جنود سوريون يروون هروبهم من مشفى جسر الشغور

كان الجندي السوري محمد محمود العساف على وشك الإغماء بعد إصابته في كاحله وبطنه إثر انسحابه مع رفاقه من مشفى جسر الشغور في محافظة إدلب الأسبوع الماضي، ما ساعده على التظاهر بالموت لدى اقتراب مقاتلين منه، والنجاة.

جنود سوريون يروون هروبهم من مشفى جسر الشغور

مقاتلون من الجبهة الإسلامية بعد السيطرة على جسر الشغور

كان الجندي السوري محمد محمود العساف على وشك الإغماء بعد إصابته في كاحله وبطنه إثر انسحابه مع رفاقه من مشفى جسر الشغور في محافظة إدلب الأسبوع الماضي، ما ساعده على التظاهر بالموت لدى اقتراب مقاتلين منه، والنجاة.

والعساف (28 عاما)، واحد من عشرات الجنود الذين تمكنوا من الخروج من مشفى جسر الشغور قبل سيطرة مقاتلي جبهة النصرة وفصائل أخرى معارضة عليه الأسبوع الماضي، ووصلوا تحت وابل من الرصاص والقصف إلى مناطق سيطرة النظام الواقعة على بعد كيلومترات قليلة.

ويقول الجندي الصلب البنية الذي نمت لحيته السوداء بضعة سنتيمترات، وهو ممدد على سريره في مشفى اللاذقية، إنه أصيب بشظية قذيفة في كاحله الأيمن وطلق ناري في بطنه قبل ثلاثة كيلومترات تقريبا من "الوصول إلى نقطة الأمان".

ويضيف "شعرت أنني على وشك الإغماء إلى أن جاء نحوي المسلحون وكانوا ينوون إطلاق الرصاص علي، لكنهم تركوني وشأني بعد أن ظنوا أنني مت. وغادروا بعد أن اخذوا جوالي ومحفظتي وسلاحي". ويتابع العساف "انتظرت إلى أن قاربت الساعة الثامنة مساء وذهبت إلى اسطبل قريب واغتسلت وخرجت بعد أن شاهدت خطوط الرصاص المضيئة التي أطلقها الجيش وتوجهت نحوها، ووصلت عند منتصف الليل إلى منطقة الكفير".

ويروي الجندي بصوت متعب لوكالة فرانس برس إن الانسحاب من المشفى جاء تنفيذا "لأوامر" من القيادة العسكرية، ويقول "كنا نتواصل مع القيادة وأُبلغنا بأن هناك عملية تفجير سيقوم بها مقاتلو جبهة النصرة وفصائل المعارضة الأخرى التي تسيطر على مدينة جسر الشغور منذ نهاية نيسان(أبريل)، من خلال حفر نفق يصل إلى تحت المشفى" حيث كان يتحصن أكثر من 150 جنديا ومسلحا مواليا لهم مع مدنيين من عائلاتهم.

ويضيف "جاءنا أمر الخروج من المشفى قبل الساعة الثامنة، الموعد المحدد للتفجير"، مشيرا إلى أن الجنود شكلوا مجموعات مختلفة تولت الأولى اقتحام أبنية المشفى الأخرى، غير ذاك الذين كانوا يتحصنون فيه للاحتماء من النيران التي تطلق على المنسحبين. وأوكل إلى المجموعة الثانية نقل الجرحى، بينما تولت المجموعة الثالثة، بحسب العساف، "إخلاء المدنيين"، وخصصت المجموعة الرابعة "لتأمين تغطية نارية من الخلف".

وسيطرت جبهة النصرة وحلفاؤها بشكل كامل الجمعة على مشفى جسر الشغور وسط معارك عنيفة. وقال المقاتلون ضد النظام إنهم قاموا بـ"تحرير المشفى"، بينما تحدث الإعلام الرسمي السوري عن نجاح في "فك الطوق".

وذكر مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، إن أكثر من تسعين عنصرا من قوات النظام تمكنوا من الوصول إلى مناطق آمنة، ببينما قتل عدد منهم خلال محاولتهم الفرار من المشفى وأُسر آخرون. وكان المحاصرون لجأوا إلى المشفى إثر سقوط مدينة جسر الشغور في 25 نيسان (أبريل) بين أيدي جبهة النصرة وحلفائها. وسار المنسحبون من المشفى ساعات طويلة في مناطق حرجية وصعبة.

ويقول نوار بدر صالح (25 عاما)، الذي تولى مع رفاقه حمل الجرحى على نقالات، "مشينا بين الشجر والأحراج، لم نعرف الوقت الذي استغرقناه إلى أن وصلنا في اليوم التالي إلى النقطة العسكرية". ويقول صالح الذي خضع لعملية جراحية في ساقه حيث وضعت أسياخ ظاهرة وسط الضمادات السميكة "كانت المعارك متواصلة ونحن نسير، لكننا كنا نقوم بتغطية نارية لبعضنا كي نتمكن من التقدم". ويضيف "بعد إصابتي بساقي اليسرى، أكملت طريقي زحفا ومشيا بالتناوب".

ويروي محمد محمد (29 عاما) من جهته أنه أصيب بقدمه وساعده الأيسر بعد خروجه من مشفى الجسر بحوالي ساعتين ويقول "اجتزنا طرقا صعبة مليئة بالأحجار والأشواك. قطعنا سواقي مياه إلى أن وصلنا إلى نهر العاصي ومشينا على ضفته. هناك شاهدت تلة على قمتها وحدة عسكرية(...) وواصلنا السير باتجاهها".

أما ربيع الأسمر فكان أصيب بقدميه في المعارك قبل الانسحاب من المشفى بسبعة أيام. ويقول "الطبيب في المشفى أعطاني إبرًا مسكنة كي أتمكن من الخروج".

ويضيف الأسمر الذي جلست بقربه سيدة مسنة تنظر إليه بحنان "انسحبنا باتجاه حارة الداغل وهناك تمت محاصرتنا وأطلقوا النار نحونا واستشهد عدد من الأشخاص"، مشيرا إلى أن المقاتلين "لم يميزوا بين مدنيين وعساكر".

وكان الجنود يريدون بأي ثمن الخروج من المشفى حيث كانوا يجدون صعوبة في الحصول على المواد الغذائية والتموينية، بحسب المرصد وناشطين. ويقول العساف إن المدنيين والعسكريين المنسحبين "شعروا بالأمان لحظة الخروج من المشفى، لأن خروجنا للقتال في الخارج أفضل من تفجير البناء بينما نحن فيه".

كذلك أصيب محمد زهران (29 عاما) داخل المشفى في صدره، ويقول "لم أكن أقوى على الجري (بعد الانسحاب) بسبب إصابتي وأصابني المسلحون مرة أخرى في ساعدي". ويضيف وهو يتوقف عن الكلام بين الفينة والأخرى بسبب صعوبة في التنفس "استخدمت الإسعافات الأولية التي كنا نحملها وحاولت وقف النزيف جزئيا. عندما التقيت في الكفير بوحدات من الجيش ساعدتني على الوصول إلى هنا (اللاذقية) بسيارة اسعاف، انفجرت بالبكاء".

ويشير الشاب النحيل والقصير القامة إلى أن أيامه خلال الحصار كانت "كابوسا...لم نكن نتوقع أن يحدث هذا لنا".

ويقول محمد محمد من جهته "عندما كنت أتكلم مع والدتي من داخل المشفى، كنت أقول لها انا أتوقع أن أموت في أي لحظة وأريدك ان تكوني قوية". ثم يضيف "عندما خرجت وتكلمت معها، غصت من الفرحة".

التعليقات