الأمم المتحدة تقر معاهدة أعالي البحار

تعتبر المعاهدة أساسية للبلدان الساعية لحماية 30% من محيطات وأراضي العالم بحلول 2030، بحسب ما توصلت إليه حكومات العالم في اتفاق تاريخي منفصل أُبرم في مونتريال في كانون الأول/ديسمبر.

الأمم المتحدة تقر معاهدة أعالي البحار

(أ ب)

أقرّت الأمم المتحدة الإثنين أول معاهدة دولية لحماية أعالي البحار في اتفاق بيئي تاريخي مصمم لحماية الأنظمة البيئية النائية الضرورية من أجل البشرية.

ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإقرار المعاهدة التي وصفها بأنها "إنجاز تاريخي"، معتبرا أنها تؤسس لإطار عمل قانوني لتوسيع نطاق حماية البيئة ليشمل المياه الدولية، أي ما يعادل أكثر من 60% من محيطات العالم.

بعد محادثات استمرت أكثر من 15 عاما وشملت مفاوضات رسمية على مدى أربع سنوات، اتفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أخيرا على نص المعاهدة في آذار/مارس في أعقاب محادثات ماراثونية.

ومن ذلك الحين خضع النص لتدقيق معمّق من محامين ومترجمين في الأمم المتحدة لضمان تطابقه في لغات الهيئة الست الرسمية.

ولفتت مجموعة من العلماء في مجلة "ذي لانسيت" العلمية إلى أن "المحيطات الصحية، من مياه السواحل وصولا إلى أعالي البحار وأعماق البحار، أساسية من أجل صحة البشر ورفاههم وبقائهم".

أدرك العلماء بشكل متزايد أهمية المحيطات التي تنتج معظم الأكسجين في العالم وتحد من التغير المناخي عبر امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتضم مناطق غنية بالتنوع البيولوجي على مستوى مجهري في كثير من الأحيان.

لكن في ظل وقوع الجزء الأكبر من محيطات العالم خارج المناطق الاقتصادية الخالصة لكل بلد، ما يعني بالتالي بأنها لا تخضع للولاية القضائية لأي دولة معيّنة، فإن توفير الحماية لما يسمى بـ"أعالي البحار" يتطلب تعاونا دوليا.

وأدى ذلك إلى تجاهلها في الكثير من الخلافات المتعلّقة بالبيئة إذ كان الضوء يسلّط على المناطق الساحلية وبعض الأنواع التي لها رمزية كبيرة.

وستكون القدرة على إقامة مناطق بحرية محمية في المياه الدولية أداة رئيسية في المعاهدة.

وحاليا، تخضع نسبة 1% تقريبا من أعالي البحار لتدابير حماية.

وتعتبر المعاهدة أساسية للبلدان الساعية لحماية 30% من محيطات وأراضي العالم بحلول 2030، بحسب ما توصلت إليه حكومات العالم في اتفاق تاريخي منفصل أُبرم في مونتريال في كانون الأول/ديسمبر.

بعد إقرار المعاهدة "سينطلق السباق للمصادقة عليها" وسيبقى هدف 30% "في متناول اليد"، بحسب كريس ثورن من "غرينبيس".

وتعرض المعاهدة التي يطلق عليها رسميا اتفاقية الأمم المتحدة "المعنية بالتنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية" Biodiversity Beyond National Jurisdiction BBNJ، متطلبات لإجراء دراسات عن التأثير البيئي للأنشطة المقترحة في المياه الدولية.

ورغم أنها غير مذكورة في النص، إلا أن هذه الأنشطة قد تشمل الصيد والنقل البحري وصولا إلى تلك الأكثر إثارة للجدل مثل التعدين في أعماق البحر أو حتى برامج الهندسة الجيولوجية الهادفة لمكافحة الاحترار العالمي.

وتحدد المعاهدة مبادئ لتقاسم منافع "الموارد الجينية البحرية" التي يتم جمعها خلال الأبحاث العلمية في المياه الدولية، وهي نقطة خلافية رئيسية كادت تخرج مفاوضات آذار/مارس عن مسارها في اللحظة الأخيرة.

وكافحت الدول النامية التي لا تملك المال اللازم لتمويل هذا النوع من الأبحاث لنيل حقوق تقاسم المنافع، على أمل عدم تخلفها عن الركب في ما يراه كثيرون سوقا مستقبلية ضخمة في الاستغلال التجاري للموارد الجينية البحرية، خصوصا من قبل شركات أدوية ومواد لتجميل تبحث عن "جزيئيات سحرية".

بعد إقرار النص، يجب الانتظار لمعرفة عدد البلدان التي ستقرر الانضمام.

وتتوقع منظمات غير حكومية الوصول إلى عتبة مصادقة 60 دولة اللازمة لتطبيق المعاهدة بما أن التحالف الطموح لـBBNJ الذي ضغط من أجل المعاهدة يضم حوالى 50 دولة بينها بلدان الاتحاد الأوروبي إضافة إلى تشيلي والمكسيك والهند واليابان.

لكن هدف 60 دولة لا يشكل تبنيا عالميا شاملا لها إذ أن الأمم المتحدة تضم 193 دولة عضو وهو العدد الذي يسعى المدافعون عن المحيطات لكسب تأييده.

ودعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي إلى "المضي قدما بهذا الزخم"، وقال "لنواصل العمل من أجل حماية محيطاتنا وكوكبنا وكل المتواجدين عليه".

التعليقات