سوريا: التظاهرات للشوارع مجددًا وروح الثورة باقية

عاد علم الثّورة للظهور مجدّدًا في مدن وبلدات سوريّة، بعد أن سيطرت رايات الفصائل والكتائب العسكريّة على السّاحات والشّوارع لأكثر من أربع سنوات، المظاهرات التي طالبت من جديد برحيل النّظام السّوريّ، رفع فيها المتظاهرون شعارات تليق بعام 2016

سوريا: التظاهرات للشوارع مجددًا وروح الثورة باقية

مدرّج بصرى ببصرى الشّام - سوريا

عاد علم الثّورة للظهور مجدّدًا في مدن وبلدات سوريّة، بعد أن سيطرت رايات الفصائل والكتائب العسكريّة على السّاحات والشّوارع لأكثر من أربع سنوات، المظاهرات التي طالبت من جديد برحيل النّظام السّوريّ، رفع فيها المتظاهرون شعارات تليق بعام 2016: توحيد الفصائل والإصرار على الثّورة ونبذ التّفرقة؛ وهي عبارات كرّرها المتظاهرون من إدلب إلى حلب ودرعا وريف دمشق، فيما غيّب الموت أو الاعتقال أو الهجرة، وجوه الحراك السّلميّ الذي أطلق الثّورة السّوريّة منذ 15 آذار/مارس لعام 2011.

أكثر من 104 نقطة تظاهر شهدتها البلاد في جمعة 'الثّورة مستمرّة' وفق النّاشطين السّوريّين، المظاهرات التي أتاح وقف إطلاق النّار، الذي رأى فيه الكثيرون أنّه ليس جديًّا ولن ينقل الصّراع إلى السّاحة السّياسيّة، ها هي تسمح بعودة حراك مدنيّ لم يكن متوقّعًا في كثير من المناطق.

'الشّعارات ذاتها التي استخدمت عام 2011، رفعها المتظاهرون الذين كرّروا رغبتهم بإسقاط النّظام رغم كل ما حلّ بهم'، كما قال النّاشط مطر إسماعيل من تجمّع ربيع ثورة لعرب48، ويضيف 'في جنوب دمشق كانت الهدنة شبه معلنة، لكن المظاهرات لم تكن تنظّم لأسباب عديدة، اليوم يخرج المتظاهرون من جديد، مدنيّون ونساء وأطفال، كما كان المشهد تماماً في 2011 و 2012'.

وجوه كثيرة غابت عن الحراك الجديد، أربع سنوات من الاقتتال والقصف والملاحقة الأمنيّة التي لم يكن النّظام فقط طرفًا فيها، بل بات لعددد من الفصائل والتّنظيمات ما يمكن وصفه بالأجهزة الأمنيّة، كلّها غيبت من وجوه الحراك وشبابه في المظاهرات الجديدة. فبالنسبة لمروى عليان، ابنة درعا، فإنّ غياب قادة المظاهرات الأوائل يثبت أمرًا غايةً في الأهميّة: 'أن ترى اليوم وجوهًا جديدة، وأصواتًا جديدة، يعني أمرين، أولًا أنّ التّضحيات التي قام بها شباب سوريّون عام 2011 وما بعده ودفعوا حياتهم من أجلها، لم تذهب هباءً، والأمر الثّاني أنّ الثّورة لا ترتبط بوجوه وأسماء وشخصيّات معيّنة، بل هي لكلّ النّاس، لكل السّوريّين الذين لم يرهقوا بعد من المطالبة بحقوقهم التي سلبت منهم حتّى الآن'.

في درعا، مدرّج بصرى الأثريّ شهد واحدة من أكثر المظاهرات اللافتة، إذ لم يكتف المتظاهرون بالهتافات ورفع اللافتات، بل كان هناك متّسع من الوقت والرّغبة، للغناء الشّعبيّ الذي بات سياسيًّا واجتماعيًّا.

