لافروف: محاولات الإطاحة بالأسد جزء من لعبة جيوسياسية أوسع تستهدف إيران

وهذه المخططات تستهدف من دون شك إيران التي تبدو مجموعة كبيرة من الدول بينها الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي، وإسرائيل، وتركيا وبعض دول المنطقة، مهتمة في إضعاف مواقفها الإقليمية".

لافروف: محاولات الإطاحة بالأسد جزء من لعبة جيوسياسية أوسع تستهدف إيران

 

إعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ، أن محاولات الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتغيير النظام تشكل جزءاً من "لعبة جيوسياسية" أوسع في المنطقة تستهدف إيران، مشدّداً على ضرورة تفادي اللاعبين الدوليين لهذا السيناريو الذي من شأنه إدخال سوريا في حرب أهلية طويلة الأمد تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي.
وقال لافروف في مقال له نشر في صحيفة (هافينغتون بوست) الأمريكية الجمعة، إن "الضغط للإطاحة فوراً ببشار الأسد، بما يتعارض مع تطلعات شريحة ملحوظة من المجتمع السوري التي لا تزال تعتمد على هذا النظام لحماية أمنها وعيشها، سيعني إدخال سوريا في أتون حرب أهلية دامية".

وأضاف أنه يجب أن ينحصر دور اللاعبين الخارجيين المسؤولين في مساعدة السوريين على تفادي هذا السيناريو وضمان إصلاح نظام السلطة السياسية في سوريا، عن طريق التطور، وليس عن طريق الثورة، ومن خلال إجراء الحوار الوطني وليس من خلال الإرغام الخارجي.

واعتبر لافروف أن السعي إلى الدعم الأحادي الجانب للمعارضة لا يؤدي إلى إحلال السلام السريع في هذه البلاد، ويتعارض مع هدف حماية المواطنين المسالمين.

وأضاف "يبدو أن النزعة السائدة في هذا الخيار هي محاولات إجراء تغيير للنظام في دمشق كعنصر من لعبة جيوسياسية إقليمية أكبر. وهذه المخططات تستهدف من دون شك إيران التي تبدو مجموعة كبيرة من الدول بينها الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي، وإسرائيل، وتركيا وبعض دول المنطقة، مهتمة في إضعاف مواقفها الإقليمية".

وأشار إلى أنه حالياً يكثر الحديث عن آفاق توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مضيفاً "لقد شددت مراراً على أن مثل هذا الخيار سيؤدي إلى وقوع عواقب وخيمة، علماً أن محاولة قطع عقدة المشاكل المتراكمة بضربة واحدة محكوم عليها بالفشل".

وقال إن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لطالما كان مشكلة أساسية، وما زال كذلك، في دول الشرق الأوسط، وكان سبباً أساسياً "للثورات العربية"، مضيفاً "لكن سوريا لم تكن في المراتب السفلى بهذه اللائحة، إذ إن مستوى الحريات المدنية فيها أعلى بشكل لا يقاس، من بعض الدول التي تحاول حالياً إعطاء الدروس بالديمقرطية لدمشق".

وذكر أن تقريراً إعلامياً نشر مؤخراً في صحيفة فرنسية أشار إلى أن دولة كبيرة في الشرق الأوسط، نفذت خلال العام 2011 وحده 76 حكم إعدام، بينها ضد أشخاص اتهموا بالسحر.

وقال إن موسكو تتعامل مع دمشق يومياً من أجل أن تنفذ الأخيرة، بشكل كامل خطة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي أنان.

وأضاف "نحن منزعجون من مزاعم وأفعال بعض اللاعبين المعنيين في الوضع بسوريا التي تلاحَظ من ورائها المراهنة على إفشال جهود أنان، وبينها دعوات صادرة عن المجلس الوطني السوري إلى التدخل الخارجي".

وتساءل لافروف "كيف يمكن أن تسهم بيانات كهذه في الجهود التي يبذلها رعاة المجلس من أجل توحيد المعارضة السورية تحت سقفهم؟".

وأضاف "نحن ندعم توحيد المعارضة فقط على أساس الإستعداد للحوار السياسي مع الحكومة تماشياً مع خطة كوفي أنان".

