سورية: ارتفاع ضحايا الغارة وضبابية بشأن المفاوضات

وفي تصعيد آخر للعنف قال "المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان" إنّ جبهة النّصرة، جناح تنظيم القاعدة ومسلّحين إسلاميّين آخرين لا يشملهم اتّفاق الهدنة الأميركيّ الرّوسيّ هاجموا قوّات حكوميّة في حلب وسيطروا على قرية وقمتي تلّ على الأقلّ

سورية: ارتفاع ضحايا الغارة وضبابية بشأن المفاوضات

إدلب

أفادت أنباء أنّ ضحايا الغارة الجويّة إمّا السّوريّة أو الرّوسيّة ارتفع إلى نحو 19 شخصًا على الأقلّ، وربما أكثر، وذلك بسوق بشمال غرب سوريا يوم الاثنين، لتزيد الضّغط على اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة الذي يهدف إلى تمهيد الطّريق لاستئناف مباحثات السّلام.

وفي تصعيد آخر للعنف قال 'المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان' إنّ جبهة النّصرة، جناح تنظيم القاعدة ومسلّحين إسلاميّين آخرين لا يشملهم اتّفاق الهدنة الأميركيّ الرّوسيّ هاجموا قوّات حكوميّة في حلب وسيطروا على قرية وقمتي تلّ على الأقلّ في أوّل تقدّم منذ فترة في المنطقة.

وعمل الاتّفاق الذي قبلته حكومة رئيس النظام السّوريّ بشّار الأسد ومعظم فصائل المعارضة على الحدّ من أعمال العنف في سوريا منذ سريانه في 27 شباط/فبراير، وهي أوّل هدنة من نوعها في الحرب المستمرّة منذ خمس سنوات والتي أودت بحياة أكثر من ربع مليون شخص، وتسبّبت في أزمة لاجئين عالميّة.

وتأمل القوى الأجنبيّة في أن يؤدّي توقّف الأعمال القتاليّة إلى محادثات سلام تنهي الصّراع. لكن الاتّفاق الذي لم توقّعه مباشرة الأطراف السّوريّة المتحاربة هشّ للغاية ويتّهم كلّ طرف الآخر بانتهاكه.

وتعهّدت دمشق وموسكو بمواصلة قتال الجماعات التي لا يشملها الاتّفاق مثل تنظيم الدّولة الإسلاميّة – داعش - وجبهة النّصرة التي تنتشر غربيّ سوريا على مقربة من جماعات وافقت على وقف إطلاق النّار. وتقول جماعات معارضة كثيرة إنّها تعتقد أنّ الحكومة وحلفاءها الرّوس بإمكانهم استغلال وجود المتشدّدين كذريعة لمواصلة القتال.

وقال المرصد إنّ عدد قتلى الغارة الجويّة على سوق لبيع الوقود في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة، مرشّح للزيادة لكنّه لا يعرف إن كان المسؤول عن الغارة القوّات السّوريّة أم الرّوسيّة.

وقال منسّق الهيئة العليا للتفاوض، رياض حجاب، إنّ 'عشرات' الأشخاص قتلوا فيما وصفها بالمذبحة. ولم تعلن القوّات الحكوميّة أيّ شيء بخصوص الغارة وهي التي تؤكّد احترامها للاتّفاق.

وقال حجاب إنّ المعارضة ستقرّر بحلول نهاية الأسبوع الحاليّ إن كانت ستحضر المباحثات التي ترغب الأمم المتّحدة إطلاقها مطلع الأسبوع المقبل. وقال عضو آخر بالهيئة العليا للتفاوض إن الهيئة تميل للذهاب إلى المفاوضات.

وأفاد المرصد السّوريّ بأنّ مقاتلين من جبهة النّصرة وجماعة جند الأقصى الإسلاميّة هاجموا قوّات الحكومة في حلب واستولوا على قرية العيس وقمّتي تلال في اشتباكات. وأضاف أنّ الكثيرين سقطوا قتلى وجرحى دون أن يحدّد رقمًا.

وقال المرصد إنّ هذا أوّل تقدّم لجبهة النصرة في المنطقة هذا العام. وقالت جبهة النصرة في بيانات على الإنترنت إنّها سيطرت على نفس قمم التّلال.

وساعد التّدخل الرّوسيّ في الحرب في الأشهر الأخيرة قوّات الحكومة السّوريّة وحلفاءها في استعادة السّيطرة على الأراضي التي فقدتها في أجزاء كثيرة من غرب سوريا، بما في ذلك محافظة حلب. وحقّقت فصائل المعارضة المسلّحة بعض المكاسب في مناطق أخرى مثل محافظة حماة.

وتلى سريان الاتّفاق توصيل مساعدات إنسانيّة لمناطق تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها الحكومة، رغم حديث المعارضة عن كميّات مساعدات أقلّ من المطلوب.

خريطة محلّ نزاع

تتّهم المعارضة النظام السوري بتحريك قوّات وهي التي تعزّز وضعها العسكريّ منذ أن بدأت روسيا شنّ غارات جويّة قبل خمسة أشهر. وتؤكّد المعارضة أنّ العديد من هجمات قوات النظام استهدفت مواقعها خلال الهدنة، خاصّة في شمال غرب سوريا قرب الحدود التّركيّة.

