جنيف: المعارضة السورية تقبل مشاركة دبلوماسيي النظام ونزوح بحلب

أعلنت أبرز أطراف المعارضة السّوريّة الجمعة، عدم ممانعتها مشاركة دبلوماسيّين أو تكنوقراط من النّظام في هيئة الحكم الانتقاليّ في حين أجبرت المعارك العنيفة في محافظة حلب عشرات الآلاف على النّزوح.

جنيف: المعارضة السورية تقبل مشاركة دبلوماسيي النظام ونزوح بحلب

أعلنت أبرز أطراف المعارضة السّوريّة الجمعة، عدم ممانعتها مشاركة دبلوماسيّين أو تكنوقراط من النّظام في هيئة الحكم الانتقاليّ في حين أجبرت المعارك العنيفة في محافظة حلب عشرات الآلاف على النّزوح.

وقال المتحدّث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثّلة لأطياف واسعة من المعارضة، سالم المسلط، في جنيف 'لا يمكن قبول مشاركة أطراف اقترفت جرائم بحقّ الشّعب السّوريّ في هيئة الحكم الانتقاليّ، لكن هناك الكثير من الموجودين لدى النّظام أو المستقلّين في سورية'.

وتعليقًا على المواجهات العنيفة، طلب وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، من نظيره الرّوسي سيرغي لافروف ممارسة ضغوط على دمشق لحملها على احترام وقف إطلاق النّار متعهّدًا العمل مع المعارضة للقيام بالأمر ذاته.

وقال المتحدّث جون كيربي إنّ كيري أجرى مكالمة هاتفيّة مع لافروف أبلغه خلالها أنّ 'الولايات المتّحدة تنتظر من روسيا حضّ النّظام (السّوريّ) على الالتزام بوقف الأعمال القتاليّة، فيما نحن سنعمل مع المعارضة من أجل القيام بالأمر ذاته'.

وقد عقد الوفد الحكوميّ السّوريّ الذي وصل إلى جنيف اليوم، أولى اجتماعاته مع الموفد الدّوليّ الخاصّ إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، بعد يومين على استئناف الأمم المتّحدة جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين ممثّلين عن الحكومة والمعارضة.

وأضاف المسلط 'هناك أيضًا الكثير من الدّبلوماسيّين والتّكنوقراط،  لكن هذا القرار يحدّده الشّعب السّوريّ، وهو من يفوّضنا باختيار أسماء أعضاء الهيئة'.

وشدّد على أنّه 'لا يمكن القبول ببشّار الأسد أو من اقترفوا جرائم'.

وبحسب المسلط، لم يتمّ التّطرّق بعد إلى الأسماء التي يمكن القبول بها، 'لأنّنا ما زلنا في مرحلة بحث الانتقال السّياسيّ وهيئة الحكم الانتقاليّ'، لكنّ 'الشّعب يعرف من أجرم بحقّه ومن اتّخذ موقفًا محايدًا'.

ولفت إلى أنّ 'توزيع المقاعد سيخضع لنقاش طويل وهو سابق لأوانه الآن'.

وتطالب المعارضة السّوريّة بتشكيل هيئة انتقاليّة كاملة الصّلاحيّات تضمّ ممثّلين عن الحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الرّئيس السّوريّ بشّار الأسد قبل بدء المرحلة الانتقاليّة، فيما ترى الحكومة السّوريّة أنّ مستقبل الأسد ليس موضع نقاش وتقرّره صناديق الاقتراع فقط.

وقال المسلط 'نستند في هذه المفاوضات إلى بيان جنيف 1 الذي أعطى الصّورة الحقيقيّة لهيئة الحكم الانتقاليّ، ذات الصّلاحيّات الكاملة والتي تشكّل بمشاركة الطّرفين وموافقتهما كما نصّ البيان'.

من جهته، أوضح أحد أعضاء الوفد المفاوض المعارض، والذي رفض الكشف عن اسمه، أنّه 'من المستحيل أن يكون أعضاء هيئة الحكم الانتقاليّ من ضبّاط المخابرات أو الأمنيّين الذين أصدروا أوامر بقتل الشّعب السّوريّ'.

وأضاف 'لم نحدّد لائحة بالأسماء المقبولة من الطّرف الآخر، لأنّ النّظام لم يبد موافقته بعد على تشكيل هيئة الحكم الانتقاليّ'، مشدّدًا على أنّ 'كلّ من سيمثّل في الهيئة من جانب قوّات النّظام يجب أن يحظى بموافقة المعارضة، والعكس صحيح'.

وبعد لقاء دي ميستورا، وصف بشّار الجعفريّ، رئيس الوفد الحكوميّ ومندوب سورية لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، الجلسة مع الموفد الخاصّ بأنّها 'بنّاءة ومفيدة'.