وقال لافروف إن موسكو لا تزال تعمل مع السلطات السورية يومياً لحثها على تنفيذ البنود الستة لخطة أنان.

وأضاف "نحن نعمل أيضاً مع الممثلين عن كل الفصائل المعارضة السورية".

وأعرب لافروف عن ثقته بأنه في حال تصرّف شركاء روسيا كذلك، من دون إتباع المعايير المزدوجة ستبقى فرصة لبلوغ التسوية السلمية في سوريا.

وقال "علينا الضغط جميعاً على النظام والمعارضة وإجبارهما على وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات. ونعتبر أنه من المهم إتخاذ جهود جماعية عاجلة من أجل ذلك، وعقد مؤتمر دولي للبلدان المتعلقة مباشرة بالنزاع السوري".

وأشار إلى أنها الطريقة الوحيدة التي تمنع المنطقة من الإنزلاق نحو حروب دامية وفوضى، مضيفاً أن المخططات الأخرى التي تقضي بالتدخل الخارجي في سوريا، بدءً من إغلاق القنوات التلفزيونية غير المرغوب فيها وانتهاء بزيادة تزويد المجموعات المعارضة بالأسلحة وتوجيه ضربات جوية، "فلا تجلب السلام لا لهذا البلد ولا للمنطقة برمّتها".

وحذّر من أن أي إشعال لنزاع داخلي سوري قد يؤثر سلباً على الوضع في الدول المحيطة بسوريا، وسيكون له تأثير مدمّر على الأمن الإقليمي والدولي.

وأشار إلى أن عوامل الخطر تتضمن "فقدان السيطرة على الحدود السورية - الإسرائيلية، وتأزّم الوضع في لبنان والدول الأخرى في المنطقة، ووقوع الأسلحة في الأيدي الخاطئة، بينها عناصر المنظمات الإرهابية".

وقال إن أي تخويل صادر عن الأمم المتحدة يجب أن يكون واضحاً تماماً ولا يترك مجالاً لازدواجية التفسير، مضيفاً أن "هناك أكثر من مبرر لاتخاذ موقف متوازن من الأزمة السورية. ومن المفهوم أنه يستحيل السير على طريق إتخاذ قرارات غير دقيقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي، من شأنها أن تقدّم حرية التصرف لمنفذيها كما هو الحال في ليبيا".

وتابع أن روسيا أعلنت مراراً أنها "لا تعتبر نفسها جهة مدافعة عن النظام الحالي في دمشق. وليست لديها مبررات سياسية ولا إقتصادية وغيرها من المسببات، علماً أننا لم نكن أبداً شريكاً إقتصادياً وتجارياً رئيسياً لهذا البلد الذي كان قادته يتعاونون أساساً مع العواصم الغربية".

وأضاف "لا نحاول غض نظرنا عن المسؤولية الرئيسية التي تتحملها القيادة السورية عن الأزمة التي عمّت البلاد بسبب أنها لم تسر وقتها على طريق الإصلاحات".

وأسف لأن عملية تنفيذ خطة أنان تواجه مشاكل، وقال لقد "هزّت العالم كله مجزرة الحولة التي وقعت في 25 مايو/ أيار وما حدث في حماه من مآسي دموية. ولا بد من معرفة المسؤول عن ذلك ومعاقبة المذنبين".

وأشار لافروف إلى أنه لا يحق لأي أحد إحتكار دور القاضي والإستفادة من هذه المآسي بغية تحقيق أهداف جيوسياسية. وقال إن مَن يقول أن روسيا "تنقذ" الأسد مخطئ، إن "اختيار النظام السياسي وقادة البلاد هو أمر يخص السوريين أنفسهم".

وأضاف أن قصف الأحياء السكنية يعتبر أمراً غير مقبول، لكنه لا يمكن أن يكون مبرراً لتنفيذ "عمليات إرهابية" في المدن السورية والإغتيالات التي يقوم بها المقاتلون المعارضون للنظام، بمن فيهم الأعضاء في تنظيم "القاعدة".
 

التعليقات