الزلزال وتداعياته السياسية: كيف تتأثر حظوظ إردوغان الانتخابية؟

استجابة الرئيس التركي للزلزال قد تؤثر على حظوظه في انتخابات أيار المقبل؛ ويرى المحللون أن "تعامل إردوغان بسرعة وثبات مع الأزمة، من المرجح أن يؤدي إلى تلميع صورته" كونه معتاد للتعامل مع الكوارث الطبيعية منذ توليه السلطة في 2003.

الزلزال وتداعياته السياسية: كيف تتأثر حظوظ إردوغان الانتخابية؟

إردوغان في غرفة العمليات التركية للتصدي لتبعات الزلزال (Getty Images)

يضع الزلزال، الذي أسقط أكبر عدد من الضحايا في تركيا منذ جيل، الرئيس رجب طيب إردوغان، أمام مواجهة تحد هائل في ما يتعلق بعمليات الإنقاذ وإعادة الإعمار، وهو ما سيلقي بظلاله على الفترة التي تسبق انتخابات أيار/ مايو المقبل، التي كانت تُعتبر بالفعل الأصعب خلال عقدين من حكمه.

وبعد أكثر من نحو 48 ساعة على وقوع الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 5500 شخص في تركيا، اشتكت أحزاب المعارضة وبعض السكان في المناطق الأكثر تضررا، من بطء السلطات أو عدم جاهزيتها بالمعدات اللازمة للتعامل مع ما وقع من دمار.

وأي تصور بأن الحكومة غير قادرة على التعامل مع هذه الكارثة بشكل صحيح، أو أنها لم تطبق قوانين البناء الملائمة في بلد معرض للزلازل، من شأنه أن يضر بمساعي إردوغان في الانتخابات، غير أن المحللين يرون أن إردوغان قادر على حشد التأييد الوطني لأسلوب التعامل مع الأزمة.

ويشير المحللون إلى أن إردوغان لا يزال قادرا على تعزيز موقفه لكونه ماهرا في خوض الحملات الانتخابية ولأن حكومته تصدت لزلازل وحرائق غابات وغيرها من الكوارث الطبيعية منذ توليه السلطة في عام 2003.

إردوغان يتحدث للإعلام بعد الزلازل (Getty Images)

وفي حديثه بعد ساعات فقط من الزلزال الذي وقع فجر الإثنين، والذي وصفه بأنه أسوأ زلزال يضرب تركيا منذ أكثر من 80 عاما، قال إردوغان إن السلطات حشدت بالفعل الآلاف من عمال الإنقاذ الذين لن يدخروا جهدا رغم ظروف الشتاء القاسية.

وأعلنت الحكومة "إنذارا من المستوى الرابع"، وطلبت مساعدات دولية، وأعلنت حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المناطق الأكثر تضررا.

وقالت مجموعة أوراسيا الاستشارية إن "تعامل إردوغان بسرعة وثبات مع الأزمة، من المرجح أن يؤدي إلى تلميع صورته كزعيم قوي قبل انتخابات 14 أيار/ مايو، إذا تمكنت الحكومة من مواصلة جهودها الفاعلة التي بدأتها مبكرا".

نظرية "البجعة السوداء"

ومن المرجح أن تصل تكاليف إعادة الإعمار إلى عدة مليارات من الدولارات، مما يجهد الاقتصاد الذي يعاني بالفعل من تضخم بلغ 58%. ويقول خبراء اقتصاديون إن من المتوقع أن يحد الاضطراب، في المنطقة التي يسكنها 13 مليون نسمة، من النمو هذا العام.

(Getty Images)

واعتبر أتيلا يسيلادا، من "غلوبال سورس بارتنرز" إن حجم الضرر الذي وقع على امتداد مئات الكيلومترات وتأثر به ملايين الناس ومنازلهم، من شأنه أن "يغير تماما" صورة الاقتصاد والسياسة في تركيا.

واستخدم مصطلح "البجعة السوداء" في الإشارة إلى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة، وهي نظرية تشير إلى الأحداث غير الواردة في الحسبان ويمكن أن يترتب عليها عواقب وخيمة.

وقال إنه لم يتضح بعد ما إذا كان يمكن إجراء الانتخابات في المناطق الأشد تضررا من جراء الزلزال.

استجابة المعارضة

ولم يندفع خصوم إردوغان السياسيون إلى تحقيق مكاسب سياسية في أعقاب الزلزال مباشرة، في الوقت الذي لا يزال فيه الكثير من الضحايا محاصرين تحت الأنقاض، كما أن عدد القتلى آخذ في الارتفاع.

واكتفى تكتل سياسي يضم ستة أحزاب معارضة يخوض الانتخابات في مواجهة إردوعان، بالقول إن الحكومة يجب أن تتعامل "دون تمييز" مع الكارثة التي ضربت مناطق منها تجمعات لأكراد ولاجئين سوريين.

لكن الأمين العام لحزب "الصالح"، أوجور بويراز، وهو حزب قومي ينتمي ليمين الوسط، قال إنه قام جولة في المناطق المتضررة بشدة، وإنه حتى صباح الثلاثاء لم ير أي علامة على وجود عمال للإنقاذ في حالات الطوارئ.

وأضاف في تصريحات لوكالة "رويترز" إنه "بالتأكيد لا يوجد تنسيق احترافي لتقديم المساعدات... المواطنون والفرق المحلية ينضمون إلى عمليات الإنقاذ بأنفسهم لإخراج الناس من تحت الأنقاض".

"ولاءات الناخبين محددة بالفعل"

وتقول السلطات إن أكثر من 12 ألفا من أفراد البحث والإنقاذ وتسعة آلاف جندي آخرين يشاركون في العمليات.

وقال العضو المنتدب لإستراتيجية أسهم الأسواق المبتدئة لدى "تيليمر"، حسنين مالك، إنه عندما تكون المنافسة في الانتخابات محتدمة، فقد يؤثر تعامل الحكومة في حالات الطوارئ على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.

(Getty Images)

وأضاف أن المترددين "هم قطاع مهم، لكن من غير المرجح أن يؤثر على المؤيدين الأوفياء لأي من الجانبين".

ولفت إلى أن "تعامل حكومة إردوغان مع هذه الكارثة الطبيعية قد يشكل موقف الناخب الذي لم يحسم أمره بعد، لكن ولاءات معظم الناخبين محددة بالفعل".

التعليقات