سوريا: قتلى في مظاهرات "الزحف لساحات الحرية"، والجامعة تتراجع عن تصريحات الدابي حول حمص

شهدت سوريا اليوم الجمعة، مظاهرات في مختلف أنحائها تحت شعار "جمعة الزحف إلى ساحات الحرية"، مطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد اعتبرها البعض أكبر مظاهرات احتجاجية منذ 9 شهور على انطلاق الثورة، إذ قدرت أعداد المشاركين فيها بمئات الالاف بحسب مراقبين وناشطين.

سوريا: قتلى في مظاهرات

شهدت سوريا اليوم الجمعة، مظاهرات في مختلف أنحائها تحت شعار "جمعة الزحف إلى ساحات الحرية"، مطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد اعتبرها البعض أكبر مظاهرات احتجاجية منذ 9 شهور على انطلاق الثورة، إذ قدرت أعداد المشاركين فيها بمئات الالاف بحسب مراقبين وناشطين.

واندلعت مواجهات بمناطق متفرقة خلفت 25 قتيلا على الأقل، سقطوا برصاص الأمن، وذلك بالتزامن مع مهمة بعثة المراقبين العرب.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية، أن القتلى الذين سقطوا برصاص الأمن والجيش، بينهم أربعة في حمص، وأربعة في درعا، وتاسع في حماة، إضافة إلى قتلى آخرين في إدلب وريف دمشق.

وقال نشطاء إنهم يريدون أن يظهروا مستوى الغضب الشعبي لمراقبي جامعة الدول العربية، الذين وصلوا إلى سوريا هذا الأسبوع للتحقق مما إذا كانت دمشق أوقفت العنف ضد المحتجين.

وقال أبو هشام، وهو ناشط من حماة: "اليوم مختلف عن أي يوم جمعة آخر، إنها خطوة فارقة، يتوق الناس للوصول إلى المراقبين وإبلاغهم بمعاناتهم."

وتأتي هذه الجمعة عقب سقوط 50 قتيلا على يد الأمن السوري خلال تظاهرات أمس الخميس، إذ سقط عدد كبير من القتلى في ريف دمشق، حين كانوا بانتظار وصول بعثة مراقبي الجامعة العربية التي لم تصل.

وكان الناشطون قد انشغلوا خلال الأيام الماضية، على صفحات التواصل الاجتماعي، في الحشد لمظاهرات اليوم، متوقعين أن تخرج أعداد كبيرة في دمشق وحلب، وكتبوا على صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011" على الإنترنت: "لأن تحرير مصر تم من ميدان التحرير.. سنزحف جميعا نحو الساحات.. سنستعيد ساحاتنا التي لوثتها الدبابات سنهتف بها.. سنحميها.. وسنكتب التاريخ".

250 ألفا في أدلب

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن 250 ألف شخص على الأقل خرجوا إلى شوارع إدلب بعد صلاة الجمعة، في 74 مكانا مختلفا، وإن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين فأصيب 25 منهم على الأقل.

وفي ريف معرة النعمان الشرقي في إدلب، انطلقت مظاهرة بمدينة جرجناز إلى ساحات الحرية، حيث التقى أكثر من أربعين ألف متظاهر وفدوا من تلمنس، ومعرشورين، والغدفة، ومعظم ريف شرق معرة النعمان، منتظرين قدوم لجنة المراقبين العرب، كما شهدت بنش مظاهرات عبر في ها المحتجون عن عدم رضاهم من أداء لجنة المراقبين العرب.

وروى ناشطون أن الجيش نقل أسلحته الثقيلة بعيدا عن الأعين، فقال ناشط يدعى مناهل، وهو عضو في لجنة التنسيق المحلية: "نقلت قوات الأمن بعض دباباتها من شوارع المدينة ووضعتها وراء مبان تقع بعيدا"، وأضاف: "نقلوا الدبابات بعيدا عن الشارع الرئيسي، ونقلوا بعضها إلى مخابئ."

حمص ودمشق

وفي حمص، والتي تحولت مؤخرا إلى مركز للثورة، أظهرت لقطات عرضها تلفزيون الجزيرة حشدا هائلا لمحتجين يرقصون ويرددون هتافات تدعو للثورة، وكانوا بالآلاف فيما يبدو، كما أفادت أنباء عن إطلاق القناصة النار على المعتصمين في ساحة الخالدية في المدينة.

وفي ضاحية برزة بدمشق، تجمعت كذلك حشود غفيرة، ورفع محتجون لافتات تنتقد المراقبين وتندد بالرئيس السوري، كما احتشد الالاف في ضاحية دوما بدمشق في مظاهرات منددة بالنظام.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أيضا، أن قوات الأمن استخدمت الرصاص الحي والقنابل الصوتية والمسمارية لوقف زحف المتظاهرين بدوما، كما أشارت إلى انتشار أمني كثيف بحي برزة وحصار للجامع الكبير في حي القدم بدمشق، فيما سُمع إطلاق نار كثيف على المتظاهرين خارج مسجد الحسن البصري.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن اشتباكات عنيفة دارت بين الأمن ومنشقين عن الجيش في ضاحية دوما بدمشق، وأوضح في بيان:  "تدور الآن اشتباكات عنيفة في مدينة دوما بين مجموعات منشقة وقوات الأمن السورية، وبين أيضا أن المحتجين رشقوا قوات الأمن بالحجارة في دوما"، وقال نشطاء إن 20 شخصا على الأقل أصيبوا في دوما.