يأتي هذا بينما تتّهم روسيا تركيا بتزويد فصائل معارضة بالأسلحة بشكل يوميّ.

وقالت وزارة الدّفاع الرّوسيّة، يوم الاثنين، إنّها رصدت ثمانية انتهاكات لاتّفاق الهدنة في سوريا خلال السّاعات الأربع والعشرين الماضية.

ولا يعلن جيش النظام السّوريّ الكثير عن عمليّاته في المناطق الغربيّة التي يشملها الاتّفاق رغم تأكيداته بأنّه مستمرّ في استهداف جبهة النصرة.

وتقع المدينة التي استهدفتها الغارة الجويّة يوم الاثنين قرب قاعدة جويّة سيطرت عليها جبهة النصرة وفصائل أخرى في أيلول/سبتمبر الماضي. وقال المرصد إنّ قوّات النظام قصفت أيضًا مدينة جسر الشّغور الواقعة تحت سيطرة المعارضة في محافظة إدلب.

وقال حجاب خلال مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيّين إنّه أرسل خطابًا للأمين العامّ للأمم المتّحدة بان كي مون، يشكو بشأن خريطة المجموعات المسلّحة التي نشرتها وزارة الدّفاع الرّوسيّة لمواقع المعارضة المسلّحة. وقال حجاب إنّ الخريطة غير دقيقة.

وفي تطوّر منفصل في هذا الصّراع متعدّد الأطراف قالت 'وحدات حماية الشّعب الكرديّة السّوريّة' إنّ عدد القتلى جرّاء هجمات مسلّحين على مربّع سكني تسيطر عليه الوحدات في مدينة حلب يوم الأحد ارتفع إلى 16 بينهم تسعة أطفال.

وقال المّرصد إنّ هذا هو أكبر عدد قتلى في هجوم واحد منذ بدء سريان الاتّفاق.

وفي وقت لاحق من يوم الاثنين قالت وحدات حماية الشّعب الكرديّة إنّ مسلّحين من جماعة فيلق الشّام الإسلامية 'تسلّلت' بالقرب من قرية تحدّ مدينة عفرين التي تسيطر عليها الوحدات في محافظة حلب وأطلقت النّار على السّكان.

ووحدات حماية الشّعب الكرديّة مدعومة من الولايات المتّحدة لقتال تنظيم الدّولة الإسلاميّة في شمال غرب سوريا، وهي الشّريك الأكثر فاعلية على الأرض لحملة الضّربات الجويّة التي تقودها الولايات المتّحدة ضدّ الدّولة الإسلاميّة في سوريا.

وتقوم الوحدات أيضًا بقتال فصائل معارضة تتلقّى الدّعم عبر تركيّا، الأمر الذي يثير قلق أنقرة التي ترى أنّ المقاتلين الأكراد يمثّلون خطرًا على حدودها وقامت بقصف الوحدات في منطقة عفرين.

هيئة الحكم

قالت دول غربيّة إن اتّفاق وقف القتال يبدو متماسكًا إلى حدّ بعيد وتأمل أن يسمح ذلك باستئناف محادثات السّلام. وانهارت محاولة سابقة لعقد المحادثات في شباط/فبراير قبل عقد أيّ اجتماعات مباشرة.

ولا تزال العراقيل كبيرة، ومن بينها مستقبل الرّئيس بشّار الأسد. وتريد المعارضة الإطاحة بالأسد من السّلطة قبل بدء فترة انتقاليّة وهو مطلب تخلّت عنه دول غربيّة بعد أن رجّح التّدخّل الرّوسيّ كفّة الحرب لصالح الأسد.

وقال عضو الهيئة العليا للتفاوض، رياض نعسان آغا، إنّ القرار النّهائيّ بشأن المشاركة في محادثات جنيف سيتوقّف على أمور منها مدى الالتزام بالهدنة والتّقدّم بشأن تخفيف الأوضاع الإنسانيّة.

وأشار نعسان أغا إلى التّراجع في انتهاكات اتّفاق وقف إطلاق النّار من جانب الحكومة السّوريّة وحلفائها خلال اليومين الماضيين وقال 'توجّهاتنا هي الذّهاب إن شاء الله.'

وأضاف 'سيبدأ التّوافد (على جنيف) يوم الجمعة القادم إن شاء الله ... نأمل أن لا يحدث شيء يمنعنا من الذّهاب.'

وتابع قوله 'بدأنا نلاحظ أن حجم الخروقات بدأ ينخفض في اليومين الأخيرين ونرجو في الأيام القادمة حتى يوم الجمعة أن تصل الخروقات إلى صفر... إذا انتهت هذه الخروقات فهذا يجعل البيئة مواتية لبدء المفاوضات.'

ومضى يقول 'نحن نريد أن ندخل في مفاوضات مباشرة في موضوع هيئة الحكم الانتقاليّ' تماشيًا مع قرار مجلس الأمن التّابع للأمم المتّحدة، مضيفًا أنّ المعارضة لن تقبل الدّخول في قضايا خارج ما يحدّده القرار.

التعليقات