وقال 'ناقشنا مع السّيّد المبعوث الدّوليّ ورقته حول المبادئ الأساسيّة للحلّ السّياسيّ في سوريا، ونقلنا له التّعديلات السورية' التي أوضح أنّه سيتمّ نقاشها بعمق في جلسة الإثنين.

وأضاف أنّ 'دي ميستورا وفريقه سيستفيد من عطلة نهاية الأسبوع لينكبّ على دراستها بعمق بما يسمح له أن يعرضها على الأطراف الأخرى ويعود إلينا الإثنين بموقفه من هذه التّعديلات'.

وسلّم دي ميستورا وفدي الحكومة والمعارضة في ختام الجولة الأولى ورقة تتضمّن 'نقاط التّوافق' التي استخلصها خلال اجتماعاته وتتضمّن 'مبادئ أساسيّة لحلّ سياسيّ في سورية' من دون أن تتطرّق إلى مصير الأسد أو تأتي على ذكر تشكيل هيئة حكم انتقاليّ.

والتقى دي ميستورا مساءً، وفد الهيئة العليا للمفاوضات، الذي انتقد التّصعيد العسكريّ من قوّات النّظام في حلب.

وقال رئيس الوفد، أسعد الزّعبيّ للصحافيّين إنّ البحث تطرّق إلى 'الهجوم المباغت للنظام، وكعادته قبل كلّ جولة مفاوضات عوّدنا دومًا على إرسال رسالة أنّه لا يريد حلًّا سياسيًّا وإنّما يريد الحلّ العسكريّ'.

ووصف التّصعيد العسكريّ بأنّه 'غير مسبوق' باتّجاه حلب.

وردًّا على سؤال حول الانتهاكات المتكرّرة للهدنة، اعتبر الزّعبيّ أنّه ' لولا صبر الثّوّار لما كانت هناك هدنة'.

وشهد الوضع الإنسانيّ مزيدًا من التّأزّم في محافظة حلب حيث تدور معارك على جبهات عدّة تصاعدت حدّتها منذ بداية الأسبوع الحاليّ.

وذكرت منظّمة 'هيومان رايتس واتش' إنّ المعارك الجارية قرب الحدود التّركيّة بين تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) والفصائل المقاتلة دفعت 30 ألف شخص إلى النّزوح من منازلهم ومخيّماتهم خلال اليومين الماضيين.

وبحسب المنظّمة، 'أجبر زحف داعش في 13 و14 نيسان/أبريل ما لا يقلّ عن نصف سكّان مخيّمات اللاجئين شرقي إعزاز قرب الحدود التّركيّة، البالغ عددهم 60 ألف نسمة، على الفرار'.

وتنتشر مخيّمات النّازحين على مقربة من الحدود التّركيّة، وهي مكتظّة بأكثر من 51 ألف مدنيّ منذ هجوم قوّات النّظام السّوريّ قبل الهدنة المعمول بها في سورية منذ شباط/فبراير ضدّ مواقع للفصائل المعارضة في ريف حلب الشّماليّ.

مصير الهدنة

وبالإضافة إلى المعارك قرب الحدود التّركيّة مع الفصائل المقاتلة، يخوض تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) معارك ضدّ قوّات النّظام في ريف حلب الجنوبيّ الشّرقيّ.

على جبهة أخرى، تخوض قوّات النّظام السّوريّ معارك ضدّ 'جبهة النّصرة' والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبيّ، كما في مناطق واقعة شماليّ مدينة حلب.

وتستكمل هذه القوّات هجومًا هدفه قطع طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد للأحياء الشّرقيّة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في المدينة، وبالتّالي محاصرة تلك الأحياء.

وتعدّ معارك حلب الحاليّة الأكثر عنفًا منذ بدء تنفيذ اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة. وبرغم أنّ الاتّفاق يستثني 'جبهة النّصرة' وتنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش)، إلّا أنّ انخراط 'جبهة النّصرة' في تحالفات عدّة مع فصائل مقاتلة ومشاركة الفصائل في المعارك، من شأنه أن يهدّد الهدنة.

ويعيش في مدينة حلب حاليًّا مليون نسمة، بينهم 200 ألف في الأحياء الشّرقيّة و700 ألف في الأحياء الغربيّة الواقعة تحت سيطرة قوّات النّظام و100 ألف في الأحياء ذات الغالبيّة الكرديّة.

اقرأ أيضا: المفاوضات السورية: المعارضة تؤيدها وتحذر من انهيار الهدنة
وانتهت الجولة السّابقة من محادثات جنيف في 24 آذار/مارس دون تحقيق أيّ تقدّم باتّجاه التّوصّل إلى حلّ سياسيّ للنزاع الذي تسبّب خلال خمس سنوات بمقتل أكثر من 270 ألف شخص.

التعليقات