واعتقلت قوات الأمن أكثر من 10 أشخاص عقب مشاركتهم في تظاهرة سلمية في حي كفر سوسة بدمشق، منهم طلاب من كلية الطب في جامعة دمشق، والممثل أحمد لبابيدي.

حماة

وقد خرج أهالي حي الحميدية وحي طريق حلب بمحافظة حماة في مظاهرات ضمن "جمعة الزحف إلى ساحات الحرية"، وطالب المشاركون بإسقاط النظام، كما رددوا هتافات تمجد الثورة وتؤكد الاستمرار فيها حتى تحقيق أهدافها.

وكان المرصد لحقوق قد قال في وقت سابق اليوم، إن خمسة محتجين على الأقل قتلوا برصاص الأمن السوري في حماة، وجاء في بيان له: "استشهد خمسة مواطنين على الأقل، وأصيب أكثر من عشرين بجراح إثر إطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن السورية في حي الحميدية والحاضر."

وهذا ما أكده عضو هيئة التنسيق الوطنية المعارض، منير بيطار، قائلا إن "المدينة شهدت انتشارا أمنيا كثيفا اليوم بعد الأنباء التي تحدثت عن عزم المحتجين الاعتصام في ساحة العاصي في المدينة، وشهد حي الحاضر (شارع الحميدية) أعنف المواجهات، حيث سقط قتلى وجرحى، بينما سقط اثنان في شارع 8 آذار".

وتحدث أنور عمران، عضو مجلس ثوار حماة للجزيرة، عن إطلاق نار كثيف في أطراف المدينة، وفي ساحة العاصي، التي يتواجد فيها المراقبون، مشيرا إلى أن المراقبين لم يلتقوا أهالي المنطقة.

من جهة، أخرى قالت مصادر مطلعة في مدينة حماة وفقا ليونايتد برس، إن الوفد العربي الذي وصل إلى مدينة حماة مساء أمس، عقد على الفور اجتماعا مع محافظها، أنس الناعم، ثم عقد اليوم الجمعة اجتماعا مع مدراء الدوائر في المدينة، والتقى عددا من الأشخاص في ساحة العاصي.

حصار مساجد وقطع للكهرباء

واتهم ناشطون في اللاذقية قوات الأمن بتضليل السكان من خلال استخدام سيارات تحمل شعار الجامعة العربية، أمام فندق ريفيرا، بغية القيام باعتقال من يقابل اللجنة.

وقد شهدت ساحة الجسر في الزبداني اعتصاما للأهالي بعد تسرب إشاعات عن زيارة محتملة للجنة العربية التي لم تصل.

وسقط عدد من الجرحى برصاص قوات الأمن السورية إثر إطلاق النار المباشر على المظاهرة التي خرجت من جامع الرحمن في البوكمال، حسبما ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية.

أما في حوران فقُطع التيار الكهربائي عن أغلب بلداتها وسط نقص حاد في الوقود والمواد التموينية، كما أشارت الهيئة إلى حصار كافة مساجد إنخل بدرعا، فيما تمركز القناصة فوق الأبنية المرتفعة، كما قال ناشطون إن أهالي بلدة إنخل خرجوا في مظاهرة وصفوها بالحاشدة، طالبوا فيها بإسقاط النظام السوري، كما دعَوْا بعثة الجامعة العربية إلى كشف حقائق القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد الشعب.

وفي بلدة داعل بمحافظة درعا، طالب المتظاهرون بأن تتحمل الجامعة العربية مسؤولياتها التاريخية تجاه ما توثقه في إطار عملها الرقابي، كما استنكروا تصريحات رئيس لجنة المراقبة الذي وصف الأمور بأنها مطمئنة.

وسمع دوي انفجار شديد في حي القصور بدير الزور، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي أشار إلى انتشار أمني كثيف في محيط دوار غسان العبود بدير الزور، كما أشاروا إلى سماع إطلاق نار كثيف في حي الجورة.

أما في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، فقال ناشطون إن قمع النظام السوري لن يجعلهم يتراجعون عن الثورة ومطالبها، وهتف المتظاهرون بإسقاط النظام، كما رفعوا أعلام الاستقلال.

الجامعة العربية تفسر تصريحات رئيس بعثة المراقبين

من جهة أخرى، أوضحت الجامعة العربية أن تصريحات رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية، الفريق أول محمد الدابي، حول "اطمئنان الوضع في سوريا"، كان يقصد فيها "التزام الحكومة السورية تجاه البعثة، وليس ما يجري على الأرض".

