والد الطفل السوري الغريق: عسى أن تكون صورة عيلان رسالة للعالم

"بعد ساعة من الصراع، مات عيلان. قررت تركه في الماء لأنقذ شقيقه غالب. وبعد ساعة واحدة مات غالب. تركته في الماء أيضاَ، وتوجهت نحو زوجتي. كنت أريد إنقاذها على الأقل، وكانت قد توفيت أيضاَ. خسرت كل شيء في البحر"

والد الطفل السوري الغريق: عسى أن تكون صورة عيلان رسالة للعالم

روى والد الطفل السوري الذي غرق قبالة سواحل تركيا وأثارت صورته صدمة في العالم، أن ولديه 'انزلقا من بين يديه' حين انقلب المركب الذي كان يقلهم إلى اليونان. وأضاف عبد الله شنو أنه 'كان لدينا سترات نجاة لكن المركب انقلب فجأة لأن بعض الناس نهضوا. كنت أمسك يد زوجتي لكن ولدي انزلقا من بين يدي'.

'اسمه عيلان وعمره ثلاث سنوات ولم يمت وحيداً' قال شنو الذي فقد ولدين، عيلان، الذي انتشرت صورته في أنحاء العالم وأثارت صدمة، وغالب ابن الخمس سنوات، فيما لم تصور جثة والدتهما ريحانة، لأنها لا تزال مفقودة.

من أنقِذ أولاً

عند الثالثة فجراً انقلب القارب، الذي لم يتجاوز طوله خمسة أمتار فقط، في عرض البحر بالركاب الـ12 الذين كان بينهم عيلان وغالب وريحانة وعبد الله. كان ارتفاع الأمواج غير متوقع، وفق ما يروي عبد الله، الذي عاد إلى الأراضي التركية. 'شاهدنا الموت. قلب الموج قاربنا رأساً على عقب. وكان سائق المركب التركي قد ألقى بنفسه في الماء قبل أن ننقلب. تشبثت بالقارب مع زوجتي وطفليّ. كنا جميعاً أحياء لمدة ساعة كاملة'.

وأكمل الأب بلوعة: 'كان الظلام مخيما والجميع يصرخون لذلك لم تتمكن زوجتي وولداي من سماع صوتي. حاولت أن أسبح إلى الساحل مستهدياً بالأضواء لكنني لم أتمكن من العثور على زوجتي وولدي حين وصلت إلى اليابسة'، مضيفاً 'ذهبت إلى المستشفى وهناك علمت بالكارثة'.

بينما كان عبد الله يحاول أن ينقذ أي أحد من أولاده، كان ركاب آخرون يقضون أمامه، فيما قرر شابان أن يتابعا السباحة نحو اليونان. 

اقرأ أيضًا | 'عندما رأيته أصابني الجمود'

بقي عبد الله لثلاث ساعات في البحر، ثم بدأت جثث طفليه وزوجته تبتعد عنه، ولم يعد يشاهدها. كان متشبثاً بالقارب وينتظر أن يصل أي أحد إليه، إلى أن تم إنقاذه أخيراً.

لم تكن هذه المحاولة الأولى لعبد الله مع عائلته للوصول إلى أوروبا، فقد سبق له أن استقل مركباً، تعطل محركه وبقي طائفاً حتى وصل خفر السواحل التركي وأنقذ من فيه، لكنه بقي مصراً على التوجه لأوروبا من أجل أولاده وفق ما يقول.

'كنت أريد لهم حياة كريمة، خرجت من سوريا بعد أن اقتحم تنظيم داعش قريتي عين العرب – كوباني. اقتلع التنظيم كل أسناني من فمي. واجهت الموت في سوريا ولم أعد أستطيع الاحتمال. في تركيا أقمت في اسطنبول، كنت أتقاضى 50 ليرة تركية (18 دولار) في اليوم وأتلقى مساعدات من والدي وأشقائي. لم يكن أمامي من خيار إلا التوجه إلى أوربا'.

دفع عبد الله للمهربين الأتراك أكثر من 4000 يورو عنه وعن زوجته وأطفاله كي يستقلوا المركب نحو اليونان. كان قد جمع المال من عمله واستدان من أقاربه وأصدقائه، لكنه لا يستطيع اليوم تحديد هوية المهربين أو حتى النقطة التي انطلقت منها الرحلة المميتة.

الحلم

يردد عبد الله كلام جميع الراغبين في الهجرة عن الحياة في أوروبا: 'هناك سيعطونني بيت وراتب، وسيتمكن أطفالي من العيش بشكل جيد. سنعيش هناك'.

اليوم لم يعد عبد الله يريد شيئاً، لا أوروبا ولا تركيا ولا حتى سوريا. يقول إنه لم يعد يمتلك أي حلم أو رغبة أو هدف، بدا وهو يتحدث بعد ساعات من حاثة الغرق، يائساً تماماً، ولا تزال الصدمة تشل تفكيره تماماً، فيما يتمنى أن تكون صورة عيلان سبباً كي يتحرك العالم من أجل اللاجئين ومن أجل سوريا وفق ما يقول.

شاطئ 'الجنة'

كانت السلطات التركية قد أعلنت عن تمكنها من تحدد هويات جثث 12 غريقاً من المهاجرين السوريين، بينهم 8 أطفال، عقب انتشال جثثهم من بحر إيجه، ولقى المهاجرون حتفهم، بعد غرق قاربين، أحدهما مطاطي، كانوا يستقلونهما، في محاولة للوصول إلى اليونان، وأرسلت فرق خفر السواحل التركية جثث الغرقى، إلى معهد الطب الشرعي في مستشفى بودروم الحكومي، فيما تواصل فرق خفر السواحل البحث عن شخصين مفقودين ممن كانوا على متن القاربين.

عثر على جثتي عيلان وغالب على شاطئ يسمى محلياً في تركيا بـ'الجنة'، وتمكن شابان من ذات الرحلة من الوصول إلى اليونان بعد أن أكملا طريقهما باتجاه جزيرة كوريس، وأنقذهما خفر السواحل اليوناني.

التعليقات