بعد أكثر من عقد من القطيعة: السيسي وإردوغان يفتحان "صفحة جديدة" وتوقيع إعلان للتعاون الإستراتيجيّ

استهل السيسي المؤتمر الصحافي الذي أعقب محادثاته مع إرودغان، مؤكدا الرغبة في "فتح صفحة جديدة بين بلدينا". وأكد الرئيس التركي من جانبه أن زيارته تمثل تدشين "مرحلة جديدة في العلاقات" مع مصر. ووقع الرئيس التركي ونظيره المصري إعلانا مشتركا.

بعد أكثر من عقد من القطيعة: السيسي وإردوغان يفتحان

الرئيسان المصريّ والتركيّ (Getty Images)

أكد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان، رغبتهما في فتح "صفحة جديدة" في العلاقات بين بلديهما، خلال مؤتمر صحافي في القاهرة التي يزورها إردوغان لأول مرة، بعد قطيعة دامت أكثر من عقد.

واستهلّ السيسي المؤتمر الصحافي الذي أعقب محادثاته مع إرودغان، مؤكدا الرغبة في "فتح صفحة جديدة بين بلدينا". وأكد الرئيس التركي من جانبه أن زيارته تمثل تدشين "مرحلة جديدة في العلاقات" مع مصر.

وأعلن الرئيس المصري أنه قبل دعوة نظيره لزيارة تركيا في نيسان/ أبريل.

وأوضح إردوغان أن الحرب في غزة تصدرت المحادثات مع السيسي. واتهم الرئيس التركي حكومة بنيامين نتنياهو، بأنها "تتبنى سياسة القتل والمجازر". وقال إن قصف غزة "تصرف جنوني من نتنياهو".

وأكد السيسي اتفاقه مع الرئيس التركي على ضرورة "وقف إطلاق النار" في غزة.

وقال إردوغان إن "إدارة نتنياهو تواصل سياسات الاحتلال والتدمير والمجازر"، وطالبها "بالامتناع عن نقل المذابح إلى رفح، المكان الأخير الذي لجأ اليه المدنيبون في غزة"، في إشارة إلى المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر.

وأضاف أن "العالم الإسلامي ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي، يجب ألا يسمحوا بمثل هذا الجنون الذي قد يؤدي إلى إبادة جماعية" للفلسطينيين.

كما أكد "تقدير" تركيا و"دعمها لموقف مصر الرافض لمحاولات تهجير الفلسطينيين في غزة من أراضيهم".

وأعلن إردوغان، الإثنين، أنه سيتوجه إلى الإمارات ثم إلى مصر "لرؤية ما يمكن القيام به من أجل إخواننا في غزة" التي تتعرض لحملة قصف مركزة ومدمرة منذ أكثر من أربعة أشهر.

وأضاف أن أنقرة تفعل "كل ما في وسعها لوقف إراقة الدماء"، بينما استشهد أكثر من 28 ألف فلسطيني في غزة غالبيتهم من المدنيين، في القصف والغارات الإسرائيلية التي بدأت بعد الهجوم الذي شنته الحركة في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وكانت آخر زيارة لإردوغان إلى مصر في عام 2012 عندما كان رئيسا للوزراء. وكان يرأس مصر حينها الرئيس الراحل محمد مرسي، حليف أنقرة.

وشدد السيسي وإردوغان على أن مباحثاتهما تناولت تعزيز العلاقات الثنائية وخصوصا التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما.

وقال إردوغان إنهما اتفقا على رفع حجم "التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار في اقرب وقت ممكن" في حين بلغ في عام 2020 قرابة 11 مليار دولار.

كما أشار الرئيس التركي إلى رغبته في التعاون في مجال "الصناعات الدفاعية والطاقة" مع مصر.

توقيع إعلان مشترك بشأن التعاون الإستراتيجيّ

ووقع الرئيس التركي ونظيره المصري إعلانا مشتركا بشأن إعادة هيكلة اجتماعات مجلس التعاون الإستراتيجي التركي - المصري.

