الصين تسعى لزيادة ترسانتها النوويّة إلى مستوى غير مسبوق لتعزيز الردع إزاء واشنطن

يرى خبراء أنه ثمة عوائق عدة تقف في وجه تعزيز الصين سريعا لترسانتها النووية، ووسائلها محدودة لإنتاج مواد انشطارية ضرورية لصناعة الرؤوس النووية، في حين قد توفر روسيا مساعدة لها في هذا الإطار.

الصين تسعى لزيادة ترسانتها النوويّة إلى مستوى غير مسبوق لتعزيز الردع إزاء واشنطن

(Getty Images) صواريخ باليستية صينية عابرة للقارات ذات قدرة نووية من طراز "DF-41"

تسعى الصين إلى زيادة ترسانتها النووية إلى مستوى غير مسبوق، وتحديثها لتعزيز قوة الردع التي تتمتع بها، في حال وقوع نزاع مع الولايات المتحدة، بحسب ما يرى خبراء.

ويفيد المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، بأن الصين تمتلك ترسانة تضم 350 رأسا نووية، بعيدا وراء روسيا مع 4477 رأسا، والولايات المتحدة مع 3708 رؤوس؛ إلا أن بكين قد ترفع هذا العدد إلى 1500 بحلول 2035، وفق ما توقع تقرير لوزارة الدفاع الأميركية، نُشر في تشرين الثاني/ نوفمبر.

توسيع وتحديث لقوات الصين النووية "هما الأهمّ في تاريخها"

ويرى مات كوردا من منظمة "فيديريشن أف أميركان ساينتيستس" غير الحكومية، التي تدرس خصوصا الانتشار النووي، أنه "يبدو أن الصين لم تعد تريد الاكتفاء ببعض مئات الأسلحة النووية، لضمان أمنها".

وبعد تجربة نووية أولى في 1964، اكتفت الصين بالمحافظة على ترسانة متواضعة، والتزمت عدم المبادرة إلى استخدام السلاح الذري، مؤكدة أنها لن تلجأ إليه إلا إذا استهدفت بسلاح من هذا النوع.

وخلال العقد الأخير، دفع الرئيس الصيني، شي جينبيغ، باتجاه تحديث واسع النطاق للجيش، شمل خصوصا تحسين القدرات النووية.

صواريخ باليستية صينية عابرة للقارات ذات قدرة نووية من طراز "DF-41"، خلال عرض عسكري في بكين (Getty Images)

ويرى الأستاذ في معهد "Naval War College" للأبحاث والتعليم حول البحرية الأميركية، ديفيد لوغان، أن "الصين تجري راهنا توسيعا وتحديثا لقواتها النووية هما الأهم في تاريخها".

ويقول إن هذا البلد لا يسعى فقط إلى زيادة انتاج الرؤوس النووية، بل أيضا إلى تحسين القدرة على إطلاقها من الأرض، ومن طائرة أو غواصة.

وتفيد وزارة الدفاع الأميركية كذلك، بأن الصين تبني "سريعا" منشآت إطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات، ولديها أكثر من 300 صومعة صواريخ.

روسيا قد توفّر المساعدة

وقالت الصين مرارا إنها تبقي قوتها النووية، "عند المستوى الأدنى الضروري للأمن القومي".

وأكد شي جينبيغ الشهر الماضي، في إعلان مشترك مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، "وجوب عدم شن أي حرب نووية".

وترى الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، وهي ائتلاف من منظمات غير حكومية، أن الصين خصصت 11,7 مليار دولار لبرنامجها النووي العام 2021، أي أقل من ثلث ميزانية الولايات المتحدة في هذا المجال.

ويرى خبراء أنه ثمة عوائق عدة تقف في وجه تعزيز الصين سريعا لترسانتها النووية، ووسائلها محدودة لإنتاج مواد انشطارية ضرورية لصناعة الرؤوس النووية.

وقد توفر روسيا مساعدة لها في هذا الإطار.

وتعهدت بكين وموسكو تعزيز تعاونهما في المجال النووي، خلال القمة التي جمعت شي جينبينغ بفلاديمير بوتين في آذار/ مارس الماضي.

الرئيسان الصينيّ والروسيّ (Getty Images)

ووافق مسؤولون روس كبار في مجال الطاقة الذرية على مساعدة الصين، لامتلاك "مفاعلات سريعة"، من شأنها إنتاج المواد الانشطارية بسرعة أكبر بكثير مما تستهلك، وفق ما أكدت موسكو.

وتفيد بكين بأن الاتفاق يشمل فقط البرنامج النووي المدني. إلا أن خبراء يعتبرون أنه قد يساعد أيضا في تشكيل مخزونات من المواد الانشطارية الموجهة لأسلحة نووية.

ويشير مات كوردا إلى أنه "قد يكون ممكنا من الناحية التقنية للصين أن تزيد بشكل كبير مخزوناتها من البلوتونيوم مع مفاعلات مدنية جديدة تعمل بالنيترون السريع، مستخدمة الوقود الذي تزودها به روسيا"؛ لكنه شدد على أن "ما من مؤشر إلى أن الصين تنوي القيام بذلك".

ويقول غريغوري كالاكي، مسؤول الصين في منظمة "يونيون أوف كونسرند ساينتيتس" العلمية الأميركية، إن الصين تمتلك "مخزونات محدودة جدا، الأمر الذي يمنع التقدم السريع".

ويوضح أنه "استنادا إلى المعلومات المنشورة حول وتيرة تطوير برنامج التوليد السريع"، المشكّل من هذه المفاعلات القادرة على إنتاج نظائر انشطارية أكثر مما تستهلك؛ "سيكون من الصعب على الصين إنتاج البلوتونيوم الذي تحتاجه بسرعة".

قلق صينيّ من ضربة أميركيّة استباقيّة

وفي حين تميل وزارة الدفاع الأميركية أحيانا إلى تضخيم التهديد الصيني، للحصول على تمويل إضافي، تمتلك بكين أسبابا موضوعية لتعزيز قدراتها.

ويقول الأستاذ في Naval War College، ديفيد لوغان، إن "خبراء الإستراتيجيا الصينيين قلقون من أن توجّه الولايات المتحدة ضربة" أولى نووية، تمنع الصين من الرد.

ويضيف: "تعزيز النووي (الصيني) يهدف على الأرجح ولو جزئيا" إلى مواجهة هذا الاحتمال.

منشأة سلاح نووي سابقة (Getty Images)

ويرى خبراء أن بكين تنوي كذلك دفع واشنطن إلى التفكير في الكلفة التي قد تتكبدها في حال انخراطها في نزاع في المنطقة.

وتعتبر الصين تايوان التي يبلغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة، جزءا لا يتجزأ من أراضيها لم تنجح بعد في إعادة توحيده مع بقية البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في 1949. وقد تعهدت إخضاع الجزيرة ذات الحكم الذاتي لسيطرتها في يوم من الأيام.

وتعرب الصين عن أملها باستعادة تايوان سلميا، لكنها لا تستبعد استخدام القوة إذا لزم الأمر.

التعليقات