جاء ذلك على لسان رئيس غرفة العمليات الخاصة بعمل بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا، السفير عدنان الخضير، ردا على وصف المعارضة السورية للتطمينات التي يتحدث عنها الدابي بأنها "تتعارض مع الواقع".

وفي تصريح لصحيفة "السفير"، قال المتحدث باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، إن دمشق "مرتاحة" حتى الآن للتصريحات الصادرة عن رئيس بعثة المراقبين العرب، الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي، الذي دافعت الجامعة العربية عن عمله بوجه الانتقادات المتزايدة من المعارضة والدول الغربية.

ونقل عن الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، تأكيدات بأنه خلال اليومين المقبلين ستظهر الأمور وتتضح، وأن هناك جهودا كبيرة من أجل تحسين أداء البعثة، وأنها ستبقى وتظل على الأرض، وفي كل المناطق، ولن تترك المدن السورية خلال الأسابيع المقبلة، حتى تقدم تقريرها حول تطبيق النظام السوري لبنود خطة العمل العربي.

"دمشق لا تتدخل على الإطلاق في عمل البعثة"

يأتي ذلك في وقت تواصل فيه البعثة العربية عملها في حمص، حيث زارت حي بابا عمرو، كما توجه فريق آخر من المراقبين إلى مدينة درعا، وبلدة حرستا بريف دمشق، ومن المقرر أن يقوم أعضاء البعثة أيضا بزيارة مدينتي حماة وإدلب.

ومن جهة أخرى، قال مقدسي وفقا لوكالة رويترز: "لا نحمي المراقبين في المناطق الساخنة، بل نشرح لهم الوضع ونترك للمراقبين القرار أن يدخلوها أم لا."

وأضاف مقدسي أن دمشق "لا تتدخل على الإطلاق في عمل البعثة، ولا في سير عملها، بل تنسّق معها"، خصوصا "أن الحكومة السورية مسؤولة عن حماية عناصر الوفد"، إلا في ما يتعلق بالمناطق "الساخنة نتيجة وجود عناصر مسلحة خارجة عن القانون"، إذ تقوم الحكومة، وفقا لمقدسي: "بشرح طبيعة هذه المناطق بحيث يترك للوفد أن يقرر في ما إن كان يرغب في دخولها أم لا."

وأعلن أن عدد المراقبين الموجودين في سوريا قارب الـ100، وأن فترة عملهم تستمر لمدة شهر من لحظة توقيع البروتوكول (في التاسع عشر من الجاري)، بحيث يتم لاحقا الاتفاق على تمديده أو لا بموافقة الطرفين.

مطالبات دولية بتسهيل وصول المراقبين إلى جميع المناطق

وقال ناطق باسم الخارجية الألمانية الخميس في برلين، إن وزير الخارجية، جيدو فيسترفيله، طالب حكومة دمشق بالسماح للمراقبين العرب بالوصول إلى "جميع النقاط المفصلية في سوريا، وليس فقط الوصول إلى مدن حساسة مثل حمص وغيرها من المدن، بل توفير إمكانية وصول ممثلين عن المراقبين للمعارضة بلا عائق، والوصول للمجتمع المدني والتحدث أيضا مع معارضين أودعهم النظام في السجن"، وفق تصريحات صحافية.

وفي الوقت نفسه، حثّت الخارجية الألمانية مراقبي جامعة الدول العربية بعدم التعجل في الإعراب عن رضاهم إزاء الوضع في سوريا.

وبدورها أعربت الصين عن أملها بأن تبذل الأطراف المعنية في سوريا جهودا مشتركة للتنفيذ الفعال لبروتوكول بعثة مراقبي الجامعة العربية الموقع بين سوريا والأمانة العامة للجامعة.

98 قتيلا منذ وصول البعثة الأحد الماضي

يشار إلى أن 98 شخصا على الأقل قتلوا منذ الأحد الماضي، عندما وصلت أول بعثة من المراقبين العرب إلى سوريا طبقا للنشطاء.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من خمسة آلاف شخص قتلوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية منذ أن بدأت منتصف مارس/آذار الماضي.

من جهته، قال رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، إن مهمة البعثة العربية لا تنحصر في المراقبة، وإنما للتأكد من أن "الحكومة السورية أوقفت القتل".

وأضاف عقب لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أمس الخميس، أن النظام السوري يعتقل أكثر من مائة ألف شخص، بعضهم معتقل في ثكنات عسكرية، وآخرون على متن سفن قبالة الساحل السوري، محذرا من أن يقوم النظام بقتلهم كي يقول "إنه لا يعتقل أحدا".

وقال غليون إنه أبلغ الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، بملاحظات المعارضة على أداء بعثة المراقبة العربية، وأوضح أنه كان ينبغي أن يكون عدد أفرادها كافيا، لأن نقاط تفجر العنف أكثر مما يؤمنه العدد الراهن.

وتقول الجامعة العربية إن البعثة بحاجة لنحو أسبوع لتحديد ما إذا كان الرئيس السوري ملتزما بتعهده بسحب دباباته وقواته، وإطلاق سراح السجناء، وبدء حوار مع المعارضة.

التعليقات