وأشار الإعلان إلى وجود "روابط تاريخية وثقافية مشتركة عميقة الجذور بين تركيا ومصر".

وورد في الإعلان أن رئيسي البلدين سيترأسان الاجتماعات المقبلة لمجلس التعاون الإستراتيجي الرفيع المستوى، وأن المجلس سيجتمع بالتناوب كل عامين في تركيا ومصر، وسيتم تنسيق العمل وإعداد جدول الأعمال لكل اجتماع من قبل وزيري خارجية البلدين.

وأوضح الإعلان أنه سيتم عقد اجتماعات مجموعة التخطيط المشتركة تحت الرئاسة المشتركة لوزيري خارجية البلدين، وذلك من أجل التحضير لاجتماعات مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، وأنه سيشارك في هذه الاجتماعات كبار المسؤولين من الوزارات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة.

وأضاف أن تركيا ومصر، "تؤكدان عزمهما على مواصلة توطيد علاقاتهما القوية في كافة المجالات من أجل تطوير تضامنهما وتعاونهما الذي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتعزيز السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة وخارجها".

وفي نطاق الإعلان بين تركيا ومصر، سيتم التعاون بين الجانبين في مجالات الخدمات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والمصرفية والمالية والاستثمارات والنقل والطيران والبحرية والسياحة والصحة والعمل والأمن والصناعات العسكرية والدفاعية ومكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، بحسب ما أفادت وكالة "الأناضول" للأنباء.

كما سيتم التعاون في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والطاقة والتعدين والزراعة والبيئة والغابات والتحول السكني والحضري وتغير المناخ والاتصالات والمعلومات والشؤون القنصلية.

ولفت الإعلان المشترك إلى أنه تم تكليف وزيري الخارجية والوزراء المعنيين الآخرين في البلدين، من أجل تفعيل التعاون في هذه المجالات، والقيام بالتنسيقات اللازمة، واتخاذ كافة الإجراءات لإعداد مذكرات التفاهم والاتفاقيات.

وكانت العلاقات الثنائية بين البلدين قد تدهورت منذ العام 2013، بعد إطاحة السيسي الذي كان في حينه وزيرا للدفاع، بالرئيس مرسي المنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين".

ومنذ ذلك الحين كرر إردوغان أنه "لن يتحدث اطلاقا" مع "شخص مثله"، في إشارة الى الرئيس المصري الحالي.

وتحسنت العلاقات بينهما، مع تقارب مصالحهما في العديد من النزاعات الإقليمية، بما في ذلك السودان أو قطاع غزة، وتصافحا لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر.

وتحادث السيسي وإردوغان أيضا غداة وقوع زلزال السادس من شباط/ فبراير 2023 الذي خلف أكثر من 50 ألف قتيل في تركيا. وفي تموز/ يوليو، تم تعيين سفراء من الجانبين.

وفي أيلول/ سبتمبر، تحدث المسؤولان للمرة الأولى وجها لوجه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.

ورغم تأزم العلاقات السياسية لفترة طويلة - إذ تدعم مصر وتركيا حكومتين متنافستين في ليبيا - بقيت العلاقات التجارية جيدة بين البلدين، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة.

ومطلع شباط/ فبراير أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، موافقة أنقرة على بيع مصر طائرات مسيّرة هجومية.

وعلى صعيد الحرب في غزة، استدعى إردوغان الذي وصف إسرائيل بـ"دولة إرهابية"، السفير التركي في تل أبيب مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، رغم استبعاده "القطيعة التامة" مع إسرائيل.

وقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان العديد من قادة حماس السياسيين يقيمون في إسطنبول، وطلب منهم بعد ذلك مغادرة البلاد.

ولدى اندلاع الحرب في غزة، اقترح إردوغان وساطته لكن المفاوضات للتوصل إلى هدنة قادتها حتى الآن قطر ومصر.

التعليقات