الصين تواجه التهديد الأكبر: انخفاض عدد السكّان

وصلت الصين إلى ما يصفه علماء الديمغرافيا بـ"نقطة التحوّل"، والذي يتمثّل بـ"لعنة التقدّم في السنّ قبل الثراء"، وذلك نظرًا لانخفاض عدد الأطفال الذين يولدون كلّ عام، بينما يعيش كبار السنّ في الصين فترة أطول

الصين تواجه التهديد الأكبر: انخفاض عدد السكّان

(Getty)

يلجأ مئات الآلاف من الأزواج الصينيّين إلى تكنولوجيا الإنجاب، وذلك بعد عقود من فرض الدولة الصينيّة قوانين تحدّ من فرص الإنجاب لدى المواطنين الصينيّين. وتحاول الحكومة الصينيّة، جعل هذه التكنولوجيا أكثر سهولة، بالإضافة إلى دعم المواطنين ببعض التكاليف من أجل استخدامها، ويأتي ذلك، بموجب المشكلة الكبيرة التي يراها المسؤولون الصينيّون، في أنّ معدّلات الخصوبة منخفضة للغاية، في بلد قد يشهد انكماشًا في عدد السكّان.

وتشير دراسات عديدة إلى الانكماش الحاصل على مستوى عدد السكّان في الصين، وأشار معهد بيو للأبحاث، إلى أنّ تراجع عدد السكّان في الصين، يتمثّل في انخفاض معدّلات الخصوبة، إذ بلغ العام الماضي 1.18 طفل لكلّ امرأة، وهو أقلّ من المعدّل العالمي 2.1 طفل لكلّ امرأة، بالإضافة إلى أنّ النساء في الصين يخترن إنجاب الأطفال في عمر متقدّم، في معدّل بلغ 29 عامًا.

وتقدّر الدراسة، إلى أنّ 20٪ من سكّان الصين هم فوق 60 عامًا، إضافة إلى تفوّق عدد المواليد الذكور على الإناث، وهو ما أدّى إلى اختلال في التوازن، بالإضافة إلى هجرة الصينيّين من الصين، فحسب مركز معلومات الهجرة الصيني، فإنّ البلاد تواصل معدّل هجرة سلبيّ وصل إلى -11، والذي يفيد بأنّ من يهاجرون من الصين سنويًّا، أكثر ممن يهاجرون إليها. وحسب ما جاء معهد يووا لأبحاث السكّان في بكين، فإنّ الصين من بين أغلى الأماكن في العالم لتربية الأطفال، وهو ما يشكّل مخاوف اقتصاديّة هائلة بالنسبة لمن يفكّرون في إنجاب طفل.

وقال باحثون، أنّ تحسين الضمان الاجتماعيّ أدّى إلى إضعاف فكرة إنجاب الأطفال (للشيخوخة)، خاصّة مع تعرّض كثير من العائلات الشابّة لضغوطات اقتصاديّة هائلة، بسبب الغلاء الفاحش على كلّ المستويات، وكانت بكين، قد قدّمت مجموعة من الحوافز للأزواج والعائلات الصغيرة، من أجل التشجيع على الإنجاب.

(Getty)

ووصلت الصين إلى ما يصفه علماء الديمغرافيا بـ"نقطة التحوّل"، والذي يتمثّل بـ"لعنة التقدّم في السنّ قبل الثراء"، وذلك نظرًا لانخفاض عدد الأطفال الذين يولدون كلّ عام، بينما يعيش كبار السنّ في الصين فترة أطول، مما يجبر الحكومة على مواجهة سلسلة من التحدّيات، والتي تتمثّل في تقلّص قوّة العمل، ونظام المعاشات التقاعديّة، وإنجاب الأطفال الآخذ في التراجع.

وكانت الحكومة الصينيّة، قد وعدت مؤخرًا ببناء منشأة لكلّ 2.3 مليون مواطن تقدّم التلقيح الاصطناعيّ، وتملك الصين حاليًّا 539 مؤسّسة طبيّة و27 بنكًا للحيوانات المنويّة، والتي يجري استخدامها في تقنيّات المساعدة على الإنجاب. وقال الرئيس التنفيذي في مستشفى بكين للأسرة المثاليّة، لين هايوي، إنّ دعم خدمات الخصوبة والتلقيح الاصطناعي، هي صفقة كبيرة، وحتّى مع وجود طلب واضح على هذه الخدمات، فإنّ عدد المرضى الذين يزورون المستشفى ينخفض كلّ عام… الصورة الكبيرة، هي أنّ الناس أقلّ رغبة في إنجاب الأطفال.

وحسب دراسات منشورة، فإنّ المواطنين في الصين يشكون من العبء المالي الناجم عن إنجاب الأطفال وعدم اليقين الاقتصاديّ، ويرجّح خبراء، بأنّ هذا هو التحدّي الأكبر الذي يواجه الصين، وهو عكس اتجاه انخفاض معدّل المواليد في البلاد، في الوقت الذي تحاول دول كثيرة حول العالم رفع معدّلات الخصوبة، حيث تكلّف كلّ جولة من عمليّات التلقيح الصناعي من 5000 دولار إلى 12000 دولار، وحسب التوجيهات الحكومة الصينيّة الجديدة، فإنّ التأمين الطبيّ سيغطي نحو نصف التكلفة.

وتقول دراسات إنّ 18٪ من الأزواج في الصين يؤثّر عليهم العقم، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 15٪، في ظلّ ذهاب العديد من الأزواج إلى تأخير إنجاب الأطفال، وإجراء عمليّات إجهاض، ممّا يؤثّر على الخصوبة.

وبعد عقود من قانون "الطفل الواحد" الذي فرضته الحكومة الصينيّة على الأزواج الصينيّين، فإنّه بإمكان الأزواج إنجاب ثلاثة أطفال، وذلك منذ عام 2021، كما صدرت قوانين في مدن كبرى، بتمديد إجازات الأمومة إلى 158 يومًا. وتسعى السلطات المحليّة، إلى إنشاء مزيد من دور الحضانة، وحضّ المواطنين على الإنجاب، من خلال دفع مخصّصات عائليّة شهريّة، ومكافآت ولادة يمكن أن تتجاوز الألف دولار، أو تقديم تسهيلات من أجل شراء شقق.

التعليقات