حلب تثخنها الحرب: من 2.5 إلى 1 مليون مواطن

باتت مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السّوريّة وعاصمة البلاد الاقتصاديّة سابقًا، محاصرة اليوم بالمعارك التي تدور بين أطراف عدّة في معظم أنحاء المحافظة الواقعة شماليّ سورية.

حلب تثخنها الحرب: من 2.5 إلى 1 مليون مواطن

باتت مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السّوريّة وعاصمة البلاد الاقتصاديّة سابقًا، محاصرة اليوم بالمعارك التي تدور بين أطراف عدّة في معظم أنحاء المحافظة الواقعة شماليّ سورية.

وتتقاسم قوّات النّظام والجهاديّون والأكراد والفصائل المقاتلة السّيطرة على محافظة حلب 'التي تملك مفتاح السّلام أو الحرب في سورية'، وفق ما يقول مدير 'المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان'، رامي عبد الرّحمن.

وتهدّد المعارك التي تدور فيها حاليًّا الهدنة الهشّة المعمول بها منذ 27 شباط/فبراير.

ومدينة حلب مقسّمة منذ العام 2012 بين أحياء شرقيّة تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وأخرى غربيّة واقعة تحت سيطرة النّظام. ويستكمل الجيش السّوريّ اليوم هجومًا كان بدأه في ريف حلب الشّماليّ قبل الهدنة، يهدف لفرض حصار كامل على الأحياء الشّرقيّة.

المدينة القديمة

وتعدّ حلب واحدة من أقدم مدن العالم وتعود إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، ويعود ذلك إلى موقعها الإستراتيجيّ بين البحر المتوسّط وبلاد الرافدين.

وتوالت الحضارات على مدينة حلب المعروفة بصناعة وتجارة النّسيج. وكانت تعدّ ثاني أهم مدن الدّولة العثمانيّة قبل انهيارها عام 1914.

وبين العامين 1979 و 1982، شهدت المدينة على قمع النّظام السّوريّ لجماعة الإخوان المسلمين. وعادت في التّسعينات لتزدهر مجدّدًا نتيجة حراك تجاريّ ترافق مع سياسة انفتاح اقتصاديّ انتهجتها البلاد.


حلب المقسّمة

لحقت سوريا في آذار/مارس العام 2011 بركب ما عرف وقتها باحتجاجات 'الرّبيع العربيّ'. وانضمّت حلب إلى موجة التّظاهرات في نيسان/أبريل وأيّار/مايو من العام ذاته، إلا أنّها تعرّضت لقمع الأجهزة الأمنيّة.

ومع تحوّل الحراك في سورية إلى نزاع مسلّح، شنّت الفصائل المعارضة في تمّوز/يوليو العام 2012 هجومًا كبيرًا على المدينة تمكّنت خلاله من فرض سيطرتها على الأحياء الشّرقيّة منها.

ومنذ ذلك الحين، شهدت مدينة حلب معارك شبه يوميّة بين الفصائل المقاتلة في الأحياء الشّرقيّة وقوّات النّظام في الأحياء الغربيّة، وتراجعت حدّة هذه المعارك بعد اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة.

المدنيّون يدفعون الثّمن

ودفع سكّان حلب ثمنًا باهظًا في النّزاع الذي أسفر خلال خمس سنوات عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص.

وشهدت محافظة حلب ومدينتها موجات نزوح عديدة نتيجة المعارك التي تعدّدت أطرافها مع مرور السّنين. ويسجّل تصعيد على أكثر من جبهة منذ الأسبوع الماضي برغم الهدنة.

وأسفرت المعارك الأخيرة التي سجّل خلالها تقدّم للجهاديّين بالقرب من الحدود مع تركيّا عن نزوح حوالي 30 ألف مدنيّ.

وتعدّ معارك حلب الحاليّة الأكثر عنفًا منذ بدء تنفيذ اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة. ويهدف هجوم قوّات النّظام في المناطق الواقعة شمال المدينة إلى فرض حصار كامل على الفصائل المقاتلة في الأحياء الشّرقيّة.

ويبلغ عدد سكّان مدينة حلب حاليًّا مليون نسمة مقارنة مع 2.5 مليونًا قبل النّزاع.

ويعيش حوالى 750 ألفًا في الأحياء الغربيّة للمدينة و200 ألف في الجهة الشّرقيّة 100 ألف في الأحياء ذات الغالبيّة الكرديّة.

ويقول الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش أنّ 'المعركة الأهم هي محافظة حلب. بشّار الأسد يريد أن يبقى رئيسًا لسورية، وسورية هي حلب ودمشق معًا، وبالتّالي إذا حكم دمشق فقط فهو لن يكون إلّا نصف رئيس'.

تراث مدمّر

ودمّرت المعارك المدينة القديمة وأسواقها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالميّ. وطال الدّمار تجمّعات سكنيّة تعود إلى سبعة آلاف عام.

ولحقت بسوق المدينة التّاريخيّ أضرار فادحة نتيجة المواجهات والحرائق، فيما تحوّلت مئذنة الجامع الأمويّ العائدة إلى القرن الحادي عشر، لكومة من الرّكام.

اقرأ أيضا: موسكو: سليماني يصل لمباحثات عسكرية
كذلك لحقت أضرار كبيرة بقلعة حلب التي استعادتها قوّات النّظام من المعارضة بعد قتال عنيف.

التعليقات