أزمة لاجئين جديدة تدق أبواب الاتحاد الأوروبي؟

كانت السنوات ما بين 2014 وحتّى 2019 قد شهدت تغييرات في قوانين الهجرة في أوروبا، حيث كان على الاتّحاد الأوروبي معالجة قضيّة الأعداد الكبيرة من المهاجرين واللاجئين

أزمة لاجئين جديدة تدق أبواب الاتحاد الأوروبي؟

(Getty)

مع نهاية العام الماضي، سجّلت الوكالة الأوروبيّة لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، دخول نحو 280 ألف شخص "بشكل غير قانوني" بحلول تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022، وهو ما يشكّل زيادة بلغت 77٪ عن عام 2021، ويعدّ ذلك أعلى رقم من المهاجرين يدخل أوروبا منذ "أزمة اللاجئين" التي واجهت أوروبا عام 2015، بعد ما تسبّبت به الحروب الروسيّة على أوكرانيا، من حركة نزوح كبيرة، حيث سجّلت المفوّضيّة الساميّة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، نحو 3.8 مليون طالب حماية، في بولندا وألمانيا ورومانيا وغيرها من دول الاتّحاد الأوروبي، وقالت مفوضيّة الشؤون الداخليّة الأوروبيّة، إيلفا يوهانسن حينها، إنّ التكتّل يواجه أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالميّة الثانية.

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن حرس الحدود البولندي، في تغريدة عبر تويتر، أنّ نحو 22 ألف أوكراني دخلوا إلى بولندا قادمين من أوكرانيا خلال يوم واحد فقط. وأوضح أنّ عدد الأشخاص الذين عبروا من تركيا إلى بولندا بلغ 9 ملايين و 510 آلاف منذ بدء الحرب وحتّى اليوم.

وأفاد حرس الحدود، أنّ عدد الأوكرانيين الذين غادروا بولندا وصل إلى 7 ملايين و660 ألفًا.

وقالت منظّمة NRC، إنّ هولندا تواجه "اضطرابًا اجتماعيًّا" إذا لم يطبّق حلّ سريع لأزمة اللاجئين ونقص المنازل. وأوضحت الوكالة عن مخاوفها بأن ينتهي الأمر بآلاف اللاجئين في الشوارع، بسبب نقص أماكن الإقامة.

ولطالما كانت قوانين الهجرة في أوروبا موضع نقاش وجدل كبيرين على مدار العقد الماضي، فعلى الرغم من وجود مجموعة من السياسات المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي، إلّا أنّ لكلّ دولة من الدول الـ27 سياساتها وقوانينها الخاصّة عندما يتعلّق الأمر بالهجرة. ويتخوّف سياسيّون، مما قد يشهده عام 2023 من تطوّرات في الحرب الروسيّة على أوكرانيا، ممّا قد يصعّد من أزمة اللاجئين.

(Getty)

وكانت السنوات ما بين 2014 وحتّى 2019 قد شهدت تغييرات في قوانين الهجرة في أوروبا، حيث كان على الاتّحاد الأوروبي معالجة قضيّة الأعداد الكبيرة من المهاجرين واللاجئين، من خلال قوانين مختلفة للسيطرة على الأزمة، مثل لائحة دبلن، والتي تنصّ على أنّ الدولة العضو المسؤولة عن فحص طلب اللجوء، هي الدولة التي يكون قد دخل إليها طالب اللجوء في المرّة الأولى. ووضعت هذه اللائحة لضمان عدم تقديم طالبي اللجوء طلبات لجوء متعدّدة في دول الاتّحاد الأوروبي المختلفة، ومنع "شراء اللجوء".

وردًّا على الأعداد من اللاجئين والمهاجرين الذين كانوا يحاولون عبور بحر إيجه من تركيا إلى اليونان، تمّ التوقيع على بيان الاتّحاد الأوروبي وتركيّا في 18 آذار/ مارس 2016، ويهدف إلى تقليل أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى دول الاتحاد الأوروبي، والذي ينص على إعادة جميع المهاجرين "غير الشرعيّين" الذين يعبرون من تركيا إلى اليونان إلى تركيا و"تسريع عمليّة انضمام تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي"، بالإضافة إلى زيادة المساعدات الماليّة للاجئين في تركيا،

وولّدت أزمة اللجوء في أوروبا عام 2015، جدلًا واسعًا بين السياسيّين الأوروبيّين، بالإضافة إلى تباين في المواقف، في حين اختارت أنجيلا ميركل "موقفًا إنسانيًّا" كما وصفته وسائل إعلام حينها، بتسهيل دخول اللاجئين، حيث أدلت ببيان في 31 أغسطس 2015، أعلنت فيه أنّ ألمانيا ستقبل طالبي اللجوء الذين يدخلون إلى البلاد، وهو ما كان في تناقض واضح مع قادة أوروبيين آخرين. وانتشر بيان ميركل على نطاق واسع، وسرعان ما تمّ تبنّيه كشعار من قبل مؤيّدي طالبي اللجوء، وأصبحت عبارة "يمكننا القيام بذلك"، التي اتّخذتها ميركل، توصف بأنّها "التزام أخلاقيّ" تجاه أزمة اللاجئين.

(Getty)

وفي عام 2015، نشر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، بيانًا قال فيه إنّ إيطاليا سترحّب بطالبي اللجوء، لكن بطريقة "منظّمة فقط"، وكانت أعداد كبيرة من طالبي اللجوء تصل إلى شواطئ البلاد، بالإضافة إلى رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي كان من أشدّ المعارضين لموجة طالبي اللجوء والمهاجرين في عام 2015، حيث أنّه أعلن في سلسلة من البيانات، أنّ المجر لن تقبل المزيد من اللاجئين، وأنّها ستتخذ خطوات لتأمين حدودها، ووجّهت سهام النقد إلى أوربان، لكونه "غير إنساني ويفتقر إلى الرحمة"، كما وصفته وسائل إعلام.

وقال تقرير نشر على موقع "دويتشه فيله" الألماني قبل أيّام، إنّ الأشهر الطويلة تمرّ على المهاجرين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وليتوانيا، دون أن يتمكّنوا من تحقيق أيّ تقدّم، فضلًا عن إفادة تقارير بشأن العثور على جثث في المنطقة الحدوديّة بين البلدين، والتي تعود لمهاجرين. وقالت منظّمة "سينوس غروب" غير الحكوميّة، إنّها جمعت قائمة بحوالي 30 شخصًا، فقدت عائلاتهم الاتّصال بهم على الحدود الشرقيّة لأوروبا، حيث تعمل المجموعة جاهدة للمساعدة على تحديد أماكنهم وجمع المعلومات عنهم، من خلال زيارة مخيّمات اللاجئين والمستشفيات والمشارح.

التعليقات