الحالية في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.

كحدّ أدنى، قد يودّ بايدن وحلفاؤه أن يشهدوا تأكيد مجموعة العشرين لبوتين أنّ الحرب النووية غير مقبولة.

وقال شي في اجتماع عُقد أخيرا مع المستشار الألماني أولاف شولتس، إنّ الحرب النووية لا يمكن أن يفوز فيها أحد ويجب أن لا تُخاض أبدا.

ولكن بيانا واضحا بهذا الشأن، من المتوقع أن يواجه عرقلة بسبب مزيج من المعارضة الروسية وعدم استعداد الصين لخرق الصفوف مع حليفها في موسكو أو منح فوز لواشنطن.

وكانت مجموعة العشرين مكانا مناسبا أكثر لمناقشة الشؤون المالية والاقتصاد بدلا من القضايا الأمنية.

وقد تفضّل موسكو أن يبقى الأمر كذلك.

وقال وزير الخارجية الروسية الأحد "نرفض رفضا قاطعا عسكرة قمة العشرين"، الأمر الذي يقدّم لمحة عن ما قد يدلي به لافروف أثناء القمة.

وفشلت الاجتماعات الوزارية لمجموعة العشرين التي سبقت القمة في الاتفاق على بيان نهائي مشترك. وفي هذا السياق، قال مسؤولون إندونيسيون الاثنين إنّ هذا الأمر يبقى "عملاً قيد التقدّم" و"هدفا رئيسيا" للقمة.

وقال وزير الحكومة الإندونيسية لوهوت ينسار باندجايتن الأحد "صدقا، أظنّ بأنّ الوضع العالمي لم يكن أبدا بهذا التعقيد".

وأضاف "إذا لم يصدر قادة (مجموعة العشرين) في النهاية بيانا رسميا، فلا بأس بذلك".

التعليقات