لن تتوقّف

في ريف إدلب، اختلفت المظاهرات عمّا كانت عليه قبل سنوات، يقول النّاشط كرم أبو ربيع لعرب48، 'إنّ الوعي لدى المتظاهرين هو أكثر ما لاحظه في تظاهرات الجمعة'، بات النّاس يملكون قدرة أكبر على التّمييز بين العدوّ والصّديق، المظاهرات اختلفت في شكلها وتوقيتها وعدد المشاركين فيها، لكنّ الرّغبة اليوم أكبر على إسقاط النّظام'.

يفقتد أبو ربيع بك شهيدًا قضى في سوريّا خلال الثّورة: 'الشّهداء والمعتقلون هم من أتمنّى لو أنّهم حاضرون ليشاهدوا المظاهرات الحاليّة في سورية، ليعلموا أنّ الثّورة مستمرّة، الفكرة مستمرّة، تضحياتهم لم تنس، ودمهم لا يزال حاضرًا، لكنّي أرى أنّ المظاهرات هي صوت المعتقلين، الذي يموتون في كلّ يوم، من أجلهم يجب أن نستمرّ في التّظاهر'.

يتوقّع أبو ربيع أن تكون مظاهرات ريف إدلب في الجمعة القادمة بزخم وتنظيم أكبر، ويقول إنّ غياب الكثير من الشّبّان السّوريّين عنها اليوم لا يعني شيئًا 'كلّ ثائر وكل حرّ من الممكن أن ينظمّ ويقود مظاهرة في أيّ منطقة من سوريا، الأمر ليس مرتبطًا بأسماء'.

في حمص، وسط البلاد، برز الظّهور الجديد لبعد الباسط الساروت في تسجيل مصوّر، النّاشط الذي كثرت حوله الأقاويل عن أنّه انضمّ لتنظيم الدّولة الإسلاميّة - داعش، قال في تسجيل مصوّر بثّ الجمعة إنّه مع كلّ المظاهرات التي عرفتها سوريا وستعرفها في الأيّام المقبلة، الحدث لم ينعكس في حمص التي باتت تخلو من أيّ نشاط للمعارضة السّياسيّة أو العسكريّة، لكنّه انعكس في مناطق أخرى من سوريا.

مساحة الهدنة

رغم أنّ معظم النّاشطين السّوريّين في الدّاخل السّوريّ لا يربطون بشكل مباشر بين اتّفاق وقف إطلاق النّار وعودة الحراك السلميّ إلى الشّوارع، إلّا أنّ التّزامن بين الأمرين فرض نفسه في عدد من مناطق البلاد، وبالذّات في حلب، التي عادت المظاهرات إلى ريفها منذ اليوم السّادس للاتّفاق، الذي سجّل خروقات عدّة من قبل الطّيران الرّوسيّ والنّظام السّوريّ.

ويقول عضو المجلس المحلي في ريف حلب، محمد الحلبي لعرب 48، 'إنّ الأسواق شهدت نشاطًا أكثر من ذي قبل، فمن الطّبيعيّ أن تعود المظاهرات إلى المدن والبلدات المحرّرة في أوّل فرصة لذلك'.

وأضاف الحلبيّ: 'أغلب مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السّوريّة عرفت مظاهرات كانت تعبيرًا عن الفرح بوقف إطلاق النّار، لكنّها في ذات الوقت تريد أن ترسل بالرّسائل السّياسيّة الخاصّة بها، أوّلها إسقاط النّظام، وثانيها الاستمرار بالثّورة، لكنّ الأهمّ هو دعوة الفصائل للتوحّد ووقف الاقتتال فيما بينها'.

اقرأ/ي أيضًا| سوريا: مقتل 24 مدنيا رغم "تقدم واضح" بالهدنة

ولأنّ حلب تحديدًا عرفت الكثير من الاقتتال بين الفصائل السّوريّة المنضوية تحت لواء المعارضة، فقد وجد المتظاهرون فرصة لتمرير رسالتهم للقيادات العسكريّة المختلفة. وفي هذا السّياق يقول الحلبي: 'دائمًا هناك فرصة للتوحّد، نعرف أنّ المطالبة بالتّوحّد ليست كافية لتحقيق ذلك، لكن التّعبير عن الرّغبة الشّعبيّة بذلك تبقى مهمّة، بالذّات في مظاهرات لم ترفع إلّا علم الثّورة'.

التعليقات